[ ص: 59 ] باب الحدود
( قال ) رحمه الله تعالى : الشافعي ، أو غير ذلك مما هو أعلم به وليس للآدميين في هذا حق وحد ، أوجبه الله تعالى على من أتاه من الآدميين فذلك إليهم ولهما في كتاب الله تبارك وتعالى اسمه أصل ، فأما الحد حدان حد لله تبارك وتعالى لما أراد من تنكيل من غشيه عنه وما أراد من تطهيره به في كتابه فقوله عز وجل { أصل حد الله تبارك وتعالى إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } إلى قوله { رحيم } فأخبر الله تبارك اسمه بما عليهم من الحد إلا أن يتوبوا من قبل أن يقدر عليهم ، ثم ذكر حد الزنا والسرقة ولم يذكره فيما استثنى فاحتمل ذلك أن لا يكون الاستثناء إلا حيث جعل في المحارب خاصة واحتمل أن يكون كل حد لله عز وجل فتاب صاحبه قبل أن يقدر عليه سقط عنه كما احتمل حين { ماعز ألا تركتموه } أن يكون كذلك عند أهل العلم قال النبي صلى الله عليه وسلم في حد الزنا في قبل أن يقام عليه الحد سقط عنه ومن قال هذا قال هذا في كل حد لله عز وجل فتاب صاحبه قبل أن يقدر عليه سقط عنه حد الله تبارك وتعالى في الدنيا وأخذ بحقوق الآدميين واحتج السارق إذا اعترف بالسرقة والشارب إذا اعترف بالشرب ، ثم رجع عنه فيسقط عنه القتل فيبطل القطع عن السارق ويلزمه المال لأنه قد اعترف بشيئين أحدهما لله عز وجل ، والآخر للآدميين فأخذناه بما للآدميين وأسقطنا عنه ما لله عز وجل ومن ذهب إلى أن الاستثناء في المحارب ليس إلا حيث هو جعل الحد على من أتى حد الله متى قدر عليه ، وإن تقادم ، فأما حدود الآدميين من القذف وغيره فتقام أبدا لا تسقط قال بالمرتد يرتد عن الإسلام ، ثم يرجع إلى الإسلام الربيع قول رحمه الله تعالى الشافعي وحده الذي أظن أنه يذهب إليه قال الاستثناء في التوبة للمحارب الربيع ، والحجة عندي في أن الاستثناء لا يكون إلا في المحارب خاصة حديث ماعز حين أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر الزنا ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمه ولا نشك أن ماعزا لم يأت النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره إلا تائبا إلى الله عز وجل قبل أن يأتيه فلما أقام عليه الحد دل ذلك على أن الاستثناء في المحارب خاصة