نصائح وتوجيهات لفتاة تعاني من الكسل في القيام بالواجبات اليومية
2011-03-13 09:50:16 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أعاني من الكسل بالقيام بالواجبات اليومية ولا أعرف لماذا؟ الكل يقول لي: لماذا هكذا؟ أتمنى أن أكون لدي الحماس في القيام بالواجبات اليومية، هل لدي مرض أنا لا أعلمه أم ماذا؟
أنا والحمد لله أصلي وأفكر دائماً في المشكلة وكيفية علاجها.
أمي دائماً تقول ذلك أمام الناس الغرباء عني، ويسبب لي الإحراج دائماً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ علياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحباً بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يُذهب عنك ما تجدينه، وابتداء نقول -أيتها الأخت الكريمة- بأن ما تعانين منه من خمول وكسل قد يكون له أسباب صحية عضوية، ولهذا ينبغي لك ألا تفرطي في مسألة الفحص الطبي، لتري هل هناك شيء يعود إلى اختلال في الجسم أم لا، كما ينبغي لك أيضاً أن تمارسي الرياضة، فإن هذا مما يوصي به الأطباء دائماً لطرد الخمول والكسل، فإن الحركة تدعو إلى تنشيط الجسم وهذا أمر مشتهر منتشر.
أما الجانب الشرعي -وهو الذي يعنينا بالدرجة الأولى- فالكسل من الناحية الشرعية ينبغي أن نعرف الباعث عليه ثم كيفية العلاج، أما الجزء الأول وهو الباعث على الكسل والخمول وترك الإقدام على ما ينفع سواء في دين أو دنيا، يقول العلماء: سببه ضعف الإرادة، فإن الإرادة عمل في القلب، فإذا أراد القلب شيئاً وتعلق به وجزم على فعله فإن الجسد بعد ذلك ينبعث ويتحرك في سبيل تحقيق إرادة ما أرده القلب، فإذا ضعفت الإرادة فمن الطبيعي أن تضعف حركة الجسد في تحقيق هذه الإرادة الضعيفة، ولذلك أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الحقيقة المهمة بقوله وهو يتحدث عن القلب: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).
وإذا كان الأمر كذلك فلدينا وسائل -أيتها الأخت الكريمة- هي بإذن الله تعالى ناجحة ناجعة في مداواة هذا الكسل والرغبة في الإقدام على ما ينفع، أول هذه الوسائل:
1) تقوية الإرادة بمعرفة أجور وثواب الأعمال، فإن الإنسان إذا عرف ثمرة العمل الذي سيقوم به وما يترتب عليه من منفعة لا شك ولا ريب أنه سيحب ذلك العمل وينوي القيام به ويريده بقلبه، وكثير من الأعمال -أيتها الأخت- في اليوم والليلة سواء من نوافل الصلاة أو من فرائض الدين أو غير ذلك، كثير من الناس يتكاسلون عنها ويتهاونون فيها لعدم تذكرهم للأجر العظيم الذي جعله الله عز وجل جزاء لتلك الأعمال. فإذا أردت أن تطردي عنك الكسل في جانب من الجوانب فينبغي لك أن تُكثري من القراءة والمطالعة والسماع في أجور تلك الأعمال التي أنت تتكاسلين عنها، فإن معرفتك لهذه الأجور وتصورك لها سيدفعك إن شاء الله تعالى بإرادة جازمة نحو العمل لها وتحقيقها وتحصيل ثوابها.
2) الأمر الثاني في العلاج: ترك الذنوب والمعاصي والتوبة منها حينما يقع فيها الإنسان، فإن الذنب من شأنه أن يُضعف القلب، كما عدّ العلماء ذلك من آثار الذنوب، فإن الثمرة الأكيدة للذنب أنها تُذهب من هذا القلب ضياءه وقوته وصلابته، وتورثه ظلمة وضعفاً وعجزاً عن طلب الكمالات والتطلع إلى معالي الأمور، وكما قال ابن المبارك رحمه الله تعالى:
رأيتُ الذنوب تميتُ القلوب *** وقد يورث الذل إدمانها
فالذنوب تميت القلوب وتضعفها، ولذلك كان من علاج هذا الجانب أن يتوب الإنسان من ذنبه ويستغفر ربه سبحانه وتعالى، وإذا فعل ذلك فإن الله سبحانه وتعالى يغفر له الذنب ويعيد للقلب قوته ونوره الذي كان عليه قبل الذنب، كما أرشد بذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله: (إذا أذنب العبد ذنباً نُكتت في قلبه نُكتة سوداء، فإذا هو تاب ونزع واستغفر صقل قلبه).
3) الوسيلة الثالثة أيتها الأخت الكريمة: كثرة الدعاء، والاستعاذة بالله سبحانه وتعالى من العجز والكسل، وهذا الدعاء أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، بل علمه لأصحابه ليدعوا به في مسائهم وصباحهم، كما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم علّم رجلاً كان عليه دين كثير فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو تلك الدعوات الجامعة: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال). فهذه الكلمات النبوية الشريفة فيها إرشاد إلى أهمية هذا الدعاء، فينبغي لك أن تجتهدي في دعاء الله سبحانه وتعالى، أن يطرد عنك الكسل والعجز، وتداومي على هذه الكلمات في صباحك وفي مسائك وغير ذلك من أوقاتك، فإن الدعاء وسيلة أكيدة لتحصيل المحبوب والمقصود.
وأما ما ذكرت في شأن أمك أيتها الأخت فلا شك أن باعث أمك لما تفعله وتقوله هو حب الخير لك لا شك، والرغبة في أن تغيري من حالك، ولكن أخطأت الأسلوب بلا شك، وأنت ينبغي لك أن تتلطفي بها وترفقي بها وتعذريها فيما فعلت، فإنما فعلت ما فعلت حبّاً لك وإيثار الخير والرغبة بأن تناليه.
ولا بأس أيتها الكريمة بأن تحاولي مصارحة أمك بأدب ورفق ولين، فتقولي لها مثلاً بأن النصيحة في الجماعة مؤذية ونحو ذلك، ونحن على ثقة إن شاء الله بأنها ستفعل هذا.
أسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأن يأخذ بناصيتك إلى كل خير.