أدخر مبلغ بسيطا من المال ولدي أمور هامة أريد قضاءها، فكيف أتصرف؟
2011-09-13 10:59:27 | إسلام ويب
السؤال:
أنا فتاة في أخر سنة كلية، وانقطعت عني المكافأة، وكنت قد جمعت مبلغاً من المال (تقريبا 5 آلاف) ولا أريد أن أصرفه حتى آخذ دورة حاسب، فحالتنا المادية متوسطة، لكن المشكلة أن أبي الله يهديه لا يصرف علي ولا يعطيني مالاً إلا نادراً، وإذا أعطاني يجلس يخاصم، وحتى أمي نادراً ما يعطيها، لكن إخواني موظفين ولا يقصرون معها، وكنت أريد أن أعمل عملية للنظر وأعطاني 2000 وقالي ترجعينها، وأنا هذا الشيء أثر علي نفسيتي كثيراً، وصرت أخاف من نقص المال، وأحيانا أخاف في المستقبل، وأحتاج للناس خصوصاً أن عندي ماء أزرق والعلاج يحتاج إلى المال.
أنا لا أحب أخذ حتى من إخواني ولا من أمي، والوظائف عندنا قليلة، وأهلي لا يقبلون بأي وظيفة، وهناك أناس قالوا لي تقدرين تقدمين على التأهيل الشامل للمعاقين والمرضى، ويعطوني تقريبا 4 آلاف كل سنة بسبب مرضي، ولكن أنا لست مقتنعة بالفكرة؛ لأني أشعر بأنها صعبة، ولو خُطبت ماذا سيقول عني خطيبي؟! أخاف أن يرفض الارتباط بي لأنه سيظن أني امرأة مريضة وسيتردد في الزواج مني، خصوصا أن هذا المرض وراثي، وإذا توظفت إن شاء الله أتوقع يقطعونها عني، ولذلك لا أريد أن أقدم عليهم لأنه إن شاء الله قريباً أتوظف وتنفرج، فأنا متفائلة ولله الحمد.
فكرت في التجارة عن طريق النت، لكن لم أرتح لها؛ لأني أخاف أنها وسيلة قد توقعني في المعاكسات أو أتعرض للغش ويضحك علي، وليست عندي مهارات فنية ولا مهارات في الطبخ، وليست عندي لغة إنجليزية.
عندي فكرة وهي أن أتفق مع قرطاسية أو مكتبة لا يوجد فيها كمبيوتر أنهم يعلنون أن عندهم عمل أبحاث وعروض باوربوينت، ويأخذون الطلبات من الزبائن وأقوم أنا بعمل الأبحاث والعروض في المنزل، وآخذ مكسباً مثلا لو 50% وطبعا أخواني هم الذين يتواصلون مع المكتبة والعاملين فيها، فما هو رأيكم في هذه الفكرة؟ أو ترون أن أصرف ال 5 آلاف وأمشى على المثل اللي يقول (أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) مع العلم أن دورة الحاسب مهمة عندنا جدا عند التقديم على وظيفة، وأنا أعتبر شهادة الكمبيوتر رأس مال، بالله أرشدوني فأنا في حيرة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تفاؤل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يوسّع رزقك، وأن يستر عيبك، وأن يغفر ذنبك، وأن لا يجعل حاجتك إلا إليه وحده سبحانه وتعالى، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
بخصوص ما ورد برسالتك أختي الكريمة الفاضلة أقول لك حقيقة: لقد شققت على نفسك، وأنا لا أرى حقيقة أن هناك ضيرًا أبدًا في أن تطلبي من والدتك مساعدتك؛ لأنه يستحيل أن والدتك لا تعرف عنك شيئًا، فوالدتك قطعًا تعلم بما في عينيك من هذا الماء الأزرق وتعلم أثره عليك وأنه خطر على الصحة، وأنه يمكن أن يتضاعف في المستقبل وأن يسبب لك مضاعفات، كذلك إخوانك أيضًا.
أنا أرى أن لا تستقلي عن مساعدة هؤلاء رغم أنكم جسد واحد، وأن المطالبة بالمساعدة من الأم ليس فيه شيء، وأيضًا طلب المساعدة من الأب حتى وإن كان يخاصم أولى من هذه العروض التي ذكرتيها كلها، كذلك أيضًا الاستعانة بإخوانك الموظفين على أن يساعدوك حتى تنتهي من هذه المرحلة أرى أن هذا ليس فيه أي شيء حقيقة من العنت أو عدم الواقعية.
أرى أنك تشقين على نفسك حقيقة في مسألة أيضًا الحصول على مبلغ الإعاقة هذه، ومسألة الأبحاث هذه، وكما لا يخفى عليك قضية الأبحاث هذه قد تكون أبحاثاً دراسية، بمعنى أن طالباً/ طالبة قد يطلب منه بحث فتقومين أنت بذلك نيابة عنه وفي الواقع هو لم يفعل هذا البحث، وهذا نوع من الغش، فهذا العمل لا يسلم من المؤاخذات الشرعية.
