توجيهات في التعامل مع الولد المسيء إلى أمه وزوجها
2011-02-13 12:44:14 | إسلام ويب
السؤال:
ولدي عمره 16 سنة، والده متوفى، وأنا تزوجت وهو صغير، وكان يحترم زوجي، لكن الآن بعدما أصبح مراهقاً أصبح يعاند زوجي، ويرفع صوته عليّ، ويتلفظ بألفاظ بذيئة، ويخبئ جواله عني، ويتأخر ليلاً.
مع العلم أني حريصة جداً عليه، وأتفقده دائماً، واستخدمت كل الأساليب معه لكن دون جدوى، ومشكلة ابني أن أي شخص يستطيع أن يلعب عليه، وأنا أخاف عليه من رفقاء السوء!
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تغريد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يهدي لك ولدك، وأن يجعله من صالح المؤمنين، وأن يحسن أخلاقه، وأن يباعد بينه وبين رفاق السوء، وأن يعينك على إكرامك وإحسانك، وأن يجعله قرة عين لك في الدنيا والآخرة.
وبخصوص ما ورد برسالتك أقول:
أولاً: مع الأسف الشديد أن هذه المرحلة الحساسة الولد يحب أن يحاكي فيها أقرانه من الذين ليس لديهم نوع من الضوابط داخل الأسرة، إلا أننا نقول: نعم مرحلة المراهقة هي مرحلة الاضطراب السلوكي والاضطراب النفسي والتغير البدني والتغير الفكري والتغير الثقافي والنفسي والجنسي والاجتماعي، ولكن ليس معناها مرحلة جنون أو مرحلة سفه أو عته؛ لأن الله تبارك وتعالى يستحيل أن يُكلف إنساناً وهو لا يعقل أو لا يدرك، وأنت تعلمين كما لا يخفى عليك أن الرجل يبلغ بعلامة من علامات ثلاث، ومنها إذا بلغ خمسة عشر عاماً، فإذا بلغ هذا العمر أصبح رجلاً مكلفاً في نظر الشرع، ومعنى ذلك أنه مسئول مسئولية كاملة عن كل تصرفاته سلباً أو إيجاباً طاعة أو معصية خيراً أو شرّاً.
وكما ذكرت: من عدل الله تبارك وتعالى أن لا يكلف العبد إلا إذا كان قادراً على التكليف، كما قال الله سبحانه وتعالى: (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ))[البقرة:286]، وكما قال جل وعلا: (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ))[الطلاق:7]، فتكليفنا في مثل هذه السن دليل على أننا أصبح لدينا القدرة والطاقة على أن نقوم بالتكاليف الشرعية.
ولكن الإشكال كما ذكرت أن مثل هذه المرحلة الناس ينظرون فيها إلى أبنائهم على أنهم في حالة طيش وعدم تركيز أو استقرار، وفي حالة اضطراب، وفي حالة تمرد على سلطة الأسرة، وبذلك يُطلقون لهم العنان ويُخففون من متابعتهم، مما يترتب عليه إلحاق الضرر بابن طيب كابنك؛ لأن ولدك يرى أن أقرانه يعاملهم أهلهم معاملة فيها حرية إلى غير ذلك، وبذلك يقول: لماذا أمي تعاملني بهذه الطريقة وتشدد عليَّ؟! وبالتالي يبدأ في التمرد على توجيهاتك ويقوم بهذه التصرفات التي وردت في رسالتك.
أتمنى أن تبحثي لولدك عن صحبة صالحة؛ لأن الصاحب ساحب، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، فحاولي بارك الله فيك في البحث في أقاربك أو في جيرانك عن بعض الشباب الصالحين الذين هم في مثل سنه أو أكبر قليلاً أو حتى أصغر قليلاً، ليحتكوا به احتكاكاً شبه مباشر، ويصطحبوه في طلعاتهم وفي رحلاتهم وغير ذلك حتى يعيش في بيئة نظيفة؛ لأن الذي يبدو لي أن ولدك يعيش فعلاً مع رفقاء ليسوا منضبطين؛ ولذلك بدأ يقتبس منهم هذه التصرفات غير المنضبطة. هذه المسألة الأولى وهي مهمة.
