التوتر في الاجتماعات والهروب من المسئولية

2011-02-01 11:13:02 | إسلام ويب

السؤال:
مشكلتي تتلخص في مجال العمل والاحتكاك بالآخرين؛ حيث إنني أعمل داخل منشأة غالباً ما يحدث بها اجتماعات شهرية بين العاملين والقائمين على إدارتها، وعندما تأتي مواعيد هذه الاجتماعات يحدث لي الآتي:

1- أكون متوتراً، وليست هذه طبيعتي.

2- تدور في ذهني بعض الأسئلة والمقترحات والحلول لبعض المشاكل، وكلها تخدم مصلحة العمل، لكني أخاف من طرحها.

3- إذا وجه لي سؤال تكون إجابتي مختصرة جداً وفي أضيق الحدود، بعد ظهور احمرار في الوجه وانخفاض في الصوت، وتزايد عدد دقات القلب.

4- إذا طلب مني عرض مشكلة ما أمام الجميع لا أجد الشجاعة الكافية للقيام بذلك، وإذا عرضت المشكلة أكون متوتراً بشكل غير طبيعي.

5- أتهرب من أي مسئولية تعرضني لنظر الجميع إلي.

أما خارج المنشأة فيحدث لي الآتي:

6- لا أعرف طرح وجهة نظري، حتى وإن كانت صحيحة .

7- يضيع الحق مني وإن كنت أنا صاحبه .

أنا تعبان نفسياً جداً، والسبب:

- بداخلي قدرات كامنة للقيادة، ولكني لا أعرف كيف أخرجها لأعبر عنها.

- أيضاً لدي أسلوب حواري رائع، ولكني أحدث به نفسي فقط .

- لدي القدرة على إقناع الآخرين، ولكني لا أجد الثقة في عمل ذلك.

- بداخلي بطل حقيقي شجاع وإيجابي، ولكنه في الخارج بطل من ورق.



الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عصام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أشكرك على هذا السرد الجيد والجميل للأعراض التي تُعاني منها، والذي من خلاله نستطيع -إن شاء الله- أن نصل إلى التشخيص الصحيح، وأستطيع القول أن حالتك بسيطة، فأنت تعاني من درجة بسيطة مما يُسمى بالقلق الاجتماعي الظرفي، والبعض يسميه بالرهاب الاجتماعي، ويظهر أن لديك بعض الاستعداد للقلق، وهذا انعكس عليك سلباً من ناحية التركيز، وجعل ثقتك بنفسك مهتزة بعض الشيء.

أخي الفاضل الكريم! الرهاب الاجتماعي يُعالج دوائياً وكذلك سلوكياً، وأود أن أبدأ بالعلاج الدوائي؛ لأنه –حقيقة- فاعل جدّاً وسهل، ويمهد كثيراً للتطبيقات السلوكية.

هنالك أدوية فعالة وممتازة، منها العقار الذي يُعرف باسم (زيروكسات) واسمه العلمي (باروكستين) أنصحك بأن تتناوله بجرعة نصف حبة يومياً، تناولها في المساء بعد الأكل، وبعد أسبوعين ارفعها إلى حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى نصف حبة يومياً لمدة شهر، ثم توقف عن تناولها.

الجرعة التي وصفناها لك هي جرعة صغيرة جدّاً، كما أن مدة العلاج ليست طويلة، وأعتقد أنه ومن المعطيات التي وردت في رسالتك ستكون هذه الجرعة كافية جدّاً.

سيكون أيضاً من الأفضل أن ندعم الزيروكسات بدواءٍ آخر بسيط جدّاً ولفترة محدودة، هذا الدواء يعرف تجارياً باسم (فلوناكسول) واسمه العلمي (فلوبنتكسول) أنصحك بتناوله بجرعة نصف مليجرام – أي حبة واحدة – في الصباح لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله، وعليك بالطبع الاستمرار على الزيروكسات، وهذه الأدوية أدوية سليمة، وبسيطة، ومجربة، وفاعلة، وغير إدمانية، وغير تعودية.

أنصحك أخي الكريم من الناحية السلوكية أن تحقر فكرة الخوف، وأن تصحح مفاهيمك، فكثير من الذين يعتريهم الرهاب في المواقف الاجتماعية تأتيهم أفكار سلبية جدّاً عن أنفسهم، ومن أهم هذه الأفكار الاعتقاد بالفشل الذريع في المواقف الاجتماعية، والاعتقاد بأن الشخص مراقب من قبل الآخرين، وأنه يتلعثم، وأنه سوف يفقد السيطرة على الموقف، وشيء من هذا القبيل.. هذه الأفكار كلها ليست صحيحة.

عليك أخي الكريم أن تتذكر دائماً أن مَن تُخاطبهم أو من تعرض عليهم هم بشر مثلك، وأريدك أن تُنزل نفسك إلى هذا المستوى من التفكير، لا أقول لك: حقرهم ولكن في نفس الوقت ليس هنالك ما يميزهم عليك مهما كانت مناصبهم أو مواقعهم، وهم في نهاية الأمر بشر ينامون ويستيقظون، ويأكلون ويشربون، ويتبولون، ويمرضون، وسوف يموتون، هذا التفكير الذي يجعل صاحب القلق الاجتماعي يصل إلى قناعات أن قلقه ومخاوفه لا داعي لها.

ثالثاً: عليك أن تتذكر دائماً الإيجابيات التي لديك، فأنت إنسان رائع، وكما وصفت نفسك لديك مقدرات كثيرة على إقناع الآخرين، ولديك الأسلوب الحواري الرائع، فهذه أمور يفقدها الكثير من الناس لكنها موجودة عندك، إلا أنها كامنة، فأتمنى أن تكسر حاجز الخوف، وحاجز الرهبة، وأن تنطلق.. هذه الإيجابيات تفيدك كثيراً.

إذن: اتفقنا على ضرورة تحقير فكرة الخوف، ومواجهته، وتجاهله، والإقدام على تنفيذ ما تكره في الموقف الاجتماعي، وبشيء من التدريب والتكرار والإصرار سوف تجد أن الأمر كان أيسر مما تتصور، وسوف ترتفع قيمة تقديرك لنفسك، وسوف تجد أنك أصبحت تنظر لذاتك بصورة أكثر إيجابية، وهذا يُساعدك كثيراً من أجل نمو ذاتك وتطويرها.

عليك أيضاً بالحرص على بعض الأنشطة الجماعية، مثل ممارسة الرياضة الجماعية ككرة القدم مع بعض الأصدقاء، وحضور حلقات التلاوة والانخراط فيها، وحضور مجالس العلم والذكر، والانخراط في الأعمال الخيرية والثقافية والاجتماعية، هذه إضافات جميلة ومشرقة وإيجابية جدّاً تأتي عليك إن شاء الله بخير كثير.

في نهاية الأمر أنصحك أيضاً بممارسة تمارين الاسترخاء، فهي جيدة ومفيدة، وهنالك طريقة بسيطة جدّاً تسمى بطريقة (جاكبسون) أرجو أن تتدرب عليها، وبتصفحك لأي موقع من المواقع على الإنترنت سوف تعرف تفاصيلها، وإذا أردت أن تتحصل على كتيب أو شريط أو (CD) إذا كان ذلك متيسراً فهذه أيضاً وسيلة للتدرب على هذه التمارين.


بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، ونشكرك كثيراً على ثقتك في إسلام ويب.

www.islamweb.net