كيف أكسب رضا أمي بعد أن فقدته ؟
2011-05-19 12:40:52 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة ابلغ من العمر 22 عاما، كانت أمي تحبني كثيرا، وبسبب دراستي وطول الدوام الذي يصل إلى 10 ساعات كنت عندما أصل إلى البيت أرى الأكل جاهزا وابتسامة أمي لا تفارق شفتيها حين رؤيتها لي، وهي كانت على اتصال دائم بالدعاء لي بأن يوفقني الله ويكتب لي الخيرة في التخصص الذي أريده، ولكن ما حدث بعد ذلك إنني تعرفت على شاب وأرسلت له صوري، بعد ذلك تبت إلى الله تعالى، وأيقنت وعزمت بأن لا أرجع لذنبي مرة أخرى، فعلا فعلت ذلك، وبلغت الجهات المختصة، وتم القبض على الشاب لحين أخذ صوري، وتم ذلك وكان شخص واحد في البيت هو الذي يعلم وهي أختي، ولكنها بعد ذلك قامت بإخبار أهلي، وعلموا بأنني كنت أخرج معه، وكنت على صلة دائمة به، لكنهم غير مقتنعين بأني تائبة، وحينما علمت أمي بالأمر تغيرت علي كثيرا، وأصبحت تكرهني لشدة القتل، وتقول لي أنا الآن أراك ولا كأني أراك ِ وفعلتك هذه لن أنساها إلى أن أموت، بالرغم أنني أحبها وأقدرها وأحترم كبر سنها .
لكن لماذا حينما نتوب البعض يعتبرها كذبه؟ أنا تبت إلى الله تعالى وأنا صادقة مع نفسي، قلت لأمي أنا آسفة لما فعلت، قالت لي آسفة بعد ما جرحتني، وأمي دائما حزينة بعد معرفتها لقصتي، وتكره أن تراني، وكلما حاولت أن أتكلم معها تقول البنت العاقلة لا ترمي بنفسها وأهلها وتكون مجنونة.
فكيف أكسب رضاها؟ وأحسسها بأني لازلت تائبة، وأني صالحة، وأنني أكن لها كل احترام؟ وكيف أجعلها تنسى ما فعلت وأكسب ثقتها؟
أرجوكم ساعدوني؛ فأنا خائفة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راجية الجنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبًا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يتوب عليك وأن يمحو ذنبك. وقد أحسنت أيتها الكريمة بسرعة الرجوع إلى الله عز وجل والتوبة إليه، وكوني على ثقة بأن الله عز وجل يغفر الذنوب جميعًا من تاب منها، فإنه سبحانه وتعالى وسع كل شيء رحمة، كما أخبر بذلك في كتابه العزيز، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
فأحسني توبتك إلى الله، والتوبة تعني: الندم على ما فات من الذنب، والعزم على أن لا يرجع إليه الإنسان، وتركه في الوقت الحاضر، فإذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة فإن الله عز وجل يقبل التوبة من التائبين، كما قال في كتابه الكريم: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون}.
ولعلك أخذت الدرس مما مضى أيتها الكريمة وذلك بأنه ينبغي للإنسان أن يستر نفسه وأن لا يحدث أحدًا من الناس بذنبه، وهذا ما أرشدنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (فمن أصاب شيئًا من هذه القاذورات فليستتر بستر الله تعالى).
ولكن قدر الله وما شاء فعل وما دام أن أهلك قد اطلعوا على ما وقعت عليه من الذنب فاحرصي على أن تصححي لهم الصورة وتبيني لهم بأنك فعلاً قد تبت، وقبل أن نبين لك ما ينبغي أن تفعليه نحب أن نذكرك أولاً بأنه كما تخافين من سخط الوالدة وتتألمين منه - وأنت محقة في هذا - ينبغي كذلك أن تخافي من سخط الله تعالى الذي لا يقوم لسخطه السموات والأرض، فراقبي دائمًا ربك، وكوني حريصة على رضاه، فإنه سبحانه وتعالى إذا رضي عنك أرضى عنك الناس وأحبك إليهم، وإذا سخط عليك بغضك إلى الناس ونفرهم منك، فاحرصي دائمًا على مراقبته تعالى والعمل بمرضاته وتجنب مساخطه، وكوني على ثقة بأنه سيجعل لك محبة في قلوب الناس كما وعد بذلك في كتابه الكريم، فقال سبحانه وتعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُدًّا}.
