الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هنالك اختلافات فردية بين البشر في درجة مقدرتهم على التواصل مع الآخرين، وبعض الناس يكثر لديهم الحديث مع أنفسهم، ولكن تجدهم لا يطيقون الحديث أو التواصل مع الآخرين، بعضهم قد تكون الحالة عنده ناشئة من الخجل، أو قد تكون جزءاً من البناء النفسي لشخصيته، أو البعض قد يكون يعاني من شيء من الرهبة الاجتماعية، أو قد تكون حدثت له صعوبات في الطفولة المبكرة نتجت عنها خبرات سلبية جعلته لا يُحسن التواصل مع الآخرين.
هذه هي الأسباب التي قد تجعل الإنسان يصمت ولا يقدم ولا يأخذ مبادرات في المخاطبة والتحدث مع الناس، ويحس بالضيق من الآخرين حين يكثرون من الكلام حتى إن كان كلامهم في المستوى الطبيعي والمعقول.
أيها الفاضل الكريم! هنالك علاج، والعلاج ليس علاجاً دوائياً، إنما هو علاج من خلال تنمية ذاتك وتطويرها، علماً بأن هذه ليست علة -ولا أقول غير أساسية- ولكن في ذات الوقت ما دمت تتفهم حجم مشكلتك فهذه هي النقطة الأولى والأساسية والجوهرية لمبادئ العلاج.
أولاً: تفكر وتأمل وناقش نفسك وحلل هذا الذي يجري، لا تتقبله باستكانة واستسلام، وخاطب نفسك وقل: (لماذا لا أكون مثل الآخرين؟ لماذا لا أخاطب؟ لماذا لا أتواصل؟) هذا هو المبدأ الأول، مبدأ إقناع الذات.
ثانياً: من الضروري جدّاً أن تجري تمرينات ذاتية لتطوير الحوار لديك، وهذه تعتمد على الخيال، تعتمد على نوع من الدراما -أي التمثيل- الذي يتطلب منك تمريناً يومياً، وهذا التمثيل يمكنك أن تقوم به لوحدك بأن تلعب دور شخصيتين، الشخصية الأولى بالطبع هي أنت، والشخصية الثانية تفترض أن هنالك شخصاً يجلس أمامك وتبدأ في حواره في موضوع معين، وأنا أفضل أن تقوم بتسجيل هذا الحوار وبكل دقة، وبعد ذلك استمع لما قمت بتسجيله، ثم كرر ذلك على الأقل بمعدل مرة في اليوم، ولابد أن تكون مواضيع الحوار مختلفة ما بين يوم وآخر، تحدث اليوم مثلاً في موضوع في الدين، واليوم الثاني اجعل الحوار بينك وبين الشخص المفترض يكون في أمر من أمور التاريخ، ثم الأمور الأسرية، السياسية، ثم الاقتصادية وهكذا.. هذه الطريقة مفيدة جدّاً.
ثالثاً: أعتقد أنه من الأفضل لك أن تختار أحد أفراد أسرتك أو أحد أصدقائك المقربين وتفاتحه في هذه المشكلة، وربما يكون قد لاحظها، وكجزء من عملية العلاج اطلب منه أن تكون هنالك جلسات حوارية يومية فيما بينكما، هذه مهمة جدّاً، ويجب أن تقوم أنت بتحضير الموضوع الذي سوف يتم فيه النقاش، وتعطي لصديقك أو قريبك هذه الخطوط العريضة للموضوع الذي سوف يتم فيه الحوار.
رابعاً: هنالك بعض المواقف التي يضطر الإنسان فيها لأن يناقش الآخرين ولأن يحاورهم. مثلاً ممارسة الرياضة الجماعية مثل كرة القدم، وسوف تضطر وأنت تلعب الكرة أن تقول لزميلك: (العب لي الكرة، هات) وهكذا، هذا يجعلك -إن شاء الله- تتحاور.
خامساً: المشاركة في حلقات تلاوة القرآن، فهي وسيلة تواصلية أصلاً، ومن الناحية الاجتماعية تعتبر من أفضل الوسائل التواصلية التي يحس فيها الإنسان بالطمأنينة، ولا بد أن يشارك فيها الآخرين بنفس مستوى مشاركتهم، وهذا هو الشيء البديع والجميل عن هذه الحلقات، فأرجو أن تشارك فيها.
سادساً: أريدك أن تقلد أحد الأئمة أو الخطباء أو المذيعين فيما تراه مناسباً بالنسبة لك، استمع إلى موضوع معين وحاول أن تستذكر منه، وبعد ذلك حاول أن تقلد ما قاله هذا الشخص.
النقطة الأخيرة: هي أن تسعى دائماً لتطوير مهاراتك الاجتماعية بصفة عامة، وهي أن تنظر إلى الناس في وجوههم حين تتحدث إليهم، أن تبدأ دائماً أنت بالسلام، أو حين يسلم عليك الآخرون رد عليهم التحية بما هو أفضل منها، كما قال تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا)، [النساء:86]، وهذا إن شاء الله بمرور الزمن يجعلك تطور من مهاراتك الاجتماعية وتطور من مهاراتك التخاطبية، وأعتقد أن الأمر يمكن أن يعالج تماماً من خلال هذه الوسائل التي ذكرناها لك، وهي مجربة ومعروفة وإن شاء الله تكون ناجحة جدّاً معك.
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونسأل الله تعالى أن ييسر أمرك. وبالله التوفيق والسداد.
==============
لمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة هذه الروابط المتعلقة بموضوعك: (
267560 -
267075-
257722).