الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فحسب ما ورد في رسالتك، أقول لك من الناحية التشخيصية: حالتك هي حالة من حالات القلق البسيط، ونسميها بالرهاب الاجتماعي الظرفي، أي الخوف من المواجهة تحت ظروف معينة، ومن حسن حظك أن حالتك هي استجابة اجتماعية لظرف معين، فأنت تستطيع أن تخاطب المجموعات الصغيرة من الناس، لكن قد تجد صعوبة في مواجهة الأعداد الكبيرة.
الشعور بارتجاف الرجلين وجفاف الحلق والتلعثم في الكلام، هي مشاعر تنتج من تغيرات فسيولوجية، هنالك بعض المواد التي تُفرز أثناء القلق، وهذه المواد حين تُفرز بدرجة معقولة يكون القلق قلقًا إيجابيًا، أو ما نسميه بقلق الإنجاز أو قلق التنفيذ، فالإنسان يحتاج إلى أن يقلق حتى يحفز نفسه من أجل الأداء الحسن، لكن هذه المواد الكيميائية حين تُفرز بكميات أكبر هذا قد يعرقل سلاسة الكلام، وقد يشعر الإنسان بالارتجاف وجفاف الحلق كما ذكرتَ.
أضف إلى ذلك – وهذا مهم جدًّا – أن هذه الأعراض يحس بها صاحبها بدرجة كبيرة جدًّا من المبالغة، أي لا تكون على حقيقتها، بمعنى آخر: تكون هنالك أعراض لكنها أقل بكثير مما يتصورها الإنسان.
وهنالك أيضًا حقيقة علاجية أريدك أن تستوعبها أيها الأخ الفاضل الكريم: هذه المشاعر التي تحس بها لا يشعر بها الآخرون، ولا تكون هنالك أي ملاحظة من قبلهم، فمثلاً أنت تحدثت عن صعوبة الكلام، وفي تجربة علمية رائدة قام أحد العلماء النفسانيين بتصوير وتسجيل - عن طريق الفيديو - الأشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي في مواقف تتطلب المواجهة، وحين عُرضت عليهم هذه الأفلام التي من خلالها اطلعوا على أدائهم أمام الآخرين، وجدوا أن أداءهم كان جيدًا، ولم يكن بنفس المستوى الذي يتصورونه، فهذه مشاعر أكثر مما أنها حقيقة متغيرة أو حالة من الانشداد العصبي الشديد، هذا التوضيح مهم جدًّا لأنه وسيلة علاجية طيبة.
ثانيًا: هذا النوع من الخوف أو الخجل الاجتماعي – إن شئت أن تسميه – يعالج عن طريق المواجهة، وأن تكثر من المواجهات، وحين تواجه الناس تذكّر أنهم بشر مثلك، وتذكر أنك أنت في وضع أفضل، لأنه قد تم اختيارك لأن تقدم شيئًا أن تعرض موضوعًا معينًا، وهذا دليل على وجود مقدرات أساسية فيك أهلتك لهذه المواجهة. هذا مهم جدًّا.
ثالثًا: أريدك أن تقوم ببعض التفاعلات الاجتماعية المباشرة والمفيدة. مثلاً: وجد أن الذين يحضرون حلقات تلاوة القرآن يزال عنهم الخوف الاجتماعي، في الأول قد يكون الإنسان خائفًا ومترددًا خاصة إذا لم يكن مجيدًا ومجودًا للقرآن مثلاً، فتجده قد يحس بشيء من الخوف والرهبة، لكن من خلال التحفيز والتشجيع الذي يجده من الأخوة الآخرين في هذه الحلقات تجد أن الطمأنينة قد شملته وأن الخوف قد انتهى تمامًا. هذه نصيحة علاجية مهمة يجب أن تأخذ بها.
الرياضة الجماعية أيضًا مثل ممارسة كرة القدم مع مجموعة من الأصدقاء، هذه مفيدة جدًّا لأن الإنسان يتفاعل شعوريًا ولا شعوريًا في مثل هذا النشاط الرياضي، وأن تكون دائمًا في الصفوف الأمامية، في المناسبات الاجتماعية، هذا وجد أيضًا مفيدًا.
دائمًا حاول أن تزود نفسك ببعض المعلومات الطيبة والمفيدة والتي تجذب انتباه الآخرين، حين تأخذ المبادرات وتطرح بعض المواضيع سوف تجد أنك أصبحت محط اهتمام الآخرين، وهذا يعطيك شعوراً بالرضى، ويعطيك شعوراً كبيراً بأن مقدراتك الذاتية أكبر مما تتصور.
الجزء الأخير أخي الكريم هو أني أود أنصح لك بدواء، دواء مفيد جدًّا وفعال جدًّا في علاج الخوف والخجل الاجتماعي، يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) واسمه العلمي هو (باروكستين) أنت محتاج له في الحقيقة بجرعة صغيرة وليست جرعة كبيرة، هذه الجرعة الصغيرة نعني بها أن تبدأ بنصف حبة، تناولها ليلاً بعد الأكل، وبعد عشرة أيام ارفعها إلى حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، هذا الدواء من الأدوية المفيدة الفاعلة غير الإدمانية وغير التعودية، -وإن شاء الله- حين تتناوله بانتظام والتزام وتطبق التمارين السلوكية الأخرى سوف تُشفى تمامًا من هذا الخوف أو ما نسميه بالرهاب الاجتماعي البسيط.
ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول العلاج السلوكي للرهاب: (
269653 -
277592 -
259326 -
264538 -
262637 ).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.