الكتاب رغم صغر حجمه إلا إنه قد حوى الكثير من المفردات والمفاهيم التربوية الضرورية لكل أسرة لتربية (ابن زمانه) وهو ما دعا المؤلف أن يفصح عن معاناته عند إعداد الكتاب حيث يقول: "أمر آخر كنت أعاني منه هو أن موضوع إعداد الأبناء للمستقبل موضوع كبير وكثير الذيول" لذا فقد عمد المؤلف أن يتناول في الكتاب: "ما هو أكثر أهمية حتى لا يتضخم الكتاب ويتجاوز الحجم المعهود في هذه السلسلة: سلسلة التربية الرشيدة" ص 156.
- أوضح المؤلف في المقدمة الأسباب التي دعته لتأليف الكتاب وهو التطور السريع في زماننا الحالي مقارنة بالتغيرات التي حدثت في الماضي فيقول: "أننا نعيش في زمان مختلف عن كل الأزمنة الماضية"، و"التغيرات السريعة التي تجتاح مجتمعاتنا وأُسرنا مرشحة للمزيد من السرعة والمزيد من الانتشار" ص 3.
لذا كانت هذه الحكمة التربوية الهامة في المقدمة وهي (حث الآباء على أن يربوا أبناءهم غير تربيتهم، لأنهم خلقوا لزمان غير زمانهم)، وأوضح أن (هذه الحكمة التربوية العظيمة لم تكن الحاجة إليها في أي يوم أكثر من هذه الأيام) وأرجع السبب وراء هذه الحاجة إلى (التطور التقني السريع سرّع من التغيرات الاجتماعية في كل نواحي الحياة).
ثم وضح المؤلف في المقدمة مفهوم التربية الرشيدة حيث قال: "التربية الرشيدة: هي تلك التربية التي توفر اﻷفكار واﻷساليب واﻷدوات التي تساعد الصغار على الاستعداد للعيش وفق مرادات الخالق العظيم ومنهجه القويم وعلى الاستعداد لخوض معارك الحياة بكفاءة" ص4.
حفل الكتاب كما هي عادة المؤلف في كتبه بكثير من الإضاءات والتي تكتب في أعلى صفحات الكتاب وهي تمثل حكمة أو معلومة صيغت بحروف وكلمات صغيرة ولكنها غزيرة المعنى.
بعض اقتباسات الكتاب:
- حتى يربي الأبوان طفلا يعيش زمانه بكفاءة واستقامة، فعليهما أولاً أن يعيشا زمانهما ويستفيدا من معارفه وخبراته، ص 15.
-الثقافة التربوية: هي تلك المضامين المشتملة على اﻷفكار والمفاهيم والخبرات والمعطيات التي تساعد المربين على بناء شخصيات من يربونهم على مستوى المعتقدات والتصورات والقيم، وعلى مستويات السلوكيات أيضًا، ص16.
- إن المربين في هذا الزمان محظوظون جدًا إذا نظرنا إلى حجم المتوفر من مصادر التثقيف المعرفي، فبلمسة زر يمكن للأم واﻷب أن يجدا كل ما يريدانه في تربية صغارهما، وهذا كان مستعصيًا حتى على التخيل قبل أربعين سنة، ص17.
- دلت معظم الدراسات على أن المستوى التعليمي ﻵباء اﻷطفال الموهوبين أفضل من المستوى التعليمي ﻵباء اﻷطفال العاديين، ص 19.
- عماد اﻷسرة الجيدة أبوان متحابان متفاهمان، ﻷن من الصعب أن يشعر اﻷطفال باﻷمان والسكينة والاستقرار في منزل هو عبارة عن ساحة حرب باردة بين اﻷبوين حيث الشتم والضرب والتهديد والمكر، ص20.
- إن من حسن الحظ أن الأساليب والوسائل التربوية موحدة أو شبه موحدة على مستوى العالم، وهذا يسهل التوافق عليها، ص22.
- إن غرس الإيمان العميق في نفوس الأطفال عمل عظيم لكنه محفوف بالمخاطر، فقد رأيت الكثير من حالات الإخفاق في هذا الشأن، والسبب بسيط، إذ إن حمل الطفل على بعض العادات كثيراً ما يتم عن طريق الضغط وبنوع من الإكراه، وهذا يؤدي إلى نفوره بشكل واضح، وكثيراً ما سمعنا عن أطفال يصلون من غير وضوء، وبعضهم يقول: إنه ذهب إلى حلقة لحفظ القرآن الكريم في المسجد والحقيقة أنه كان مع أحد أصدقائه، ص31.
- التربية بالأفعال والسلوكيات هي التربية الأنيقة والجذابة، وهي الأصل والأساس، وأكبر مشكلة نعاني منها على صعيد بناء الأجيال عدم وجود ما يكفي من المربين الذين ينجذب إليهم الصغار ويعجبوا بأوضاعهم وأحوالهم، ص32.
التربية على الإبداع: إن الحاسم في مسألة الإبداع ليس معدل الذكاء، وإنما العادات الذهنية والنفسية التي يكتسبها الطفل في منزله، إن نظرية (الذكاءات المتعددة) تبشرنا بأن معظم الأطفال يملكون من الموهبة ما يؤهلهم للإبداع في مجال من المجالات، وإذا وجدنا أن معظم أبنائنا عاديون، فهذا يدل على خطأ ما في أسلوب التربية في البيوت أو أسلوب التعليم في المدارس، ص40.