والمسألة الثانية: أتمنى قدر الاستطاعة أن تتلطفي معه في الحديث، وأن تُشعريه بأنك تحبينه؛ لأنه الآن أصبح يقول له الناس بأن هذا زوج أمك أخذ أمك منك، رغم أنك لست مطلقة حتى نقول: إنك تخليت عن أبيه، وإنما والده قد توفاه الله تعالى، وشاء الله أن يكون يتيماً، إلا أن رفقاء السوء لا يتركون لأحد مدخلاً إلى الخير إلا ويحرصون ليفسدوه عليه، فمن هنا أقول: أتمنى أن تتلطفي معه غاية التلطف، وأن تُشعريه دائماً بحبك وعطفك وحنانك، وأن تضميه إلى صدرك، وأن تحاولي أن تعبثي بيدك في شعره، وتمسحي بيدك على كتفيه وعلى ظهره، وأن تشعريه بأنه محل تقدير واحترام منك عظيم، خاصة إذا كان لك أبناء من زوجك الآخر، فلعله يشعر أنك مثلاً مهتمة بهم أكثر منه وقد يزين الشيطان له ذلك.
فأتمنى إغراقه بالعطف والحنان والإغداق عليه بلا حدود في هذا الجانب، حتى لا يشعر بأنك تخليت عنه، ثم بعد ذلك من خلال هذه الجلسات العاطفية الجميلة حاولي أن تبيني له أن زوج أمك ليس عدوّاً لك، وإنما هو رجل يُحبك ويحرص على مصلحتك، وأنه لا ينبغي يا ولدي أن تقابل الإحسان بالإساءة، وهذا الرجل فعل وفعل، وحاولي أن تذكريه ببعض الخصال الطيبة في زوج أمه، لعله يتذكر ذلك فيرعوِي ويرتدع عن هذه التصرفات غير اللائقة، وقولي له: إن هذا في مقام والدك، ولا ينبغي لك أن ترفع صوتك عليه؛ لأن هذا يُحزنه، وأنا لا أريد حقيقة يا ولدي أن تمزقني بينك وبينه، فأنت ولدي وقرة عيني، وهو زوجي وله عليَّ حق شرعي، فأنت تؤذيني بتصرفاتك يا ولدي؛ لأني لا أريد أن يغضب منك ولا أريدك أن تسيء إليه، فأنت بذلك تذبحني بغير سكين، هل يُرضيك أن أحيا بهذه الطريقة؟ وحاولي أن تستدري عطفه عليك حتى يحاول أن يقلل من تلك التصرفات المشينة.
ثالثاً: عليك بالدعاء له والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يُصلحه الله؛ لأن هذا الأمر ليس له إلا الله سبحانه وتعالى، فتوجهي إلى الله بالدعاء مع البكاء أن يُصلحه الله تبارك وتعالى وأن يحسن خلقه.
رابعاً: أطمئنك بأن هذه المرحلة مرحلة لها نهاية، يعني هذه المرحلة إلى سن الثامنة عشرة أو التاسعة عشرة أو العشرين غالباً يكون فيها شيء من هذا، ولكن بعد ذلك يعود الاستقرار إلى الإنسان، ويبدأ ينطلق بعد قدر كبير من التعقل ومراعاة الآثار المترتبة على تصرفاته؛ ولذلك نحمد الله تعالى أن هذه لها نهاية كما أن كل مرحلة لها نهاية، فعليك بالدعاء له والصبر الجميل والإحسان له غاية الإحسان، وأيضاً تذكيره بضرورة أن يكون منتبهاً لنفسه وأن يكون واعياً، وألا يمشي وراء الشباب كما لو كان طفلاً لا يعرف شيئاً، واحرصي على أن يكون قائداً، قولي له: لابد أن تقود نفسك ولا يقدك أحد، ولا مانع أن تقود غيرك من إخوانك.
إذا كانت هناك فرصة لكي يدخل بعض الدورات أو ورش العمل التي تتعلق بتنمية المهارات وتنمية القدرات وتعلم فن القيادة؛ لأن المملكة - ولله الحمد والمنة - فيها مؤسسات كثيرة تُقدم هذا النوع من العطاء المتميز، فأرى لو أنه تم إلحاقه بهذه المؤسسات قد يُشغل بشيء نافع ومفيد، وهو قطعاً سيستمتع عندما يسمع كلاماً جديداً لم يسمعه في دائرة المدرسة ولا في دائرة زملائه ولا في الأسرة، لعله بذلك أولاً أن تتم الحيلولة بينه وبين رفقاء السوء، وثانياً أن يكتسب مهارات جديدة تعينه على أن يتأقلم مع المجتمع وأن ينسجم مع الواقع وأن يتعامل مع الناس بنوع من التعقل والاحترام والتقدير.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يصرف عنه كل سوء، وأن يعافيه من كل بلاء، وأن يباعد بينه وبين رفقاء السوء، وأن يرزقه البر بك والإحسان إليك والاحترام لزوجك وتقديره.
وبالله التوفيق.