كيفية التعامل مع الزوج المتعلق بأمه كثيراً

2004-06-15 18:01:20 | إسلام ويب

السؤال:
تزوجت في شقة أم زوجي مع تغيير الأثاث مناصفة بيني وبين زوجي، لكنني لا أشعر بالراحة، وزوجي شديد التعلق بوالدته، ولا يستطيع أن يوازن الأمور بيننا، مع العلم بأنها تعاملني الآن بما يرضي الله بعد أن حدثت مشكلة كبيرة كادت أن تؤدي إلى الطلاق ؛ لأنها تحدثت علي بكلام قبيح، وأفشت بأشياء خاصة جداً لعائلتي وليس لأمي وأبي، مما سبب لي ضرراً نفسياً كبيراً، وذلك بعد أربعة أشهر من الزواج، وزوجي لم يخطئها، وكان رده أنني أخطأت عليه هو، ولذلك فأنا أستحق، والله أعلم بما في الصدور، وأعلم بما يدور بينهم من أحاديث؛ لأنه يقص عليها كل شيء حتى ولو كان شيئاً قبيحاً عني، وأنا لا أحمل لها أي ضغينة، لكن ما يضايقني هو أن تكون حياتي الخاصة كلها مفتوحة أمامها، ثم إنني ووالدة زوجي مختلفتين في كل شيء: في الأسلوب والتفكير.

أنا أختنق في الكثير من الأوقات ليس من الغيرة، لكن من اهتمام زوجي الزائد بكل ما تفعله والدته وثقته فيما تقوله على عكس ما يفعله معي، وهو يعتقد أن انفصالنا عنها في مكان مستقل عقوق لها وعدم بر بها، حيث إنها وحيدة وإخوته كلهم مهاجرون، وأنه ببقائه معها فإن الله سيكرمه الكرم الشديد حتى ولو كنت غير مرتاحة، وفكرة الاستقلالية غير واردة لديه على الإطلاق؛ لأنني قبلت من البداية، ويجب أن أتحمل أي شيء.

لقد وجدت الحياة مختلفة عما قاله لي قبل الزواج بأن هذا المنزل منزلنا جميعاً، فأصبح يردد على مسامعي معها أن هذا منزلها، وهي رقم واحد فيه لأتفه الأسباب؛ مما يضايقني؛ لأنني أشعر أنني تنازلت عن شيء مهم جداً لا يجب أن أتنازل عنه، أنا لا أسبب أي مشاكل، وأريد أن أعيش في سلام، لكن وجود طرف ثالث وحرص زوجي على رضاء والدته في كل المواقف، حتى التي تكون فيها مخطئة يعظم المشاكل ويزيدها.

أريد أن أعيش في سلام فما رأي الشرع في هذا الموضوع؟ وهل أنا مذنبة؛ لأنني وافقت في البداية إرضاءً له ولها ولم أجد أي عرفان منهما؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مادى حفظها الله ووفقها.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يجزيك خير الجزاء على إحسانك لزوجك ووالدته، وأن يعوضك خيراً، وأن يذهب عنكم هذه التصرفات التي تجرح مشاعرك، وأن يهدِ لك زوجك ووالدته.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فأرى أنك امرأة فاضلة حيث وافقت في البداية على أن تقيما مع والدة زوجك، فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على نبل أخلاقك وأصالة معدنك، وما فيك من خير وصلاح، ولا يخفَ عليك أنّ تصارع الأجيال شيءٌ طبيعي جداً؛ نظراً لتفاوت السن والثقافات والمعارف بين جيل وجيل، وأن مثل هذه التصرفات التي تصدر من حماتك تعتبر طبيعية جداً، خاصة وأنها تعاملك الآن بما يرضي الله كما ذكرت، والمشكلة كلها حسبما ورد برسالتك في سلوك زوجك وتصرفاته، وفي قدرتك أنت على معالجة هذه التصرفات التي تؤذيك وتجرح مشاعرك، وأرى أن هذه الأمور كلها يسهُل حلها، وعلاجها يكون بشيءٍ من المصارحة والتفاهم والحوار الهادئ، وكذلك علاج تفشي أسراركم الخاصة، فأرى أنه بمقدورك مناقشة هذه الأمور كلها في جلسة مصارحة بعيداً عن التوتر أو العصبية من قبلكما معاً، وأقترح أن تكون هذه الجلسة بعيدةً عن المنزل تحت أي حجة أو عذر، وأن تكونا وحدكما وتتفقا على آلية وسياسة تتعاملون معاً بموجبها، ومثل هذه الجلسات لها آثار طيبة جداً في إزالة التوتر وسوء التفاهم، مع ضرورة أن تكوني واعية وحكيمة، فلا تستغلي الجلسة في ذكر عيوب أمه وتدخلاتها؛ لأن هذا قد يُفسد كل شيء ويحوله إلى مُدافع شرس يصعب التفاهم معه، وإنما ركزي عليه هو شخصياً وعلى تصرفاته، وبيني له حكم الشرع في إفشاء الأسرار الخاصة لأي أحد، واذكري له الحديث الوارد في ذلك، وأعتقد أنك قادرة على إصلاح زوجك وجعل البيت هو بيتك أنت فعلاً وأنها ضيفة عليك، وأنا واثق من ذلك فلا تضيعي هذه الفرص، ولا تعطي الأمور أكبر من حجمها، فالأمور التي ذكرتيها أنت قادرةٌ على تحملها وعلاجها بإذن الله، ولكن بشيءٍ من الحكمة والسياسة ما دام قرار زوجك معروفا لديك، وهو أنه يستحيل أن يتخلى عن أمه، وأنا في الحقيقة معه وأؤيد وجهة نظره؛ نظراً لعدم وجود غيره يقوم بعنايتها ورعايتها، ولا أعتقد أن المشكلة في أمه والإقامة معها، وإنما المشكلة في تفاهمكما معاً وعدم قدرتكما على حل مشكلاتكما والتفاهم حول مسيرة حياتكما، وهذه مشكلتك ومشكلة زوجك، وأنتما القادران على حلها والتخلص منها، فاصرفي عن ذهنك تماماً فكرة عدم الإقامة مع أمه، وابحثا معاً عن حلٍ آخر، وستجدين حلولاً كثيرة إن شاء الله، أهم شيء هو استعدادك لذلك، وأنا واثق من قدرتك لما فيك من حسن ظن بالله وصلاح واستقامة ورغبة في الخير، وإلا لما اتصلت بهذا الموقع، فاستعيني بالله وتوكلي عليه، وضعي يدك في يد زوجك، واصرفي عن ذهنك تماماً فكرة ترك هذا المنزل أو التخلي عن الأسرة؛ لأنك لو فكرت في ذلك لا تستحقين أن تكوني أماً لأجيال مسلمة قادرة على مواجهة التحديات كلها بالعزيمة، والصبر والثبات على الحق.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق في مهمتك، ومحافظتك على إكرام والدة زوجك، والحفاظ على أسرتك.

وبالله التوفيق.


www.islamweb.net