الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أود الزواج بفتاة ولكني أجد عوائق من أهلها، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

عمري 20 سنة، وأحببت فتاة، ولكني لاحظت أنه يوجد صعوبة في قبول أهلها وأهلي بسبب فرق الجنسيات، مع أننا جميعاً عرب، فلا أظن أنها مشكلة كبيرة حتى علمت أنها وأهلها يريدون أن يقيموا عرسًا مختلطًا ولن يرضوا إلا بذلك, وهي لم تتحجب بعد، وتظن أمها أن هناك عمرًا معينًا لبناتها أن يتحجبوا فيه، وقبل ذلك فيكون مبكرًا، لأنهم صغار، مع كل ذلك صدقًا أحبها، وأدعو دائمًا من كل قلبي أن يهديها الله، وأن يجمع بيننا بالحلال، ويكتب لنا ما فيه الخير.

ماذا تنصحونني أن أفعل غير ذلك؟ لأني غير قادر على ترك الموضوع، وأفكر فيه كثيرًا، وأنزعج جدًا، فلا أعلم ماذا أفعل؟

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ قيس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يجعلك من الصالحين، وأن يحفظك من كل شر، إنه جواد كريم.

أخي الكريم: أنت في العشرين من عمرك، وهذا يعني أنك لا زلت في مرحلة التعليم، أو شارفت على الانتهاء منها، فهل أنت قادر على الزواج؟ هل عندك المقدرة المادية على إقامة العرس وتحمل تكاليف بيت والنفقة عليه؟

إن نبيك -صلى الله عليه وسلم- يقول كما في حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- : (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، وهذه إشارة واضحة لا تخطئها العين أن البحث عن الزواج قبل الاستعداد، مهلكة للإنسان ومضيعة لوقته ومفسدة لحياته.

ولكم رأينا -أخي الكريم- من وقع في وهم الحب، فتمنى ما لا يقدر عليه، وظل يتعثر حتى سبقه أقرانه، وهو يمني نفسه بأنه سيتقدم غدًا، وأن الحظوة ستكون له، وربما منته الفتاة عبر التواصل معها -والذي هو محرم طبعًا- بأنها موافقة عليه، ثم ماذا؟

تقدم من كان مستعدًا للزواج فأخذها، وانتهت حياة الفتاة بالزواج ممن قدر واستطاع، وابتدأت حياة البؤس والشقاء ممن عاش الأماني ولم يدرك معنى حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يقرأ الواقع صحيحًا.

لذا نقول لك: إن لم تكن مستعدًا للزواج، فأوقف هذا التفكير فورًا، واجتهد في إنهاء دراستك، أو في البحث عن عمل يدر عليك دخلاً يؤهلك للزواج، ثم بعد ذلك تقدم للزواج ممن يجتمع فيها الدين والخلق، وما يرغبك بعدهما من الزواج بها، واعلم يا قيس أن فترة العشرين حتى الخامسة والعشرين فترة تقلبات فكرية، فبعض الأمور التي تريدها اليوم وترغبك في الزواج قد تتجاهلها غدًا، وقد تطلب غيرها، فلا يوهمنك الشيطان بأن من اخترتها لن تجد مثلها، ولن تجد الصفات إلا فيها، فتلك يا أخي من حيل الشيطان.

أما إن كنت قادرًا ومستطيعًا، فنرجو منك ابتداء أن تطمئن لأقدار الله تعالى، وأن تقرأ معنا تلك القواعد المحكمة التي ستعينك على تجاوز ما أنت فيه:

أولاً: اعلم أن الله قد كتب لك زوجتك قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة فاطمئن، فمن كتبها الله لك معلومة باسمها ووصفها ورسمها، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء ".

فإذا قدر الله لك هذه الفتاة، فلن يأخذها غيرك، وإن لم تكن في قدر الله لك زوجة، فلن تكون لك، ولو جيشت الدنيا كلها، وستعلم في الخاتمة أن اختيار الله لك كان أفضل مما أردته لنفسك.

ثانيًا: أول ما ينبغي عليك الانتباه إليه حين تريد الزواج أن أساس بنيانه المستقيم: الدين والخلق، فانظر -أخي- هل هذا المعيار هو من أرشدك إلى الفتاة أم أمور أخرى؟ فإن كان الدين والخلق هما الأساس، ثم تبعهما مرغبات أخرى، فلا حرج عليك، المهم أن يكون الدين والخلق هما الأساس.

ثالثًا: إن كان الاختيار صحيحًا، فاطرق البيت من بابه، واعلم أن أقرب طريق بين النقطتين: الخط المستقيم، لذا نريدك أن تقرع بابهم مع أهلك، أو أن تستنطق جوابهم عبر وسيط آمن عن طريق أهلك لتعلم هل الباب مفتوحًا أم لا؟

ثالثًا: إن جاءك الرد بالسلب أو الإيجاب، فاعلم أن الخير في ذلك، فإن تمت الموافقة، فالحمد لله، فقد اخترت واستشرت واستخرت والعقبي في ذلك خير، وإن كان سلبًا، فالحمد لله إذ لم تعش على الأمنيات المهلكة، بل ستبحث عن غيرها، وما يدريك ساعتها أن الله قد خبأ لك من هي خير لك وأنت لا تدري؟

رابعًا: احذر أن تفعل شيئًا بدون معرفة أهلك أو رغبتهم، فإن من فعل ذلك خسر كثيرًا يا أخي، اعلم أنهم الأقرب لك، والأحن عليك، وأنت الأحب عندهم، فلا تخطُ خطوة إلا بعد إخبارهم، واستشرهم في كبير أمرك وصغيره، واستخر الله قبل الإقدام على أي فعل، فلا خاب عبد استخار ربه، واستشار الصالحين العقلاء من خلقه.

نسأل الله أن يوفقك، وأن يسعدك، وأن يقدر لك الخير لك حيث كان، وأن يرضيك به، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً