والدي يحب أبناء أخيه أكثر من أبنائه ...فما تعليقكم؟
2011-04-19 12:20:58 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا لدي صديق، بل أخ بالنسبة لي، مشكلته تتمحور بأبيه، فأبوه شخص لدية بعض المشاكل النفسية (تقريبا الوسواس) عمر صديقي من الـ19-20 وهو الذي يقوم بكــل شؤون البيت.
المشكلة هي أن الأب يحب أبناء أخيه أكثر من أبنائه، فهو قالها، وأفعاله تشهد، وعلى ما سمعت أنهم لا يحبونه بل يعملون له مشاكل في بعض الأحيان.
من فترة قليلة قام الأب بتوزيع مبلغ من المال على أبناء أخيه، فتضايق أبناؤه، لأن هذا المال هم أحق به، بل يحتاجون إليه.
بماذا تنصحون صديقي في طريقة التعامل وشؤون الحياة؟
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
مرحبًا بك أيها الولد الحبيب في استشارات إسلام ويب.
هذا الصديق الطيب ينبغي أن يشجع على ما يقوم به من إعانة أهله وكفالة شؤون بيته، وينبغي أن يُذكر بأن هذا من البر بالوالدين، والإحسان إلى إخوانه، وأنه مأجور على ذلك كله، وأن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
كما ينبغي أيضًا أن يُذكر بأهمية البر بالوالد والإحسان إليه، فإن الله عز وجل أمر بإحسان مصاحبة الوالدين مهما بلغت الإساءة منهما، كما قال سبحانه في كتابه الكريم: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا}، فأمر بمصاحبتهما بالمعروف مع شدة الإساءة منهما، إذ أنهما يجاهدان الولد على الكفر، ومع ذلك قال: {وصاحبهما في الدنيا معروفًا}.
نحن على ثقة بأن هذا الأب إذا لمس من أبنائه الطاعة والتودد إليه والحرص على بره، والمبالغة في الإحسان إليه، فإن هذا كله سيدفعه إلى مبادلة الإحسان بالإحسان، فإن النفس البشرية مجبولة على حب من أحسن إليها، وكما قال الله عز وجل على الخصوم والأعداء: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم}، فكيف بمن كان أقرب الأقربين إلى هذا الإنسان؟ ومن ثم فنصيحتنا لهذا الولد أن يعرف ما لوالديه عليه من البر والإحسان، فيبذل ما في وسعه، ومهما قصّر الوالد في حق أبنائه إن كان هناك تقصير فإن هذا لا يبيح لهم عقوقه أو الإساءة إليه.
أما ما له من مالٍ فإذا أنفقه على وجه مباح، وأعطاه الآخرين فإن هذا لا يأثم به إلا إذا ضيع النفقة على من تلزمه نفقتهم من زوجة وأبناء صغار، وعلى كل تقدير وعلى فرض أنه قصّر في هذا كله فينبغي أن يُنصح برفق ولين، ويذكر له الأبناء حاجتهم إلى النفقة ونحو ذلك.
أما ما يظن السائل من أن هذا الوالد يحب أبناء أخيه أكثر من حبه لأبنائه فهذا وهم؛ لأن هذا مخالف للفطرة البشرية التي فطر الله عز وجل عليها الإنسان، فإن الخالق سبحانه وتعالى فطر النفوس على محبة الأبناء والبنات حتى في البهائم فضلاً عن الإنسان، فهذا وهم ربما أوقعهم فيه ما يرونه من إحسان من هذا الوالد لأبناء أخيه، ربما كانت هنالك مبررات لهذا الإحسان، وعلى كلٍّ فلا ينبغي أن يقصر في حق الوالد لمثل هذه الأسباب، بل إذا وجد منه تقصير في حق أبنائه، فينبغي أن يُنصح بالأسلوب الحسن، الأسلوب المهذب، وإن كان ثم من له كلمة مسموعة عنده فينبغي أن يُستعان به كأم هذا الولد، فبإمكانها أن تحاور زوجها بأسلوب هادئ في أوقات الهدوء وتذكره بحاجة الأبناء والبنات في النفقة، أو بعض الأعمام إذا كان له إخوان لهم كلمة مسموعة عنده ونحو ذلك من الأساليب.
خير ما يستعان به لإصلاح الوالد التوجه إلى الله سبحانه وتعالى بصدق واضطرار وسؤاله سبحانه وتعالى أن يلهمه الرشاد، وتحري أوقات الإجابة في الدعاء، ونحن على ثقة بأنهم إذا سلكوا الطريق الأرشد في نصح الوالد وتذكيره بحاجتهم، وتذكيره أيضًا بالثواب المترتب على إنفاقه على والديه، فإن خير ما ينفقه الإنسان درهمًا ينفقه على نفسه وعلى أهله، فإن هذه الأساليب الرفيقة كفيلة بإذن الله تعالى بإثمار الثمار الحسنة، فإن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه).
نسأل الله تعالى أن يؤلف القلوب وأن يصلح ما بينهم.