في تظاهرة إنسانية أدبية هي الأولى من نوعها في هذا المستوى ، يزور أعضاء مؤسسون في البرلمان العالمي للكتّاب فلسطين للتعبير عن تضامنهم ومساندتهم للشعب الفلسطيني، ومحاولة كسر حصار الكلمة وتحطيم الغيتوات التي تحاصر إسرائيل في داخلها الشعب الفلسطيني. وتتضمن هذه التظاهرة فعاليات متنوعة على امتداد ستة أيام تشمل لقاء مثقفين وأدباء إسرائيليين.
ويضم وفد الأدباء العالميين كلاً من الروائي الأميركي راسل بانكس، ورئيس البرلمان العالمي للكتّاب وول سوينكا الحائز على جائزة نوبل للآداب للعام 1988 ، ورئيس البرلمان السابق البرتغالي خوسيه ساراماغو الحائز أيضاً على جائزة نوبل للآداب، والصيني بي داوو أحد الأعضاء المؤسسين للبرلمان، والشاعر والروائي والفنان التشكيلي من جنوب أفريقيا برايتن براتيناخ، وكرستيان سالمون (فرنسا) وفيشنزو كونسولو (إيطاليا) وخوان غويتسولو (إسبانيا).
وبعد أقل من 12 ساعة على وصول أعضاء بعثة الأدباء والشعراء العالميين إلى رام الله، قال الحائز على جائزة نوبل في الآداب (1998) خوسيه ساراماغو البرتغالي الجنسية : كل ما اعتقدت أنني أملكه من معلومات عن الأوضاع في فلسطين تحطم ، فالمعلومات والصور شيء والواقع شيء آخر . يجب أن تضع قدمك على الأرض لتعرف حقاً ما الذي يجري هنا . وزاد: فلنأخذ رام الله مثلاً ، فنحن نعلم أن الرئيس الفلسطيني فيها وشاهدنا صور الدبابات فيها، ولكن ما لم أعلمه أنه فوق رام الله لا توجد مستوطنة واحدة فقط أو اثنتان ، بل كثير من المستوطنات، ومعسكرات الجيش تجثم فوقها وتضعها في مرمى الرصاص الإسرائيلي. رام الله والقرى والمخيمات جميعها محاصرة في غيتوات .
وقال ساراماغو للصحافيين في رام الله : يجب قرع الأجراس في العالم بأسره للقول : إن ما يحدث هنا جريمة يجب أن تتوقف... جريمة يجب أن نضعها إلى جانب أوشفيتس، إذ إن رام الله بأسرها حوصرت والشعب الفلسطيني بأسره وضع في غيتوات . وأوضح: ليس هناك أفران غاز هنا ولكن القتل لا يتم فقط من خلال أفران الغاز. هناك أشياء تم فعلها من جانب الاحتلال الإسرائيلي تحمل نفس روحية النازي في أوشفيتس. أمور لا تغتفر تحدث للشعب الفلسطيني !
وقال : إن سؤال المليون هنا هو : لماذا لا نرى ذوي القبعات الزرقاء هنا؟ أين قوات الأمم المتحدة لتفصل بين الشعب الفلسطيني وتحميه من قوات الاحتلال؟ .
وقال الروائي راسل بانكس رئيس البرلمان العالمي للكتّاب : إن الساعات التي قضاها في فلسطين حتى الآن حفرت في ذاكرته مشاهد لن ينساها أبداً. وأوضح: عندما اجتزنا الحاجز للدخول إلى رام الله بعد التفتيش وإبراز جوازات السفر وغيرها، شعرت تماماً بأنني سجين مثلما يحصل لي عندما أزور سجناء في السجون في أميركا. في اللحظة التي اجتزنا فيها الحاجز، أحسست بأن الباب أغلق خلفي وأني سجين .
وقال خوان غويتسولو : إنه زار ساراييفو ثلاث مرات وهي تحت الحصار وكذلك الشيشان في الحرب الأولى ورأيت كيف يتم تحييد الواقع من خلال الكلمات ، كيف يفسر حق الدفاع عن النفس بأنه إرهاب والإرهاب بأنه دفاع عن النفس !! أستطيع أن أعدد دولاً تمارس الإرهاب ، وإسرائيل هي إحدى هذه الدول . وتابع: يجب أن نخرج أنفسنا من الكليشيهات وأن لا نساوي بين القاتل والضحية ، بين القوة المحتلة والشعب الذي يرزح تحت الاحتلال ويقاومه، ونحن ممثلو شعوبنا غير المنتخبين ، وعلينا أن ننقل بأمانة ما تشاهده أعيننا وتحسه قلوبنا .
أما رئيس البرلمان العالمي للكتّاب راسل بانكس فقال في رده على سؤال : إن جميع أعضاء الوفد متأكدون أنه سيتم اتهامهم بـ اللاسامية ، خصوصاً في الولايات المتحدة، لكنه أضاف: هذا لا يخيفنا. يجب أن نرفض هذا النوع من الإرهاب الثقافي الذي يدعي أن توجيه الانتقادات للجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين هو نوع من معاداة السامية . ودعا وول سونيكا إلى عدم زرع الكراهية في قلوب الأجيال القادمة .
ووصف الشاعر الفلسطيني محمود درويش في حديث إلى الحياة زيارة بعثة الأدباء بأنها تضع القضية الفلسطينية في مكانها الصحيح في الضمير وفي الخطاب الثقافي العالمي .
وقال : إن هذه الزيارة التاريخية تعطي الشعب الفلسطيني إحساسا ضرورياً بأنه ليس وحيداً وأنه ليس معزولاً عن أسئلة الحرية في العالم .
وأصدر البرلمان العالمي للكتاب بياناً أشار فيه إلى أن حرباً قائمة في فلسطين، وهي ليست بين جيشين لدولتين عدوتين، وإنما يشنها جيش من أقوى جيوش العالم على شعب محتل ، ليل نهار، ومنذ عدة شهور حتى الآن، كما يحاصر الجيش المناطق الفلــسطينية ويقيم الغيتوات والمعازل حيث لا تتحرك سوى الدبابات ... هم يوطدون حرب الجميع ضد الجميع. مرة أخرى ينـتصب سراب الدول النقية العرق ومنطق التمييز العنصري الأعوج على أرض منسوجة من الاختلافات .
- الكاتب:
سائدة حمد - التصنيف:
قراءات وتحليلات