الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فشلي في الدراسة أوقعني في بعض المعاصي، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي سؤال: حاليًا أعيش أسوأ لحظات حياتي -والحمد لله على كل حال-، أشعر بالضغط بسبب عدم نجاحي في العام الأخير في الثانوية، وأدمنت العادة والمقاطع المحرمة تقريبًا منذ عام ونصف، ومقصر جدًا في صلاتي، ولكن دائمًا لدي ثقة بالله، وأحمده على ستره المتكرر لي، وعلى كل شيء، ولكني أشعر بالضياع حاليًا، ولا أعلم ماذا أفعل؟ وأدعو الله قبل النوم أن ييسر حياتي، ويرزقني ويعجل رزقي، وأسأل الله دائمًا الهداية إلى الصراط المستقيم.

فما العمل، وما رأيكم في هذه المشكلة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يأخذ بيدك إلى كل خير، وأن ييسّر لك أسباب النجاح والفلاح.

نشكرك على تواصلك مع الموقع، ونهنئُك أولًا بهداية الله تعالى لك وتحبيبه حمده إليك، فأكثرتَ من حمده، وأحسنت الظنّ به، وهذه أعمالٌ صالحة، نرجو لك خيرها وبِرَّها.

ولو تفكّرت في نعم الله تعالى عليك الكثيرة لامتلأت حُبًّا لله تعالى، فإن نعم الله تعالى علينا لا تُعدُّ ولا تُحصى، وهذا النوع من التفكُّر يبعث فينا الحياء من الله حينما نُقصّر في حقِّه علينا، ويبعثنا كذلك على مزيد من الطاعة إليه، فإن المُحبَّ لمن يُحبُّ مُطيعٌ.

فافتح على نفسك هذا الباب، وتذكّر دائمًا نعم الله تعالى عليك، ومن ذلك نعمة الستر للقبيح، وإظهار الجميل، فإنه لو اطلع الناس على ما تُخفيه عنهم لكرهك كثيرون، ولكنَّ الله تعالى بحلمه وكرمه وحُبّه لك وتودُّده إليك يستر عليك، ويُعافيك من العقوبات، ويُعطيك المهلة حتى تراجع نفسك وتعود إلى الطريق، وإذا رجعت فإنه يقبلك ويفرح بتوبتك ورجوعك إليه، ويُثيبُك، ويُبدّل سيئاتك حسنات.

فهذا هو الربُّ الكريم الرحمن الرحيم، فارجع إليه، وتُب إليه من تقصيرك وتضييعك لفرائضه، وخاصةً فريضة الصلاة، فإنها أعظمُ فرائض الإسلام بعد الشهادتين، وهي ميزان الأعمال، وأوّلُ ما يُوزن على الإنسان يوم القيامة من عمله هو الصلاة، فإذا صلحت صلحت سائر الأعمال، وإذا فسدت فسدت سائر الأعمال، كما ورد بذلك الأحاديث النبوية.

وعدم نجاحك في دراستك الثانوية، لا ينبغي أبدًا أن يكون سببًا لانتكاسك في سائر أحوالك، فإن أقدار الله سبحانه وتعالى يُجريها بمقتضى حكمته سبحانه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ ‌حَتَّى ‌الْعَجْزُِ ‌وَالْكَيْسُِ)، وربما قدّر الله تعالى لك شيئًا آخر غير التفوق الذي كنت تأمله وترجوه في الثانوية، ومع هذا لا بد من الأخذ بالأسباب المباحة للوصول إلى ما يتمنّاه الإنسان من خير الدنيا وخير الآخرة.

والهروب إلى الإدمان على ما يُسمّى بالعادة السرية أو التعلّق بالمقاطع المحرمة؛ الهروب إلى هذه الأحوال إنما هو زيادة في الحرمان، فإن العبد يُحرم الرزق كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَإِنَّ الرَّجُلَ ‌لَيُحْرَمُ ‌الرِّزْقَ بِخَطِيئَةٍ يَعْمَلُهَا)، أو قال: (وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ ‌بِالذَّنْبِ ‌يُصِيبُهُ).

فارحم نفسك وتجنّب أسباب الحرمان، وارجع إلى الله تعالى، واترك ما يضرُّك، واحرص على ما ينفعك كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (احْرِصْ ‌عَلَى ‌مَا ‌يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجِزْ)، وهذه الوصية النبوية تجمع الخير كله، اجعل حرصك على الشيء النافع، واستعن بالله على تحقيق هذا الشيء النافع، -ولا تعجز- أي لا تكسل وتفشل، وإنما خذ بالأسباب بجدٍ وحزمٍ، وستصل إلى ما قدّره الله تعالى لك، وحيث أوصلك الله تعالى فذلك هو الخير، وليس بالضرورة أن يكون الأمر على ما تتمنّاه أنت.

نوصيك -أيها الحبيب- بأن تُكثر من التعرُّف إلى الشباب الطيبين الصالحين الجادّين، وأن تُكثر من التواصل معهم والاستفادة منهم، ومجالستهم والتواصل معهم تُوقظُ في نفسك الهِمّة العالية، وتُرغِّبُك في الوصول إلى المعالي، وهم خيرُ مَن يُعينك على الثبات على السير على الطريق الصحيح.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً