الهم والحزن والفرق بينه وبين الاكتئاب
2005-03-22 21:41:40 | إسلام ويب
السؤال:
كنت أعاني من حالة اكتئاب سببتها لي حالة الوحدة التي أشعر بها، وعدم الاهتمام من أهلي، ثم تعرفت على شاب وانتهت هذه الحالة؛ لأنه ألغى عندي حالة الوحدة، ثم تقدم الشاب لخطبتي لكن حدثت مشاكل بين أهلي وأهله ولم تتم الخطبة!
الآن يجب أن أتركه لكني لا أستطيع؛ لأني عدت إلى نفس الحالة التي كنت أعاني منها في البداية، ولكنها ازدادت أيضاً، وأصبحت أبكي طوال الوقت، وأصاب بنوبات صداع، وأنام غالبية اليوم.
أشعر أني في حاجة إليه وهو أيضاً في حاجة إلي، ولكن أهلي يرفضون الحديث في هذا الموضوع ثانية كما يرفض أهله! فما الحل؟ لأن أبي يريد مني أن أعود إلى حالتي التي كنت عليها في البداية، مع العلم أني كنت أداري حزني ولا أكشفه لأي أحد.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنه ليسرنّا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يقدّر لك الخير حيثما كان.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنني أخشى أن يكون تشخيصك لحالتك بأنها نوع من الاكتئاب غير دقيق، إذ أن هناك فعلاً أوجه شبه كثيرة بين مظاهر وأعراض الاكتئاب والهم والحزن، إلا أن هناك في نفس الوقت فوارق هائلة بينهما، والذي يبدو لي من حالتك أنها عبارة عن نوعٍ من الهم والحزن الشديد أدى بك إلى اعتزال أفراد الأسرة، خاصةً وأنهم لا يهتمون بك بالقدر اللازم والطبيعي من وجهه نظرك، فأحب أن أقول لك أختي الكريمة أميرة: أتمنى أن تطردي فكرة الاكتئاب هذه من نفسك؛ لأنها فكرة مدمرة، ولا تزيد الأمر إلا سوءاً، ولا تساعدك في التخلص من مشاكلك الداخلية والخارجية، فاتفقي معي بدايةً على طرد هذه الفكرة، ثم ارسلي رسائل إيمانية إلى نفسك أنك لست مريضة بمرض الاكتئاب، وأن أعراض حالتك تختلف تماماً عن أعراض مرض الاكتئاب، وكم أتمنى إذا كنت وحدك أن تقولي بصوتٍ مرتفع: أنا لست مريضة، أنا طبيعية جداً، أنا قادرة على مواجهة المشكلات بتوفيق من الله، رددي هذا العبارات عشرات المرات في اليوم بصوتٍ مرتفع إذا كنت وحدك، وبصوت منخفض إذا كنتِ مع غيرك، واجعليها آخر العبارات التي تصدر منك قبل النوم مباشرة، وتأكدي من أنك سوف تتغيرين في فترةٍ قياسية، وستصبحين طبيعية جداً إن شاء الله دون حاجة إلى دواء أو مراجعة طبيب، وإذا لم تُفلح هذه الطريقة في إخراجك من حالتك، فأنصح بعرض نفسك على أخصائي نفساني لمساعدتك في الخروج من هذه الحالة؛ حتى لا تستمر معك وتتضاعف آثارها مستقبلاً، وإن كنت أنا شخصياً واثقٌ من أنك لست مريضة؛ لعدم وجود الأعراض الحقيقية للاكتئاب عندك، وأوصيك أولاً وآخراً بالدعاء والإلحاح على الله أن يشفيك، وأن يصرف عنك كل سوء، واعلمي أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، كذلك أوصيك بقراءة ورد من القرآن الكريم يومياً بصفةٍ منتظمة.
وعليك بأذكار الصباح والمساء دائماً، وكذلك أتمنى أن تحاولي الخروج من وحدتك هذه بزيارة بعض صديقاتك، أو الخروج للفسحة والتنزه مع أحد المحببين لديك من أسرتك ولو بصفةٍ أسبوعية، واشتركي في أي أنشطة جماعية بالمدرسة، وإذا تيسر لك حضور بعض المحاضرات أو الندوات أو الدروس الدينية في الحي فهذا مفيدٌ جداً إن شاء الله.
وأما بخصوص رفض الشاب الذي تقدم لك من قبل أهلك، فاعلمي أختي الكريمة أنه لو كان لك نصيبٌ فيه فسوف يأتي إليك مرة أخرى، وسيتغلب على جميع العقبات بإذن الله؛ لأنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، وأن ما قدره الله فهو كائنٌ لا محالة، ولا يمكن لأحدٍ أن يغير إرادة الله، وإذا لم يكن فيه نصيب أو أن الله لم يقدر أن يكون زوجاً لك فلا يمكن أن يكون لك؛ لأنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، ونحن كبشر ننظر بعينٍ ونظرة واحدة، أما مولانا جل جلاله فيعلم الغيب ويختار للإنسان ما يصلح له، وما ينفعه في دينه ودنياه، فلا تشغلي نفسك بهذه المسألة، ودعيها لله وحده، وعليك فقط بالدعاء بالزوج الصالح، ودعي الأمر كله لله، واهتمي بدراستك حتى تنتهي منها على خير وبتفوق، فالأمة في حاجة إلى مسلمة صالحة أمثالك تشرّفها في الدنيا والآخرة .
هذا وبالله التوفيق.