الوسواس المرضي... ومعاناتي مع ذلك
2011-06-29 08:25:49 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسال الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفي كل من يعاني مثلي من الوسواس، يا دكتور سأشرح لك حالتي:
أنا فتاة عمري 22 سنة، عزباء، يصيبني خوف من الأمراض منذ كان عمري حوالي 18سنة تراودني هذه الحالة، في البداية أصابني وسواس بمرض البهاق؛ حيث أنه ظهر على جسمي بقع بيضاء، وخفت أنه ذلك المرض؛ لأنه أصاب ابن خالتي، ذهبت للمستشفى لأن وقتها والدتي مازالت على قيد الحياة، وطلع نقص فيتامين، بعد فترة أصيبت أخت صديقتي بمرض الوجه فقلقت، وأصابني الخوف، وأصبحت أراقب وجهي يوما بعد يوم، وأصبحت تحمر عيناي، ويزيد القلق، ومع الحياة نسيت هذا المرض بعد فترة عند بلوغي 20 سنة أصبحت الأفكار تزداد، وأصبحت أفكر بأني سأصبح حاملا، وأجلب العار لأهلي علما بأني عذراء، ولم يمسسني أحد، وأخذت أنتظر حتى تأتيني الدورة الشهرية وأرتاح، وعند بلوغي 21 سنة أصيبت والدتي بمرض الكبد الوبائي، واستمر معها المرض وهي تعاني، وأخذت تنتقل من مستشفى إلى أخر، وفي نفس الفترة أصيبت والدة إحدى صديقاتي بسرطان الثدي عافانا الله، وأصابني وسواس أن المرض سيصيبني، وأصبحت أراقب ثديي يوما بعد يوم، لكن مع الأيام توفيت والدتي قبل 3 أشهر، وحزنت كثيرا، وبعد وفاتها بشهر رجعت لي الأفكار بأنه سيصيبني مرض السرطان في الثدي، وأصبحت أراقب ثديي صباحا ومساءً، وأعمل فحصا كل ساعة خوفا من وجود كتل، لكن لا يوجد شيء.
ومع مرور الوقت أصبحت أشعر بأعراض، فأصبحت أشعر ببعض النغزات في ثديي، وأصبحت أنظر إلى المرآة وأقول بأن واحدا أكبر من الآخر، وأصبح تحت صدري كالورم، وتحت إبطي أيضا، لكنها بسيطة جدا وغير صلبة، كأنها ترهل جلد فقط من كثرة ما عملت الفحص يمكن طلعت فزداد الخوف أكثر، وعندما رأيت تلك الانتفاخات التي تشبه الأورام طلبت من أختي وخالتي أن ينظروا، ويخبروني هل هي واضحة ومخوفة لكن عندما رأوها قالوا ما في شيء هذا شي طبيعي، ولا داعي للقلق لكن لا أستطيع الذهاب للمستشفى لقطع الشك باليقين فأصبحت بعد وفاة أمي أكره المستشفيات، وأحيانا تصدر مني تصرفات غريبة كأن أرجع أتأكد من الشيء أكثر من مرة لأتأكد، وأيضا أحيانا تراودني أفكار في رأسي مثل سب الدين والروح الإلهية، علما بأني مؤمنة، وأصلي، وأصوم، وأقرأ القرآن، لكن تأتي غصبا عني ليس بإرادتي، وهذا القلق والوسواس المرضي دمّر حياتي!
وأصبحت حزينة لا أعرف للنوم طعما، ولا للراحة بالا، وعندما أحكي لصديقاتي أنني أخاف من مرض السرطان في الثدي يقولون هو لا يصيب البنات في عمرنا إلا نادرا، والوسواس الذي أصبح مسيطرا على تفكيري الآن هو مرض سرطان الثدي، لدرجة أني تخيلت مراحل العلاج، ووضعت نفسي كأني أمر بمراحل العلاج، وأصبحت أقرأ عنها في النت، فما الحل -يا دكتور جزاك الله خيرا- فالوسواس بالمرض يكاد يقتلني؟
أرجوك انصحني وأخبرني -يا دكتور- وأرحني هل هو مرض سرطان حقيقي أم وهم؟
علما أيضا بأن جسمي نحيف، ولست سمينة، أريد حلا لكن بدون أدوية؟
انصحني جزاك الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حلا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد،،،
فبارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
بالنسبة لحالتك فواضحة جدًّا وقد شرحتها بصورة جيدة، وهذه الحالة هي حالة من المخاوف الوسواسية المرضية، ومثل هذه الحالات فعلاً مزعجة لصاحبها، ويعيش الإنسان دائمًا تحت التهديد والقلق التوقعي، والجانب الوسواسي لديك واضح جدًّا، ودعمت هذه الوساوس بالخوف المرضي.
