بيان عظيم رحمة الله تعالى في مشروعية الطلاق، وكيفية علاج الحالة النفسية عقبه
2003-01-12 21:56:18 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فى البداية أود أن أشكركم وأهنئكم على هذا الموقع الرائع جعله الله في ميزان حسناتكم.
لقد مررت الفترة السابقة بتجربة زواج فاشلة لم نتمكن فيها أنا والإنسانة التي تزوجتها بالتوافق والحصول على أسرة هادئة وعيشة مريحة، ولا أريد أن أناقش هنا تفاصيل حياتنا لأن كل إنسان يتحدث من وجهة نظره ولا يجعل نفسه مخطئاً، ولكن نتيجة عدم توافقنا وكثرة المشكلات بيننا انفصلنا ثلاث مرات وأصبح من المستحيل شرعاً أن نعود لبعضنا.
وقد رزقنا الله بطفل عمره 7 شهور، وقد عاهدت الله أمام نفسي:
- أن أرضي هذه الإنسانة وأحاول إعطاءها كل حقوقها؛ لأننا حتى الآن لم نوثق هذا الطلاق ولم تأخذ حقوقها؛ لأننا انفصلنا يوم 29/12/2003 وأنا في بلد آخر: أنا في السعودية وهي في القاهرة.
- ألا أدخل الطفل في أي مشاكل بيننا وألا أحاول استخدامه كوسيلة ابتزاز لها أو إضرار بها، وفي نفس الوقت أريد أن يكون هناك ارتباط بيني وبين ابني لأني أحبه فعلاً وأريد أن أكون على علاقة به، وأريده أن ينشأ نشأة سوية لأنه لا ذنب له في كل ما حدث، وهو نعمة من الله لنا.
أقول ذلك لنفسي دائماً ولكني أشعر بحزن شديد وكآبه لما آل إليه وضعي، وأجد نفسي حزيناً دائماً، وعندما أفكر فيما حدث بيننا من مشاكل أشعر بظلمهم لي.
فما أفعل مع نفسي؟ أريد أن أخرج من هذه الأزمة وأنا محتفظ بتوازني ولا أريد أن أغضب الله علي، فماذا أفعل؟
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل / وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد تألمت كثيراً لتلك النهاية المؤلمة التي ختمت بها حياتكم الزوجية، وكم كنت أتمنى أن تعطوا أنفسكم فرصاً أخرى، وأن تبحثوا عن وسائل أكثر لحل هذه المشكلة، ولكن عموماً: قدر الله وما شاء فعل، (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)، النساء:19، فما أكثر الأحايين التي نتألم فيها على شيءٍ معين، ونحاول جاهدين ألا يحدث هذا الضرر الظاهر، ولا ندري أن داخل هذا القدر من رحمات الله ما الله به عليم، ولذلك ليس أمامك بداية إلا أن تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصبيتي واخلف لي خيراً منها، -وإن شاء الله- سوف يصلح الله حالك، وييسر أمرك، ويجعل عاقبتك إلى خير، ما دمت قد عقدت العزم على ألا تظلم هذه الزوجة، وأن تحسن إليها، وأن تعاملها بما يرضي الله.
ولكن اسمح لي بدايةً أن أسألك هذا السؤال: هل عرضتم مشكلتكم على أحد من أهل العلم الثقات؟ وهل سألت عن مدى وقوع هذه الطلقات الثلاث؟ وهل هي فعلاً طلاق شرعي أم لا؟
إذا لم تكن سألت فكم أتمنى أن تسأل لاحتمال أن يكون هناك بريق أمل تتعلقون به، يكون كفيلاً لإعادة الحياة الزوجية ولو في أدنى صورها، حتى ينشأ ولدك المبارك في محض طبيعي بين أبويه.
وإن كنت قد فعلت ذلك وتأكدت من وقوع الطلقات الثلاث فعلاً، وأنه يستحيل أن تعود الحياة مرة أخرى لعدم وجود أي أمل في التوافق؛ فأقول لك: احمد الله أن شرع الطلاق حلاً لمثل هذه المشكلة الصعبة، بالله عليك كيف ستكون الحياة لو شعرت أنك مجبر على حياة لا تطاق، ومعاشرة إنسان كل همه تحطيمك وتدميرك وإهانتك؟
فالحمد لله على كل حال، ونعوذ بالله من حال أهل النار، والحمد لله حمداً كثيراً على نعمة الإسلام العظيم، وكفى بها نعمة.
وأما بخصوص ما تعانيه من آلام نفسية، وحزن شديد بخصوص ما حدث، وما آل إليه وضعك؛ فهذا في الغالب شيءٌ طبيعي جداً؛ لأن الإنسان ليس حجراً ولا جماداً، وإنما هو بشر تجري العاطفة في عروقه، حتى الحيوان يتألم لفقد عزيز لديه من جنسه أو من غيرهم، فكثيراً ما سمعنا عن حيوانات قتلت نفسها لموت أصحابها وفراق عزيز عليها، ولكن -أخي وليد- ماذا ستصنع إذا كانت تلك إرادة الله؟ أليس هذا أهون من أن يقتل أحدكما الآخر والعياذ بالله؟ أليس ذلك أهون من أن يرمي أحدكم صاحبه بشيء من الفواحش التي تقتل الكرامة وتدنس العرض؟
المؤمن -أخي وليد- يرضى بما قسمه الله له، ما دام قد أخذ بالأسباب، وحاول الإصلاح، وعجز عن إيجاد أي حل مناسب، فهذا قدر الله أولاً وآخراً، ثم هب أن الله أراد لك الحياة من زوجة أخرى كتبها لك أزلاً، وأراد أن يعوضك بها خيراً عما أخذ منك، وقد يكون الأمر بالنسبة لزوجتك كذلك، فلماذا الجزع إلى هذا الحد، ونحن نعلم أن الله أرحم بنا من أمهاتنا التي ولدتنا؟
ارض بقسمة الله، واعلم أن ما قدره الله هو عين الخير، وأنه لا خير سواه ما دمت قد أخذت بالأسباب، وجميل جداً أن تتفقا معاً على ترتيب حياة ولدكما المبارك، حتى لا يشعر بالضياع نتيجة الخلاف بينكما، لذا أوصيك بإكرامها غاية الإكرام، حتى تحسن تربية ولدك، والإحسان إليه وتذكيره بك دائماً، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
فأزح عن نفسك هذه الكوابيس، وتنفس بملء رئتيك، وقل من أعماق قلبك: قدّر الله وما شاء الله فعل، واسأل الله أن يرزقك خيراً مما أخذ منك، وتأكد من أن الله سيعوضك خيراً ما دمت قد حاولت الإصلاح جاهداً ولم تظلمها، ولكن حالت إرادة الله دون إكمال المشوار، ونحن تحت رحمة الله وإرادته، ولا يسعنا إلا أن نقول: اللهم اقدر لنا الخير حيث كان، ثم رضنا به يا أرحم الراحمين، فاستعن بالله ولا تعجز، واترك الأمر لله يتصرف فيه بحكمته ورحمته، ولن يضيعك.
وبالله التوفيق.