الوساوس والخوف من الموت

2011-06-02 09:44:31 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور الفاضل/ محمد عبد العليم .. أنا صاحب الاستشارة رقم 2116568، والتي كانت عن حالة الوسواس والقلق والخوف من الموت، وأشكرك جزيل الشكر على ردك واهتمامك يا دكتور.

دكتور محمد فعلا كما قلت لي بأن حالتي مزعجة، وفعلا هي مزعجة جدا جدا، وبالنسبة لي صرت أراها جحيما، لا أدري قد أكون أضخم الأمور فوق ما تستحق أو قد أكون أعطيها أهمية فوق ما تحتاجها تلك الحالة.

لكن يا دكتور فعلا هذه الحالة أثّرت على حياتي، وصرت أخاف من الموت وأتوقعه وأقلق من المستقبل، وأيضا بسبب خوفي من الموت صرت أخاف أن أصل لمرحلة إيذاء نفسي، فتزداد عندي الحالة، ولاحظ أن قصدي (الخوف من أن أؤذي نفسي وليس التفكير في إيذاء نفسي... حتى صار عندي اكتئاب، مما جعلني لم أعد أستمتع بما أفعله كما كنت في السابق، أحس أحيانا بأني سأبكي.

أنا من طبعي حساس وعاطفي، وأنا أضخم الأمور كما يقولون لي وأخاف على نفسي كثيرا من أي سوء، وقد يكون لهذا أثر على حالتي، وطبعا بعض الأصدقاء كانوا يستغربون من مراجعتي لطبيب نفسي، وكانوا يقولون لي أنه لا يبدو علي أي آثار للمرض النفسي، وأريد منك يا دكتور أن تنصحني ماذا أفعل؟

فحالتي عكرت حياتي، وأصبحت نقطة سوداء في ذاكرتي، وأخاف أن تبقى هذه الذاكرة معي.

وللعلم أن ذاكرتي قوية ـ والحمد لله ـ فبمجرد أن أرى أو أتذكر مكانا كنت فيه وكانت الحالة عندي فأتضايق من رؤية أو تذكر ذلك المكان، أو أريد أن أزيل وأمحو هذه الذاكرة، وهذه المرحلة من مخيلتي ومن ذاكرتي، لأن مجرد تذكرها يزعجني ويؤثر على حالتي، وأعود وأؤكد لك على سؤالي هل حالتي خطيرة؟ وهل أحتاج إلى جلسات إرشاد نفسي لتعديل المفاهيم لدي؟

وحاليا أتناول السيرترالين كما نصحتني، وقال لي الطبيب أن أتناول البروبرانولول 10صباحا، فهل ذلك مفيد لحالتي؟ وهل من الممكن الشفاء والخلاص والعودة إلى شخصيتي السابقة ووضعي الطبيعي؟

شكرا لك دكتور محمد عبد العليم ولشبكة إسلام ويب.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فنشكر لك تواصلك معنا وعلى ثقتك في شخصي الضعيف، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

نحن على اتفاق تام في أن هذه المخاوف وهذه الوساوس مزعجة، لكني أؤكد لك وبصورة قاطعة جدًّا أنها ليست خطيرة، وأن صاحب الخوف الوسواسي لا يُوقع أي أذىً بنفسه، هذه مثبتة، ولا يوقع أيضًا أذىً بالآخرين، وهذه أيضًا أُثبتت من خلال الكثير من البحوث.

أخي الكريم: يمكن للإنسان أن يتخيل أسوأ ما يمكن أن يحدث، لا مانع من ذلك، الكثير من علماء النفس مثل (ديل كارنيجي) يرون أن الإنسان حين يتملكه القلق والخوف عليه أن يفكر في أسوأ ما يمكن أن يحدث.

هذه الطريقة وُجد أنها توصل الإنسان إلى قناعات أن السيئ لن يحدث، لأنه ما دام قد تذكره وحضر نفسه له فبصورة تلقائية جدًّا سوف يُدبر ويتخذ التحوطات التي تمنع حدوث ما هو أسوأ.

