نصائح لفتاة ترعى أمها المصابة بالألزهايمر تحتاج إلى العمل
2011-01-17 08:33:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أمي مريضة بمرض النسيان أو الزهايمر، وأخاف عليها من الضياع، لأني أعمل ولا أتمكن من البقاء معها، حتى الزواج يتقدم لي من خارج البلد ولا أقبل كيلا أتركها؛ لأنه ليس لي أخوة وأريد أن أبرها، ولا أستطيع الجلوس من العمل لأنه ليس لنا معيل إلا الله.
أفيدوني، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا شك أن علة الزهايمر هي من العلل الرئيسة التي تؤدي إلى مرض العته، أو ما يعرف بمرض الخرف، وهذه العلة ليست فقط مشكلة اضطراب في الذاكرة أو تدهور في المقدرات المعرفية، إنما هو اضطراب يشمل السلوك والشخصية كذلك، بمعنى أن الإنسان بجانب تدهور الذاكرة قد تبدر منه تصرفات سلوكية غير منضبطة، كما أنه تحدث تغيرات كثيرة جدّاً في شخصية الإنسان.
علة الزهايمر هي علة يتدهور فيها المريض، وهي من الحالات التي لا يوجد لها علاج حتى الآن، ولكن هنالك أمور كثيرة يمكن أن يساعد فيها المريض أسرته، مثلاً: إذا كانت هنالك اضطرابات في النوم أو حدة في الطبع وانفعالات زائدة، هذه غالباً يقوم الأطباء بإعطاء بعض الأدوية التي تؤدي إلى شيء من السكون والراحة بالنسبة للشخص.
هنالك بعض الأدوية التي يُقال: إنها ربما تحسن الذاكرة ولكن فعاليتها مشكوك فيها، كما أنها مكلفة من الناحية المادية، وعموماً هذه الأدوية ننصح بأن يبدأها المريض في المرحلة الأولى للزهايمر، أي: قبل أن يُطبق عليه المرض، وهنالك ثلاثة أدوية معروفة منها دواء يعرف باسم (إبيكسيا)، دواء آخر يعرف باسم (رمانيل)، ودواء ثالث يعرف باسم (آرسبت)، وهذه معروفة لدى الأطباء المختصين.
أيتها الفاضلة الكريمة! أنت الآن أمام وضع اجتماعي يتطلب الكثير من الموازنة، يتطلب اتخاذ القرار السليم، ونحن حاولنا أن نعطيك المعلومات العلمية، بمعنى أن هذا مرض لا يُرجى برؤه، بل يتدهور المريض ويحتاج إلى الرعاية الكاملة من ذويه، أو من الخدمات التي توفرها الدولة إن وُجدت، فأنت أمامك وضع يجب أن تتخذي فيه القرار السليم، وتوفقي ما بين رعاية والدتك وبرها، والظروف الأخرى التي ذكرتها، ولاشك أن بر والدتك يجب أن يأخذ المقام الأول، ويجب أن يأخذ الأسبقية، وهذا باب من أبواب الجنة -إن شاء الله- فتح لك فلا تغلقيه.
أنا أقدر تماماً كل ما ذكر في موضوع الزواج وفي موضوع العمل، ولكني أحتم أن رعاية والدتك يجب أن تأخذ الأسبقية ويجب ألا تُترك، وإذا كانت هنالك وسائل أخرى لرعايتها توفرها الدولة مثلاً، أو الاستعانة ببعض الأقارب؛ فهذا قد يكون أيضاً حلاً مقبولاً ومعقولاً، ولكن تقدير هذه الأمور يُترك لك.
يجب أن تعلموا أن علة الزهايمر علة شديدة لا يتحسن فيها المريض، إنما يتدهور بالتدرج، والطب يمكن أن يساعد بدرجة كبيرة في تهدئة المريض في تحسين نومه، وفي كثير من الدول توفر خدمات مجتمعية، أي: هنالك طواقم ومجموعات وفرق طبية وتمريضية تأتي للمرضى في بيوتهم وتزورهم وتفحصهم وتقدم الإرشاد والمساعدة لذويهم، لا أعرف إن كانت هذه الخدمة متوافرة في بلدكم أم لا.
هنالك من يأخذ والديه إلى المستشفيات أو إلى بيوت العجزة، هذا لا نرفضه تماماً، ولكننا لا نقره أيضاً القرار التام إذا كان القصد هو التخلص من الوالدين، والأمر حقيقة يُترك لك، وقد وضحت الأمور والحقائق الطبية، وأسأل الله تعالى أن يعينك على هذا الأمر، والذي أنصحك به هو ألا تتخذي أي قرار يؤدي لاحقاً إلى شعورك بالذنب أو شعورك بالتقصير حيال والدتك، اتخذي القرار الذي يجعلك تحسين بالرضا، وألا تكون هنالك أي عقبات أو ترسبات مستقبلية سلبية بالنسبة لك ولمشاعرك وواجبك حيال والدتك.
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وإن شاء الله سوف يفيدك الأخ الشيخ أحمد الفودعي بالجانب الشرعي حسب سؤالك وطلبك.
