الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ manal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فحقيقة مشكلتك ليست مملة، وليست سخيفة، هي مشكلة حقيقية، وإن شاء الله تعالى نبذل كل الجهد في أن نوجه لك النصائح، التي نسأل الله تعالى أن ينفعك بها.
هذا الشعور بالإحباط، وبضعف الشخصية، وعدم الفعالية، والتشاؤم، ونظرتك السلبية لذاتك، وللماضي، وحاضرك، ومستقبلك، ومن حولك، هي سمة من سمات الاكتئاب النفسي، والذي لفت نظري أن كلمة الاكتئاب لم ترد أبدًا في رسالتك، بالرغم أن كل محتوى رسالتك يعطيني صورة مجسمة جدًّا لهذا الاكتئاب، وأنت في عمر الاكتئاب حقيقة، والاكتئاب يمكن أن يعالج، فأبشري، وحقيقة أنا سعيد جدًّا أنك قد تواصلت معنا، نحن لا نزكي أنفسنا في هذا السياق، لكنننا إن شاء الله تعالى نسأل الله أن يوفقنا، وأن ينفع بنا، وأن نكون سببًا في مساعدتك.
هذا الفكر السلبي، المشوه، المستحوذ عليك، يجب أن يبدل، ويجب أن يغير إلى فكر إيجابي، وأنت لك إيجابيات كثيرة في حياتك، لكن الفكر السلبي جعلك تتناسين هذه الإيجابيات، فأنت أم، وأنت زوجة، وأنت في هذه الأمة المحمدية العظيمة، ولك ميزات إيجابية كثيرة أخرى، يجب أن تستبدلي الفكر السلبي بفكر إيجابي.
ثانيًا: عليك أن تديري وقتك بصورة صحيحة، لا تدعي للفراغ أي مجال أن يسيطر عليك، ما وصفته بضعف الشخصية هذه مشاعر سالبة، لا يوجد ترمومتر نقيس به الشخصية، الأمر نسبي جدًّا، والإنسان إذا أراد أن ينظر لنفسه بصورة إيجابية، يجب أن يحب نفسه، فأنت مطالبة بأن تحبي نفسك، وإذا نظرت هذه النظرة سوف تتحسن إرادتك تلقائيًا، كره الذات هو الذي يشعر الإنسان بضعف ذاته، التفكير السلبي يجعل الإنسان يحس بأن ثقته مهزوزة في نفسه، يجب أن تغيري هذه المفاهيم، وتبدئي فكرًا نفسيًا جديدًا.
ثالثًا: أرى أنك في حاجة ماسة للعلاج الدوائي، ويعتقد أن الفكر السلبي الاكتئابي من هذا النوع ربما يكون لكيمياء الدماغ علاقة مباشرة به، حتى وإن كنت تعانين من هذه الأعراض من فترة طويلة، لذا فتصحيح المسارات الكيميائية فيما يخص الناقلات، أو ما يسمى بالموصلات العصبية - ومن أهمها مادة السيروتونين- يعتبر أمرًا مهمًا وضروريًا.
أنا أرى أن عقار (بروزاك) سوف يكون دواءً جيدًا، وممتازًا بالنسبة لحالتك، واسمه العلمي هو (فلوكستين)، وربما يوجد في الأردن تحت مسميات أخرى، الجرعة التي تبدئين بها هي كبسولة واحدة في اليوم، تناوليها بانتظام بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك ارفعيها إلى كبسولتين في اليوم - أي أربعين مليجرامًا - وهذه هي الجرعة المطلوبة في حالتك، والتي يجب أن تستمري عليها لمدة ستة أشهر، بعدها خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم، واستمري عليها لمدة عام، وهذه ليست مدة طويلة أبدًا، لأن هذا الدواء سليم، ودواء فعال، وسوف يساعدك كثيرًا.
هنالك دواء إضافي نعتبره دواء مساعدا وداعما، ومزيلا للقلق، الدواء يعرف تجاريًا باسم (ديناكسيت) أريدك أيضًا أن تبدئي في تناوله بجرعة حبة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقفي عن تناوله، ولكن يجب أن تستمري في تناول (البروزاك) كما وصفته لك.
لا شك أنك مطمئنة لحالتك الجسدية، وذلك من خلال إجراء الفحوصات الطبية الروتينية، ومن الفحوصات التي نركز عليها كثيرًا في مثل حالتك هي وظائف الغدة الدرقية، فأرجو أن تقومي بهذا الفحص، لأن كثيرا من النساء قد يصبن بعجز في إفراز الغدة الدرقية، خاصة في مثل عمرك، وهذا قد يسبب الإحباط، ويسبب الاكتئاب النفسي.
لا أعتقد أنك مصابة بهذا العجز، ولكن هذه معلومة علمية ضرورية، والتأكد والتيقن دائمًا أفضل، ويقضي على الشك.
بالنسبة لعلاقتك مع زوجك الفاضل، أعتقد أنه لا يوجد أي مساس في علاقتكم الزوجية حسب ما استشعرتُ، أنت ذكرت فقط أنه لا يتفهم مشكلتك، لكن أعتقد أن الاكتئاب هو الذي زاد من انسحابك الاجتماعي، وجعلك تنقلين الأمور بحساسية شديدة.
من الواضح أنك أم مقتدرة، وزوجة محبة، فلا تقللي أبدًا من مقدراتك، ومن شأنك.
أنا أنصحك أيضًا بالتركيز على التواصل الاجتماعي المفيد، التواصل الاجتماعي يعطي الإنسان ثقة في نفسه، ويزيد من مقدراته، ولا تحكمي على نفسك أبدًا بمشاعرك، احكمي على نفسك بأفعالك، فأنت حين تديرين وقتك بصورة ممتازة: الإشراف على البيت، الزوج، الأولاد، صلة الأرحام، التواصل الاجتماعي كما ذكرنا، الذهاب مثلاً إلى مراكز تحفيظ القرآن والاستفادة منها... هذا عمل جليل وكبير، يشعرك -إن شاء الله- بالغبطة، والسعادة، وهذه هي الطريقة الوحيدة لتغيير المشاعر السلبية.
أسأل الله لك العافية، والشفاء، ونشكرك كثيرًا على التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرناه لك من إرشاد ووصف للدواء.
وننصحك بمراجعة هذه الاستشارات التي تتحدث عن كيفية تقوية الشخصية سلوكيا: (
225512 -
239454 -
249371)، وتعزيز الثقة بالنفس سلوكيا: (
265851 -
259418 -
269678 -
254892).
وبالله التوفيق.