هذه الفرضية فيها شيء من التفكير الفلسفي، لكن من وجهة نظري أنها مُقنعة جدًّا، فانتهاجك لمثل هذا المنهج ربما يفيدك.

والأمر الآخر: أنت تعرف أن الأدوية الآن فعالة جدًّا، وغيرت حياة الناس بصورة إيجابية، وعقار سيرترالين هو دواء ممتاز وفعال جدًّا، لكن من الضروري الالتزام بجرعته والصبر عليه وأن تسأل الله تعالى أن يجعله سببًا في شفائك.

بالنسبة للبروبرانولول والذي أضافه الطبيب هو دواء مساعد يساعد حقيقة في التحكم في الأعراض الفسولوجية التي تصاحب القلق والخوف، فهو دواء لا بأس به، وأعتقد أن جرعة عشرة مليجرام صباحًا هي جرعة صغيرة نسبيًا، يفضل أن تجعلها عشرة مليجرام صباحًا وعشرة مليجرام مساءً على الأقل لمدة شهر، بعد ذلك يمكنك أن تخفض الجرعة إلى عشرة مليجرام في الصباح لمدة شهر أو شهرين.

أمر آخر أخي الكريم ومن وجهة نظري هذا مبشر جدًّا: أن الإنسان يتطور مع مرور الأيام، يتطور فكرًا ويتطور وجدانًا ويصبح أكثر صلابة ويجد أنه قد تواؤم كثيرًا مع نفسه ومع ذاته وأصبح أكثر تفهمًا لنفسه وهذا قطعًا يساعده كثيرًا على تطوير ذاته.

هذا أمر أيضًا حقيقة مشجع ومشجع جدًّا، وأنت في بدايات سن الشباب حيث الطاقة النفسية والجسدية وأمامك الكثير الذي يمكن أن تقوم به، وحقيقة ربما يتمنى الشخص الذي في مثل موقفي أن يقول (ليت الشباب يعود يومًا ليقوم بفعل الكثير والكثير) لكن الحمد لله تعالى على ما وهبنا وأعطانا، ونسأل الله تعالى أن يبارك لك ولنا في أعمالنا وأرزاقنا وأعمارنا.

أخي الكريم (محمد): أرجو أن تجتهد في دراستك، أرجو أن تنظر للحياة نظرة إيجابية، الحق عز وجل أودع فينا آليات التغيير، هي قوة مختبئة داخلية، الذي يقتنع بوجودها سوف تتفاعل هذه القوة تلقائيًا لتجعله يتخلص من الفكر السلبي السيئ.

أخي: لا تحكم على نفسك أبدًا بمشاعرك هذه، احكم على نفسك بأفعالك، وهذه حقيقة مهمة جدًّا، يجب أن تكون شخصًا منجزًا، فاعلاً، نافعًا لنفسك وللآخرين، وهذا حقيقة يجعلك وكما نقول دائمًا تحس بالرضى.

موضوع الاستعانة بعد الله تعالى بمرشد نفسي لتعديل المفاهيم: هذا لا بأس به إذا كان ذلك ممكنًا، لكن الأمر واضح وجلي، وهو أن أتذكر إيجابياتي، أن أبحث عنها، أن أكون منصفًا لنفسي، لا أحقر مقدراتي.. هذا هو المفهوم الإيجابي الصحيح، فالعملية عملية موازنة بين ما هو جيد وما هو سيئ، يجب أن لا ندع أي مجال للفكر السلبي لأن يستحوذ علينا.

فيا أخي الكريم: كن على هذا المنوال وكن متفائلاً، وتذكر أنك أفضل من كثير من خلق الله، هذا يجب أن نتذكره دائمًا، وهذه نعمة عظيمة.

بارك الله فيك أخي الكريم، سعدتُ جدًّا برسالتك، وأسأل الله لك الشفاء والعافية، وأنا على ثقة تامة بإذن الله تعالى أن الأيام الطيبة آتية ولا شك في ذلك.

وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net