يائسة ومحبطة وتتمنى الانتحار
2004-03-31 22:21:48 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في الحقيقة لا أدري ماذا أقول ولكني يئست من حياتي ولا أعرف ماذا أفعل! أشعر أن الجميع يكرهني حتى أمي وأبي وإخوتي وكل من في الوجود، وأنه لا يوجد أحد يهتم بي، أشعر بالضياع، أشعر بأني بحاجة شديدة إلى من يساندني وأخبره بكل مشاكلي، أشعر أني بحاجة إلى خالقي إلى ربي، لا أعرف ماذا أفعل، أتمنى الرجوع لأيام الرسول صلى الله عليه وسلم، لأني عندما أرى ما أراه الآن في الأسواق من فتيات وشباب أشعر بالندم على وجودي في هذا العالم، أشعر أنني أنا المسؤولة، لا أعلم ماذا يا ترى ما بوسعي عمله؟ أتمنى الموت على العيش هكذا، حتى أنني في مرة من المرات كتبت رسالة انتحار لأني أحسست أني لا أستطيع التحمل أكثر، أرجو منكم المساعدة وبأسرع وقت ممكن.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة العزيزة / محتارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يصرف عنك هذه الأوهام، وأن يرزقك الأمن والأمان، والسعادة والاستقرار، وأن يهديك ويصلح بالك.
وبخصوص ما ورد برسالتك فأنا أولاً أحييك من أعماق القلب على غيرتك على الدين وحرصك على استقامة وصلاح المسلمين، وبالطبع فهذه الرغبة القوية والحرص الصادق لا تصلح معه نفسية مثل نفسيتك المحطمة، فإن النفس اليائسة المحطمة لا تستطيع أن تساعد نفسها فكيف بالله عليك يمكنها أن تساعد غيرها ؟
أنت في أمس الحاجة إلى عملية تغيير داخلية وقوية؛ لأن شعورك بالحرمان وكراهية الجميع لك يا ابنتي شعور غير صحيح، فلا أعرف في الوجود -حتى في بلاد الكفار- أباً أو أماً أو أسرة لا تحب ولدها أو ابنتها، هذا شيءٌ غير واقعي يا ابنتي، وأعتقد بأنك فعلاً لم تفهمِ الأمر بالطريقة الصحيحة، نعم أنا معك قد يكون بعض الأسر فيها نوع من الشح في العواطف نتيجة عوامل مختلفة تعيشها الأسرة، أما الكراهية فلا أعتقد وجودها بغير داع أو سبب، لذا أنصحك بدايةً بتحديد أسباب هذا الشعور وصوره ومظاهره، وحاولي أولاً تحديد الأسباب من وجهة نظرك.
ثانياً: ما هي مظاهر هذه الكراهية التي تتصورينها؟
ثالثاً : لماذا لا تتكلمي مع الوالدة أو الوالد أو أحد إخوانك الكبار في ذلك؛ حتى تعرفي فعلاً وجهة نظرهم؛ لاحتمال أنك حساسة بصورة كبيرة مما يخيل لك أن أي كلام معناه الكراهية وعدم الحب؟ لأن هذا القصور الذي عندك قد يوجد بين أولاد في مثل سنك في مرحلة المراهقة عندما يطلبون شيئاً معيناً من أهليهم ولا يجيبونهم أو يحققون رغبتهم، فيظنون أن أهاليهم لا يحبونهم، وهذا كله وهمٌ ولا أساس له من الصحة، فلا يوجد أحدٌ في الدنيا يحب أحداً مثل حب الأم أو الأب لأولاده، وخلاف هذا يصعب تصديقه يا ابنتي .
الرجاء عمل الأشياء التي طلبتها منك سابقاً، وبعدها سوف تعرفين إن كانوا فعلاً يحبونك أم لا، وأنا واثق مائة بالمائة أنهم يحبونك، ولكن الخلاف أن تنظرين إلى الحب من جهة غير التي يعرفونها هم، فالخلاف في وجهة النظر وليس في حقيقة الحب الذي لا يمكن نفيه أبداً، وإن شاء الله مع الأيام سوف تشعرين أكثر وأكثر بمحبتهم لك، مع العلم أن المحبة معناها كبير جداً، ولها صور متعددة يصعب حصرها، وفوق ذلك فلقد طالبنا الشرع بمحبة والدينا وأهلينا حتى وإن كانوا لا يستحقون ذلك؛ لأنهم الأصول التي ننحدر منها، ومن لا خير له في والديه لا خير له في أحدٍ من الناس، فمن منا يمكنه أن يكافئ أمه على آلام الحمل أو الوضع أو الرضاعة أو الحضانة والتربية؟ والله مهما عملنا ومهما قدمنا يستحيل أن نكافئهم على أقل شيءٍ قدموه لنا.
ولذلك علينا أن نتهم أنفسا بأننا لم نفهمهم، ولا نتهمهم بأنهم يكرهوننا، وحاولي أن تغيري طريقة تفكيرك هذه، وستجدين فعلاً أنهم يحبونك، وعليك بأهم سلاح وهو الدعاء الذي يغير الله به الأقدار، فأكثري من الدعاء أن يرزقك الله محبة والديك، وأن يملأ قلوبهم بمحبتك، وحاولي حضور المحاضرات الدينية والتعرف من خلالها على الأخوات الملتزمات، واجعليهم أصدقاء وأخوات لك، وستجدين معهم الأنس والسعادة، وكم أتمنى أن تضعي لك برنامجاً بسيطاً لحفظ القرآن الكريم ولو بمقدار آية واحدة يومياً، هذا بجانب مذاكرتك، وحاول أن تتفوقي في دراستك حتى تخدمي الإسلام فعلاً؛ لأن الأقوياء هم الذين يستطيعون خدمة قضاياهم، أما الضعاف فلا يمكنهم ذلك، واعلمي أنك خلقت في الزمن المناسب لك تماماً، وأن لك دور يجب عليك القيام به تجاه إسلامك ودينك، وهو طلب العلم الشرعي والتفوق الدراسي، والدعوة إلى الله وسط أخواتك في المدرسة والحي وفي الأقارب، فكل هؤلاء يحتاجون فعلاً إلى من يدعوهم إلى الله حتى يتم القضاء على المعاصي التي انتشرت كما ذكرت في رسالتك، أمامك دور كبير وعلى عاتقك مسئولية عظمية، والإسلام في أمس الحاجة إليك، فاجتهدي أن تقدمي شيئاً لخدمته، مع تمنياتنا لك بالتوفيق، والله الموفق.