الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نغم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمعظم الذين يشتكون من الشكوك حول الإسلام وحول العقيدة ويؤدي ذلك إلى الشعور بالحزن والكدر، هذا ناتج من وساوس قهرية.
الوساوس تأتي في عدة صور منها الشكوك، وتكون هذه الشكوك أفكارا سخيفة فارضة نفسها على الإنسان، وتجعله يدخل في تأويلات وتحليلات وتفاصيل لا داعي لها أبدًا، ويكون الإنسان كثير التردد ضعيف التيقن، وتجد الإنسان يكابد نفسه ويجاهد نفسه بأن يقنع ذاته بأن هذه الأمور ليست صحيحة، ولكن بما أن الفكرة هي فكرة اجترارية مستحوذة تعود إليه مرة ومرة.
أيتها الفاضلة الكريمة: أقول لك إن الوساوس يمكن علاجها، والعلاج يتأتى من أن تتفهمي بأنها وساوس، والوساوس حول العقيدة كثيرة جدّا، والوساوس تعالج بتحقيرها، وتتفيهها، وأن نربطها بشيء مخالف أو ما نسميه بالمنفرات أو بالمقززات, مثلاً فكري حول هذه الشكوك والنظرة الفلسفية حول الدين، وأنت تفكرين فيها تذكري حدثا بشعا أيًّا كان نوع هذا الحادث، اربطي الاثنين معًا، وفكري في هذا الأمر بعمق شديد, انقلي نفسك لفكرة أخرى، اربطي هذه الشكوك والوساوس بأن توقعي الألم على نفسك، قومي بالضرب مثلاً على يدك بقوة وشدة على جسم صلب حتى تحسين بالألم, الربط ما بين الألم والشكوك الوسواسية يُضعفها، بشرط أن يكرر هذا التمرين عدة مرات، وأن تكون هنالك جدية وتركيز وقناعة بأنه مفيد.
مخاطبة الفكرة الوسواسية نفسها بأن تقولي لها: (قفي، قفي، قفي، أنت فكرة حقيرة، أنت فكرة حقيرة, يكرر هذا عدة مرات, هذه كلها وسائل جيدة وطيبة لعلاج مثل هذه الحالات، و البشرى الكبرى أنه توجد الآن أدوية تقتلع إن شاء الله تعالى هذه الشكوك، وربما تستغربين ما علاقة الأدوية بهذا النوع من الشكوك؟ أقول لك العلاقة وثيقة وقوية وقائمة على ثوابت علمية، وهي أنه اتضح أن بعض المناطق في الدماغ -منها مناطق في جزء من الدماغ يسمى بالفص الصدغي- وُجد أن بعض المواد الكيميائية يضطرب إفرازها وهذا يؤدي لهذه الوساوس، ومن هذه المواد مادة تعرف (بالسيروتونين)، ولا يمكن قياس هذه المادة في أثناء الحياة، لكن الحمد لله تعالى توصل العلماء لأدوية مفيدة قوية تضع هذه المواد الكيميائية في مساراتها الصحيحة، لذا أنصحك بتناول أحد الأدوية المعروفة بتميزها، من هذه الأدوية دواء يعرف تجاريًا باسم (بروزاك) واسمه العلمي هو (فلوكستين) ابدئي في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، استمري عليها لمدة أسبوعين، بعد ذلك ارفعيها إلى كبسولتين في اليوم واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة واحدة في اليوم واستمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم توقفي عن تناوله, يتم تناول هذا الدواء بعد تناول الأكل، وهو من الأدوية السليمة، الفعالة، غير الإدمانية، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، وهو مجرب، لكن منفعته لا تتأتى إلا إذا التزم الإنسان التزامًا قاطعًا بالجرعة وتناولها للمدة المطلوبة.
البناء الكيميائي لتظهر فعالية هذا الدواء يتطلب أربع إلى ستة أسابيع، فأرجو أن تصبري عليه وأن تكوني ملتزمة بتناوله.
نصائح عامة نوجهها في مثل هذه الحالات، هي: أن لا تدعي للفراغ مجالاً ليشغلك بمثل هذه الأفكار, وزعي وقتك بصورة جيدة، استفيدي من الوقت، وهنالك عدة أشياء يمكن أن يقوم بها الإنسان الآن: ركزي على دراستك، شاهدي البرامج التليفزيونية المفيدة، اذهبي إلى أماكن تحفيظ القرآن، عليك بالصحبة الطيبة، مارسي الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، أكثري من القراءات غير الأكاديمية والمفيدة.
هنالك أنشطة كثيرة جدًّا يمكن أن يقوم بها الإنسان، تجعله مشغولاً ومتفاعلاً بصورة إيجابية، وهذا يضعف هذه الوساوس بصورة واضحة.
أيتها الفاضلة الكريمة: هنالك نقطة بسيطة، فقد ذكرت بأنك تمسكت بالصلاة، هذا أمر جميل، واقتلعت عن النميمة، وهذا أيضًا أمر جميل جدًّا، ثم ذكرت بأن الله لم يستجب لك وكنت تدعينه وتبكين, أرجو أن لا ينبني عندك هذا الشعور، فالحق عز وجل يستجيب لعباده، والدعاء إن لم يصل الإنسان إلى ما يريده فليعرف أن ذلك مدخر له إن شاء الله يوم القيامة، أو أن هذا سوف يصرف عنه بلاء آخر، فإذن الدعاء منفعة، الدعاء عبادة، الدعاء مستجاب دائمًا إن شاء الله تعالى بصورة أو بأخرى.
أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
وللمزيد من الفائدة عن علاج الشك راجعي الاستشارات (
2350 –
54848 -
2291 ) حيث إن في هذه الاستشارات الدواء الشافي، بإذن الله تعالى.
وفقك الله لكل خير.