- الرؤية الواقعية: التربية الجيدة هي التي توجد لدى الطفل نوعاً من التوازن بين المثالية والواقعية، الإنسان المثالي يرتبط بالقيم التي يؤمن بها، ويتطلع إلى المستقبل مع غض الطرف عن كثير من معطيات الواقع، ص 49-50.
- إن الأزمة الأساسية التي يعاني منها العالم اليوم هي أزمة أخلاقية، حيث يتراجع الحس الإنساني ويكثر الزيف والتناقض بين ما يفعله الناس في خلواتهم، وما يفعلونه أمام الآخرين، ص 69.
- إن مخاطبة العقل من أجل الأخلاق لا تعني تكديس المعارف والنصائح في عقل الطفل، فهذا أسلوب يضر أكثر مما ينفع، ولا سيما إذا أخذ شكل الوعظ الكثيف والمتتابع، ص 70.
- إن الطفل حين يولد لا تكون لديه مناعة أو حصانة من الكذب ، بل يمكن القول: إنه يتعلم الصدق والأمانة بالتدرج من أسرته والمجتمع الذي يعيش فيه، ص 78.
- إن صرامة كثير من الآباء وجديتهم الزائدة قد جعلت أبنائهم ينفرون منهم، ويندفعون إلى الأقران والزملاء ليجدوا لديهم ما فقدوه في بيوتهم، ص 92.
- إن الطير حين تنبت قوادمه وخوافيه ويقوى جناحاه، يصبح مؤهلاً لمغادرة العش والهجرة إلى بلاد بعيدة، وهكذا أبناؤنا وفلذات أكبادنا، ص101.
- نحن نحتاج من كل أسرة أن تنظر إلى تربية كل طفل من أطفالها على أنها مشروع مهم يستحق كل العناية وتوفير كل الموارد والأدوات المطلوبة، والبداية دائماً في الثقافة التربوية التي على الأبوين امتلاكها من أجل نجاح المشروع، ص110.
- التعليم الجيد عالي التكلفة هذه الأيام وفوق طاقة كثير من الأسر، لكن من المهم أن يدرك الأبوان أن التعليم الرديء أعظم كلفة بكثير من التعليم الجيد ولكن على المدى البعيد، ص 112.
- الذكاء الموجود لدى الإنسان متنوع، ورغباته أيضاً متنوعة، والشيء الأجمل هو إيجاد درجة عالية من التوافق بين مواهب الطفل ورغباته، ص115.
- معرفة ميول الطفل وإمكاناته العقلية يمكن اكتشاف كثير منها من خلال بعض اختبارات الذكاء، ومن خلال درجات الطفل في المدرسة، ومن خلال ملاحظات والديه وأساتذته، وقد يكون الأهم من كل ذلك الشيء الذي يرغب الطفل في قضاء وقت فراغه فيه، ص115.
- تنشئة الأجيال الجديدة على حب الكتاب وتعشق المعرفة شيئاً ذا أولوية مطلقة إذا ما أردنا لمستقبل الأمة أن يكون خيراً من حاضرها، ص117.
- إن الرؤية التي نملكها للصغير، أو يمتلكها هو بنفسه أشبه بنبتة عزيزة، تحتاج حتى تستمر في النمو إلى سقاية وعناية مستمرة، حيث يكون بقاؤها حية هو الهدف النهائي، ص130.
- المثابرة هي البطل الدائم في حياة كل الناجحين، وهي السر العميق وراء تحقيق متوسطي الذكاء لنتائج عظيمة لم يحققها بعض العباقرة، المثابرة تعني القدرة على الاستمرار في العمل على الرغم من الصعوبات والمعوقات والظروف غير الملائمة، ولهذا فإن المثابرة تعبر دائماً عن روح الإصرار والصمود وصلابة الإرادة، وإن من يتمتع بهذه الصفات شخص تصعب هزيمته، ص131.
- إن المبادرة لدى الشخص من الناس هي أقوى دليل على تمتعه بالسمات والقدرات القيادية في الحياة العامة على الأقل، ومن ثم كان لزاماً على الأسر أن تنمي روح المبادرة لدى صغارها بكل الوسائل الممكنة، ص137.
- كلما تعقدت الحياة أكثر كثرت الأعمال التي تحتاج إلى أداء جماعي، و(ابن زمانه) سيجد أن عليه أن يوطن نفسه لذلك على نحو جيد، وإلا فإن الفشل سيكون حليفه، ص143.
- يجب تعليم الطفل اختيار الوقت والمكان المناسبين لطرح أفكاره، فالفكرة مهما كانت ممتازة إذا طرحت في وقت غير مناسب لم يلتفت إليها الناس ولم يهتموا بها، ص 148.
- نحن نريد تنشئة أطفالنا على الحوار، وليس على الجدال، الحوار يعني توضيح وجهة النظر من غير إلحاح على الطرف الآخر بقبولها، وذلك لأن الحوار هو عملية إضاءة متبادلة للنقاط المظلمة: أضيء لك نقطة لا تراها، وتضيء لي نقطة لا أراها، وبعد ذلك لكل منا الحق في اختيار ما يراه صواباً، ص149.
- علينا تربية الطفل على الفرح بالوصول إلى الحق والحقيقة بقطع النظر عن أي شيء آخر، ص150.
- الكاتب:
المؤلف: أ.د عبد الكريم بكار - التصنيف:
ثقافة و فكر