أولاً: العلاج يتمثل في صد هذه الأفكار، وتحقيرها وتجاهلها، ورفضها، هذا مهم جدًّا، ومن المعروف أنه ليس بالسهل، لكن الإنسان يمكن أن يدرب نفسه على ذلك.
ثانيًا: طبقي تمارين الاسترخاء، فيها فائدة كبيرة جدًّا، وهذه التمارين للتدرب عليها يمكنك تصفح أحد مواقع الإنترنت التي توضح كيفية تطبيقها.
ثالثًا: عليك أن تديري وقتك بصورة صحيحة، ولا تضعي للفراغ أي مجال.
رابعًا: - وهذا يجب أن يكون أولاً - وهو أن تكوني حريصة على الدعاء، وأن تسألي الله تعالى أن يحفظك.
خامسًا: انخرطي في أعمال خيرية مثلاً، أو اذهبي إلى أماكن تحفيظ القرآن، وذلك بهدف أن تتوجه طاقاتك نفسية إلى أمور مفيدة وإيجابية، وهذا يقلل من الوسوسة والمخاوف المرضية.
سادسًا: دائمًا اجعلي مقارنات بينك وبين الآخرين، (ما الذي يجعلني أفكر بمثل هذا، هذا فكر وسواسي سخيف، لماذا لا أكون مثل بقية الناس، ولا أتوقع المرض، وأنا في حفظ الله وفي حرز الله وفي كنف الله) هذه المخاطبات النفسية الداخلية مهمة جدًّا.
سابعًا: الجزء الأخير في العلاج هو العلاج الدوائي، وأنت قد ذكرت أنك تريدين علاجًا بلا أدوية، وقد ذكرت لك الخطوات التي إذا طُبقتها سوف تفيدك بدرجة كبيرة، لكن قطعًا القلق سوف يظل موجودًا، وإن كان بدرجة أقل؛ لذا أنا حقيقة وحتى تكون الرزمة العلاجية رزمة كاملة أنصحك بتناول الدواء، والدواء ليس منقصة أبدًا، إنما هو مطلوب في مثل هذه الحالات، وسوف تحسين إن شاء الله تعالى براحة كبيرة، والأدوية المضادة للمخاوف والقلق والوساوس ذات فعالية ممتازة في مثل هذه الحالات.
هنالك عقار يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس) ويعرف علميًا باسم (إستالوبرام) يعتبر نموذجيًا ومثاليًا، وذلك لأنه مفيد، ولأنه سليم، ولا يؤدي إلى الإدمان أو التعود، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، وبدونه لا أعتقد أن مستوى القلق والمخاوف والوساوس التي لديك سوف تنقطع انقطاعًا تامًا، وذلك لسبب بسيط: أن المخاوف مهما كانت أسبابها - وكذلك الوسواس - هنالك مكون كيميائي تغيرات تحصل داخل الدماغ أسبابها غير معروفة، والدواء يضع المسارات الكيميائية إن شاء الله في مسارها الصحيح، هذا هو الذي أود أن أقترحه لك.
وجرعة السبرالكس بسيطة وهي حبة واحدة من فئة عشرة مليجرام، تتناولينها ليلاً يوميًا لمدة شهر، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى عشرين مليجرامًا يوميًا، استمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ستة أشهر، وهذه هي الجرعة الوقائية، بعد ذلك تخفض إلى خمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، وبعد شهر توقفي تمامًا عن تناول الدواء.
هذه هي الخطوات العلاجية السلوكية، وكذلك الدوائية، وهنالك أمر أخير أود أن أنصحك به وهو: أن تراجعي طبيب الأسرة مرة واحدة كل ستة أشهر، هذا دائمًا يطمئن الإنسان ويمنعه التنقل بين الأطباء والتردد عليهم، والطبيب سوف يقوم بإجراء فحوصات عامة، تأكدي من مستوى قوة الدم، ووظائف الكبد والكلى والسكر، وأنا على ثقة تامة إن شاء الله أن كل شيء سوف يكون سليمًا، لكن هذه وسيلة لبعث الطمأنينة بالنسبة للذين يعانون من قلق المخاوف الوسواسي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.