وأما في شأن الوالدة فاعلمي أيتها الكريمة بأن هذه الفعلة التي فعلتها لا شك ولا ريب أنها تؤذي الوالدين أذىً عظيمًا، كما تؤذي سائر أقاربك وأهلك، فإن الفضيحة في العار ليس أمرًا هينًا وسهلاً، ومن ثم ينبغي أن تقدري أن غضب الوالدة في محله، فتسارعي إلى تصحيح الصورة والاجتهاد في محو الصورة السيئة التي ارتسمت عنك، ومن ذلك أن تحاولي تصحيح سلوكك الذاتي فتبني تصرفاتك على الوضوح والصراحة، بحيث لا تجعلي غيبة لأهلك في البيت في تصرفاتك فيكون اتصالك بالجهاز - أعني الحاسوب - بشكل واضح من الصراحة، فلا تتصرفين في هذا الجهاز إلا في محضرهم في مكان عام في البيت كالصالة ونحو ذلك، بحيث تبعدي عن نفسك الشبهة، وكذلك هاتفك ينبغي أن يكون مبذولا لوالديك بحيث يتسنى لهم مراقبته للاطلاع على ما فيه عن رضى منك وطيب خاطر، حتى يعلموا بأنك فعلاً قد تخلصت من ذلك السلوك السيئ وأنها كانت هفوة، وقد أقلعت عنها بالفعل.
كذلك ينبغي أن تكوني حريصة أيتها الكريمة على الاستقامة على فرائض الله تعالى، ومن ذلك التزام الحجاب الشرعي وعدم الخلوة بالرجال الأجانب، والتحفظ عن الحديث مع أي رجل أجنبي إلا بقدر الحاجة وفي حدود الأدب، والتزامك للصلوات، فإن هذه الصورة من الاستقامة والابتعاد عن مواطن الريب لا شك أنها ستورث الوالدين وغير الوالدين صورة إيجابية عنك وسيقدرون بأنك فعلاً وقعت في هفوة ثم تبت منها.
الوسيلة الثالثة: المبالغة أيتها الكريمة في بر والديك ولاسيما الوالدة والإحسان إليها ومساعدتها في أعمال البيت إن قدرت على ذلك، والإحسان إليها بكل قول أو فعل، فهذا مع كونه واجب على الدوام هو أيضًا مما يحببك إليها ويؤدي إلى الثقة بأنك فعلاً على الجادة وعلى الاستقامة، وأن ما كان منك زلل عارض ليس هو السلوك الدائم لك.
الوسيلة الرابعة: أن تحاولي دائمًا أن تذكري الوالدة بأن كثيرا من الناس يُذنبون ثم يتوبون من ذنوبهم ويتوب الله عز وجل عليهم، فقد وقع هذا في زمن الصحابة وهم خير الناس وخير الأجيال وأطهر هذه الأمة، فقد وقع بعضهم في الزنى، ووقع بعضهم في السرقة، وأعظم من ذلك أنهم كانوا كفارًا ثم تاب الله عز وجل عليهم فأصبحوا من أولياء الله ومن سادات الأمة.
فحين تذكرين هذه القصص للوالدة لا شك أن هذا سيهون عليها ما كنت قد وقعت فيه، وستعذرك بعد توبتك وصلاحك.
نسأل الله تعالى أن يتوب عليك وأن يجنبك الشرور كلها.