الرغبة في الزواج بثانية وكيفية إبلاغ الأولى بذلك
2011-01-02 12:28:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أشكر لكم ما تقدمونه من عمل وخدمة للمسلمين، وأسأل الله أن يجعل ما تقدمون في ميزان حسناتكم.
سؤالي: أريد أن أتزوج ثانية، وقد أعددت نفسي - بفضل الله - لذلك، وقرأت عما أنا مقدم عليه في الكثير من الكتب والرسائل والمقالات، واستشرت أهل العلم والخبرة، لكن بقي أمر وهو في غاية الأهمية - كما ذكره أهل الاختصاص - وهو كيفية نقل خبر الزواج من ثانية للزوجة الأولى، وعلى الرغم من كثرة اطلاعي لكن نادراً ما أجد متخصصاً أمثالكم للحديث عنه، فأوجه لكم هذا السؤال راجياً أن تكون الإجابة مفصلة.
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحباً بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.
لا شك ولا ريب أن قرار الزواج بزوجة ثانية يحتاج إلى دراسة متأنية، وأن لا يكون قراراً ناشئاً عن مشاعر آنية، فالأمر يحتاج إلى تدبر وروية، والنظر في عواقب الأمور، وأثر هذا الزواج على الأسرة، ومن أهم العوامل القدرة المادية، والقدرة على القيام بالعدل بين الزوجتين فيما إذا تزوج، فإذا كنت كما أخبرت قد أعددت نفسك لهذا كله، وكانت لديك الرغبة في الزواج بثانية، فإن الله عز وجل لم يجعل لك في ذلك ضيقاً ولا حرجاً.
ينبغي أن تعلم جيداً بأن زوجتك الأولى لن تقابل هذا الخبر بالترحيب، فهذا أمر فطري وشيء جُبلت عليه المرأة، الغيرة من الضَّرة، وحب الانفراد بالزوج، ومن ثم فهذا الخبر لا شك ولا ريب بأنه سيكون مقلقاً ومزعجاً لها؛ ولهذا فنحن ندعوك إلى أن تأخذ هذا الأمر بجد، وتحاول قدر الاستطاعة تخفيف وطأة هذا الخبر عنها.
ومن وجهة نظرنا أن أهم ما تبدأ به هو أن ترسخ في ذهن زوجتك حبك لها، وعلو قدرها في نفسك، وأنك لا تزداد مع مرور الأيام إلا إجلالاً لها، وحبّاً لها، وتعلقاً بها، حتى لا تظن بأن زواجك من الأخرى ما هو إلا زُهدك فيها ورغبة عنها، وهذا المعنى تستطيع أن توصله إليها بأنواع من التصرفات منها الكلام باللسان، وأن تعبر لها عن هذه المشاعر، ومنها الهدية إليها وإحسان معاملتها.
ويُستحسن أن تبدأ الحديث عن الزواج بثانية بطرح بعض النماذج الجيدة التي نجحت في هذا الباب إذا كنت تعرف أنت بعض هذه النماذج، وكذلك الزوجة تعرفهم، كنوع من التمهيد والتوطئة، لتتقبل المرأة بعد ذلك القرار وقد مُهّد له.
كذلك ننصحك بالتمهيد أيضاً بتحسين العلاقة بينك وبين أهل زوجتك، بالإهداء إليهم، وإحسان معاملتهم، ونحو ذلك، حتى إذا ما جاء الخبر كانوا عوناً لك، أو على الأقل لم يكونوا ضدك، ولم يكونوا وسيلة لاستفزاز زوجتك ضدك، ونحو ذلك من التصرفات التي يعرفها الناس.
حين تكون عازماً على اتخاذ هذا القرار وتنفيذه ينبغي أن تكون متحلياً بقدر من الشجاعة، ومُدركاً أن الزوجة في جميع الأحوال لن تقف من هذا الخبر موقف المرحب، إنما أخبرها بأن زواجك بالثانية إنما هو تحت الرغبة البشرية الفطرية، وليس عن قلة حب لها أو عن عدم تقديرك لها أو عدم قناعة بها أو عدم تقصير منها أو قصور فيها، ونحو ذلك من الكلام الذي يُعطيها الثقة بنفسها، وأن هذا القرار لم يكن عن عيب فيها، ومع هذا قدم لها الوعود والالتزامات بأنك ستكون نفس الزوج الذي عرفته سابقاً القائم بالتزاماته الأسرية، القائم بحقوق زوجته، المحافظ على أسرته، المدرك لمسئولياته، وبهذا تكون قد أدخلت قدراً لا بأس به من الطمأنينة إلى قلبها، وذكّرها مع هذا بأن هذه سنة الله تعالى في الخلق، وأن الأنبياء والرسل والصالحين كلهم تزوجوا أكثر من امرأة، مع أنهم قد كانوا متزوجين بخيرة النساء ديناً وخلقاً وجمالاً، وهذا لا يمنعهم من الزواج بغيرهنَّ، لكن مع قيام الزوج بحقوق زوجته عليه.
هذا ما يمكن أن تفعله أنت، ويبقى تلقي الزوجة لهذا القرار بالمرارة وبالغيرة وبالحزن أمراً جبلياً فطرياً، ولكن حاول أن تزيح عنها هذا الألم بأنواع الإحسان إليها، سواء بالهدية أو الكلمة المعبرة أو إقامة العدل والتحري فيه بقدر الاستطاعة، لاسيما من الأيام الأولى بحيث تشعر بأنك لم تنصرف عنها إلى غيرها، هذا ما تستطيع أن تفعله في مثل هذه الظروف.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك وما ستقدم عليه، وأن يقدر لك الخير حيث كان.