___________________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم استشاري أمراض نفسية، يليها إجابة المستشار الشرعي الشيخ/ أحمد الفودعي.
فمرحباً بك أختنا الكريمة في استشارات (إسلام ويب)، ونسأل الله لك الإعانة والتيسير لما تقومين به من بر لوالدتك، ونسأله سبحانه وتعالى أن يكتب لك عظيم الأجر.
لا شك أيتها الأخت بأن الدكتور محمداً جزاه الله خيراً قد أوضح لك الأمور المهمة التي تحتاج إلى بيان وإلى إيضاح، وبناء على ما بيّنه فقد اتضح الأمر بأن هذه الوالدة محتاجة إلى رعاية دائمة، وأن تكون تحت الملاحظة باستمرار حتى لا تجر إلى نفسها الأذى، ومن ثم فنحن نقول لك أيتها الأخت الكريمة: إنك قد ابتليت فاصبري واحتسبي، واعلمي بأن الله سبحانه وتعالى مجازيك بالإحسان إحساناً وسيخلف عليك كل ما تبذلينه مع أمك، سواء من وقتك أو من جهدك ومالك، أو غير ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
وكوني على ثقة أيتها الكريمة بأن بر الوالدة من أعظم الأبواب التي تدخلين منها إلى الجنة، وهي كذلك من أبواب الجنة، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ورضا الله في رضا الوالد، وسخطه في سخط الوالد.
فنوصيك أيتها الكريمة بأن تجتهدي في رعاية أمك بقدر الاستطاعة، ونحن نشكر لك ما سبق وأن قدمته مع الوالدة، وقد لمسنا حرصك عليها، واعتناءك ببرها، ولا أدل على ذلك من أنك ترفضين الأزواج من خارج البلد حتى لا تبتعدي عنها، كل هذا مدخر لك أيتها الأخت عند الله وعند الناس، والله سبحانه وتعالى قادر على أن يعوضك ويخلف عليك خيراً كثيراً، فقادر على أن يرزقك الزوج الصالح في بلدك، ويرزقك الذرية الطيبة التي تقوم بشئونك كما قمت أنت بشئون أمك، فأحسني الظن بالله سبحانه وتعالى وأكثري من دعائه على الدوام، لا سيما في الأوقات التي ترجى فيها إجابة الدعوة كالثلث الأخير من الليل وفي السجود وما بين الأذان والإقامة، فأكثري من دعائه سبحانه وتعالى بصدق واضطرار أن يجعل لك فرجاً ومخرجاً، والله عز وجل على ذلك قدير.
واتقي الله سبحانه وتعالى في نفسك بقدر الاستطاعة، فإن الله عز وجل وعد أهل التقوى بالفرج بعد الضيق، فقال سبحانه وتعالى: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ))[الطلاق:2-3].
نوصيك أيتها الأخت الكريمة بمحتوى ما ذكره الطبيب جزاه الله خيراً، وهو محاولة الاستعانة بالجهات الرسمية إذا وجدت، فيمكن أن ترعى الوالدة بعض الوقت الذي تتمكنين فيه أنت من كسب لقمة العيش التي تحتاجينها لك ولها، فإذا وجد هذا الخيار فلا بأس أن تستعيني به وتتركي والدتك عندهم بعض الوقت ثم تقومي برعايتها في الوقت الباقي، فإذا لم يتيسر ذلك وكنت محتاجة للكسب وباستطاعتك أن تستأجري من يقوم بالانتباه والرعاية لأمك لمدة ساعات العمل فهذا أيضاً ممكن وجائز.
فحاولي أن تقومي بما تحتاجه أمك قبل ساعات العمل، وليكن هذا الأجير الذي يقوم بالرعاية فقط يتولى الانتباه لها بأن لا تضع نفسها في موضع مهلك أو نحو ذلك، وإن تمكنت من طلب المساعدة من بعض الأقارب إن كان لك من يستطيع القيام بهذا فهذا أيضاً حسن، فإن لم يكن شيء من ذلك فاستعيني بالله سبحانه وتعالى، واحرصي على القيام بشأن الوالدة والانتباه لها مما قد يتلفها ويُهلكها، والله سبحانه وتعالى قادر على أن يسوق إليكما ما يكفيكما، فإنه سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، وحاولي أن تستعيني في هذه الحالة بأهل الخير والصلاح من الأقارب، ولا مانع من أن تضعي حالتك عليهم، فإن هذا من المواطن التي يجوز فيها الشارع لحاجة للسؤال، فإذا أخبرتهم فإن هذا من حقك عليهم أن يعطوك من زكاة أموالهم إذا كانت لديهم زكوات أموال، أو يعينوك بشيء من أموالهم ولو من غير الزكوات، والله عز وجل في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل لك من كل همٍ فرجاً ومن كل ضيقٍ مخرجاً، وأن ييسر لك أسباب الخير، وأن يخلف عليك كل ما تبذلينه في برك لأمك، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه، إنه على ذلك قدير.