الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ معاذ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فرسالتك أوضحت محطات رئيسية توضح لنا وبصورة جلية أنك بالفعل تعاني من الوساوس القهرية، ووساوسك ليست وساوس أفعال إنما هي وساوس أفكار واجترارات، والوسواس من هذا النوع يتسلط على الإنسان ويسبب له الكثير من الألم النفسي.
تولد الأفكار وتكرارها واجتراراتها للدرجة التي تستحوذ على فكر الإنسان، وهذا يسمى بالباب الدوار، هذا النوع من الوساوس يستجيب بصورة جيدة جدًّا للعلاج، والتفكير المتكرر والذي يحمل الطابع التشاؤمي وإثارة الذكريات السيئة هو دليل على أن الوساوس أدت إلى حالة اكتئابية بسيطة، هذا الاكتئاب ليس اكتئابًا مطبقًا أو شديدًا.
أما بالنسبة لتحملك لهموم الغير فهذه ظاهرة كثيرًا ما نشاهدها لدى الذين يعانون من الوسواس القهري، وقد فسّر العلماء هذه الظاهرة بأن معظم الذين يعانون من الوساوس القهرية تجدهم من أصحاب الشخصيات الحساسة المتزنة، ودرجة اليقظة والضميرية والقيم الفاضلة لديهم عالية جدًّا؛ لذا هم يؤذون أنفسهم ويساعدون الآخرين، فهذه إن شاء الله تعالى ليست ميزة سيئة وإن كانت متعبة لك.
أرجو أن يكون هذا الشرح المقتضب قد ساعدك في تفهم حالتك، ومن وجهة نظري أن معرفة التشخيص مهمة جدًّا للإنسان وتمثل جزءاً كبيرًا في العلاج.
خطوات العلاج الأخرى هي: أن تسعى بقدر المستطاع لتحقير هذه الوساوس القهرية، وعدم الاهتمام بها وتجاهلها.
ثانيًا: أرجو أن تربط هذه الأفكار الوسواسية بأفكار مضادة لها تمامًا أو يمكن أن تربطها بأفعال منفرة ومقززة، مثلاً: حين تأتيك الفكرة الوسواسية - أو يمكنك أن تستجلبها قصدًا بهدف العلاج - فكر في الفكرة الوسواسية، وبعد ذلك تذكر حدثا شنيعا وسيئا ومأساويا، اربط ما بين الاثنين، كرر ذلك، وجد علماء السلوك أن هذا قد يؤدي إلى ما يعرف بفك الارتباط الشرطي، وهذا يُقصد به أن الربط بين الاثنين سوف يَضعف الفكرة الوسواسية.
تمرين آخر شبيه وهو: أن تفكر في الفكرة الوسواسية وتقوم في النفس الوقت بالضرب على يدك بقوة وشدة على جسم صلب، لابد أن تحس بالألم في يدك، هذا التمرين يُكرر عشر مرات متتالية، الفكرة مع الضرب على اليد، وُجد أن هذه المتنافرات لا تلتقي - أي الألم والفكرة الوسواسية - وهذا في نهاية الأمر أيضًا يؤدي إلى ضعف الفكر الوسواسي.
ثالثًا: أنت محتاج لعلاج دوائي مضاد للوساوس ومحسن للمزاج، وبفضل الله تعالى الأدوية الآن توجد وهي فعالة وممتازة جدًّا، لكن لتتحصل إن شاء الله على أقصى درجات النفع منها يجب أن يكون هنالك التزام قاطع بتناول الجرعة في وقتها وللمدة المحددة.
من أفضل الأدوية التي تفيد دواء يعرف علميًا باسم (فلوكستين) ويعرف تجاريًا باسم (بروزاك) وله مسميات تجارية أخرى، وهو لا يحتاج لوصفة طبية. ابدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرون مليجرامًا، استمر عليها لمدة أسبوعين، بعد ذلك ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك توقف عن تناول الدواء.
أود أن أؤكد لك أن الفلوكستين فعال جدًّا، فعاليته تظهر بعد اكتمال البناء الكيميائي، وهذا يتطلب أربع إلى خمس أسابيع من التناول المستمر للدواء، هذه هي الخيارات العلاجية، وأرجو أن تأخذها مع بعضها البعض كرزمة وحزمة واحدة، أي الدواء مع التوجيهات السلوكية التي ذكرناها لك، وفي ذات الوقت: يجب أن تدير وقتك بصورة جيدة، ولا تترك مجالاً للفراغ.
ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول منهج السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية: (
272641 -
265121 -
267206 -
265003 ).
أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.