كذلك أيضًا مسألة الإعاقة أيضًا كما أشرت أنت في رسالتك، أيضًا قد يكون فيها نوع من تشويه السمعة.
أما طلبك من إخوانك ووالدتك أرى أنه شيء عادي، لأنك مهما كنت حتى وإن كنت في السنة الأخيرة فأنت فتاة ويبقى دخلك محدود في جميع الأحوال وأنك الآن لست موظفة ولا عاملة، ومن حقك أن يقفوا معك حتى تنتهي من دراستك، لأنك بذلك تصورين بيتكم أنه أشبه ما يكون بغابة يعيش فيها الناس لا يعرف بعضهم بعضًا، وهذا في الواقع أمر خطير في غاية الخطورة، وإذا كان والدك قد تخلى عن مهامه لأنه يحسب أن لديك مالاً أو أنه يحسن الظن بك من أنك مدبرة أو لعله مثلاً مشغول بالمصاريف على زوجة أخرى وأولاد آخرين، هذا كله حقيقة من الممكن علاجه بالصراحة.
أرى أنك تشقين على نفسك وتسلكين طريقًا وعرًا، في حين أن الطريق سالك أمامك، وأنت لم تقومي بالتجربة الآن حتى أقول لك أنه لا خيار أمامك. فأنا أقول: حاولي مع أبيك وبقوة، لأن هذا من حقك على والدك أن يُنفق عليك حتى تتخرجي، وأن ينفق عليك أيضًا حتى تتزوجي، فإن هذه حقوق شرعية ليست على سبيل الخيار، وإنما على سبيل الإنفاق الواجب.
كذلك طلب المساعدة من والدتك ليس فيه أي حرج ولا أدنى ضير، وكذلك أيضًا طلب المساعدة من إخوانك، بدلاً من أن تسألي جهة خيرية كما ذكرت أنت، وقد يأتي زوجك في المستقبل فيعلم أنك كنت تتقاضين إعانة من الشؤون الاجتماعية أو المعاقين، فينظر إليك نظرة دونية، ولكن إخوانك هم ستر عليك.
أرى -بارك الله فيك- أن تركزي على حل المشكلات من الداخل، بمعنى أن تتكلمي مع الوالد، وأن تقولي له بأن (عيني فيها كذا و كذا وأريد المساعدة، ولو على سبيل القرض، وعندما أنتهي من الدراسة وأوظف في وظيفة سوف أجعل أول اهتماماتي سداد الدين لك) وإن كان هذا الأمر غير واجب بالنسبة لك شرعًا، إلا أننا نقول: دعينا بما أنكما تتفقان على ذلك، وهذا حقيقة أولى وأستر عليك من جهة أخرى.
إذا لم يتيسر ذلك من والدك أو دفع لك بعض المال فأرى أن تتوجهي للوالدة وأن تتوجهي لإخوانك، لأنكم جميعًا إخوة وأنكم من رحم واحدة، وأن التعاطف بينكم قوي، وأن التواصل بينكم متين، هذه فطرة الله تعالى ليست خاصة بأسرتك أنت وحدك، وإنما هذا أمر في كل غالب الأسر الطبيعية، أنهم يشعرون أنهم كالجسد الواحد، وأن الإنسان إذا احتاج من أخيه أو أخته شيء فإنه يقدمه له، حتى وإن كان على سبيل القرض فلا أقل أن يكون قرضًا حسنًا وطويل الأجل، خاصة وأنت في نهاية دراستك وفي آخر سنة من الدراسة الأخيرة، وعما قريب سوف تتخرجين بإذن الله تعالى، وسوف تدرسين دورة الحاسوب، وبإذن الله تعالى لعل الله أن يمنّ عليك بعمل طيب لا يتعارض مع الشرع ولا يتعارض أيضًا مع ظروفك الصحية والنفسية، ومن خلاله تستطيعين أن تعيشي حياة كريمة وأن تردي الجميل لأبيك، وأيضًا تساعدي من يحتاج إلى المساعدة من أهلك وأرحامك وأخواتك.
أرى أن تلك الطروحات التي أشرت إليها بعيدة حقيقة عن الواقع، ولكن أرى أن نبدأ حقيقة من داخل الأسرة بأن نطلب من الوالد أولاً المساعدة، وأن تلحي في ذلك، حتى وإن قال ما قال لأن هذا واجب عليه، كذلك الوالدة إذا تعذر أن يمد إليك الوالد يد المساعدة، فعليك بالوالدة وعليك بإخوانك وأخواتك، فذلك أفضل ألف مرة ومرة من هذا.
إذا لم يتيسر ذلك فاصرفي المبلغ المقرر للدورة في الحاسب، وعالجي نفسك الآن، وبعد نهاية الدراسة يفعل الله ما يشاء، لأن الله لا يضيع أهله ولا يتخلى عن عباده أبدًا.
أسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يعينك على الانتهاء من الدراسة على خير، وأن يجعلك من المتميزات المتفوقات، وأن يمنّ عليك بالزوج الصالح المبارك، وأن يوفقك للعمل الذي لا يتعارض مع الشرع، ولا يتعارض مع حالتك الخاصة.
هذا وبالله التوفيق.