تحقيق الطموح بدخول كلية رفيعة يتوقف على همة الطالب وعزيمته الصادقة
2010-11-24 08:16:38 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي بدأت في الثانوية العامة، فقد كان حلمي أن أدرس الطب، لكني مررت في تلك الفترة بضغوط نفسية، فلم أتمكن من تحقيق الدرجة المطلوبة، وقُبلت في الجامعة لكن في تخصص لا أرغبه، درست فيه مدة عام كامل ولم أستطع المواصلة، لذا تركته وانتقلت إلى جامعةٍ أخرى، ولكن في تخصص لا أرغبه أيضاً، أشعر دائماً بالضيق والحزن، أضغط على نفسي كي أذاكر، وأشعر أني تائه بلا هدف، ولم أستطع تحقيق ما كنت طوال عمري أحلم به، أتمنى لو أن الزمن يعود للوراء لكي أحقق حلمي.
أشيروا علي ماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يفتح عليك، وأن يوفقك لاتخاذ القرار الصائب المناسب، وأن يعوضك عن تلك الفترة التي ضاعت منك خير عوض.
وبخصوص ما ورد برسالتك – ابني الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن عدم تحقيق رغبة الإنسان، خاصة إذا كان قد هيأ نفسه لهذه الرغبة تهيئة كاملة، يؤدي إلى تحطم نفسيته، وشعوره بالفشل، وعدم انسجامه مع البيئة المحيطة به، بل ولا مع المجتمع كله؛ لأنه يشعر أنه فقد شيئاً عزيزاً عليه، وأن مستقبله بات مهدداً بتلك الأشياء التي حدثت، والتي كان من الممكن مع شيء من الاهتمام أن تتحقق، ولذلك أرى أن هذه الحالة النفسية التي تمر بها ستظل موجودة معك فترة طويلة من الزمن إذا مكثت على ما أنت عليه.
والحل -بارك الله فيك- يتوقف عليك أنت أيضاً شخصياً، فإذا كنت جاداً وصاحب قرار قوي، وصاحب إرادة وعزيمة، أقول من الممكن أن تذاكر الثانوية العامة مرةً أخرى من جديد، مع ما أنت فيه، فتكون منتسباً في الكلية التي أنت فيها وتذاكر الثانوية العامة بجد واجتهاد وبذلك تحتاج إلى مضاعفة الجهد جدّاً، وتدخل الثانوية العامة لتحقق هذه الدرجة، وبذلك تستطيع أن تحقق أملك، وكون الإنسان يخسر عامين أو ثلاثة أعوام من عمره أفضل ألف مرة ومرة من أن يخسر عمره كله.
أنا أقول هذا الكلام من واقع التجربة، لأني أعرف إخوة أفاضل بعد أن وصلوا إلى السنوات النهائية في كليات التجارة أو الزراعة أو الحقوق وكانت لهم رغبات معينة استطاعوا أن يحققوها بعد هذه الرحلة، فبعض الإخوة كان في كلية الزراعة دخلها بناء على أنها سهلة ميسورة وأنها في بلدتهم وكانت هناك مميزات كثيرة، وقد كان حصل على مجموع يؤهله لدخول كلية الطب، إلا أنه نظر في ظروف أبيه فلم يشأ أن يُرهق والده بالمصاريف فدخل هذه الكلية، وأبوه على فراش الموت بعد ثلاث سنوات من الدراسة في كلية الزراعة قال له: كم كنتُ أتمنى أن أراك طبيباً ماهراً يا ولدي، ومات الأب، وهذا الكلام كان من أواخر الكلمات التي قالها، عندها عزم هذا الأخ -وهو الآن أستاذ دكتور في جامعة عريقة- عزم على أن يحقق أمنية والده، فذاكر الثانوية العامة من جديد، وعاد يدرس مرة أخرى في كلية الطب، بل واستطاع أن يتخرج منها بامتياز وأن يعمل معيداً بها، واستطاع كذلك أيضاً أن يُصبح أستإذن إلى يومك هذا، فإذن هذه متوقفة بارك الله فيك على عزيمتك وإرادتك – ولدي عبد الله - .
بما أنه مر من عمرك عام أو سنة وأنت لم تحقق شيئا؛ لأنك غير مقتنع بما أنت فيه، فعدم قناعتك هذه ستؤدي إلى تشويش ذهنك، وتؤدي إلى عدم رغبتك في المذاكرة بطريقة جدية، وتؤدي أيضاً إلى إهمال أشياء كثيرة، وقد تظل أنت في مسلسل التنازلات حتى تموت، وبذلك لن تكون التعاسة من نصيبك أنت وحدك فقط، بل إنما ستكون من نصيب المرأة التي تتزوجها ومن نصيب الأولاد الذين سيخرجون إلى الحياة؛ لأنهم سيجدون أباً يتجرع التعاسة والحزن ليلاً ونهاراً، وبذلك سيأخذونه منه ولابد.
ومن هنا فإني أقول لك: إذا كنت رجلاً شُجاعاً وجريئاً ورجلاً صاحب رأي وقرار، واصل الدراسة بما أنت فيه على قدر المستطاع، وابدأ مراجعة الثانوية العامة من جديد بجد واجتهاد وقوة ومضاعفة جهد، وأنا واثق أنك من الممكن أن تعود إلى كلية الطب مرةً أخرى، وأن تدرس الطب، وأن تصبح في يوم من الأيام أستإذن كبيراً يُشار إليك بالبنان، فهذا ليس بعزيز على الله، وليس بمستحيل بالنسبة لك؛ لأن هناك من حقق ذلك، وما دام الناس قد حققوا هذا الحلم رغم الظروف الصعبة فإنك أيضاً بمقدورك أنت ولدي عبد الله أن تحققه كذلك، لأنك لست أقل منهم.
عليك بالدعاء أن يشرح الله صدرك للذي هو خير، وعليك بالإلحاح على الله أن يزكي عقلك، وعليك بتنظيم وقتك بكل قوة، ولا تضيع دقيقة واحدة في مجاملة أحد، وثق وتأكد من أنك إن بدأت في الأخذ بالأسباب فلن يتخلى الله تبارك وتعالى عنك.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأسأله أن يعينك على تحقيق حلمك المنشود، وأن يجعلك من المتميزين في الدنيا والآخرة.
هذا وبالله التوفيق.