دور العلماء في علاج ظواهر الانحراف الفكري

09/06/2024| إسلام ويب


الإسلام يحث على التفكير والإبداع في مجالات الحياة كلها، ويثمن النتاج العقلي النافع، ولكن الفكر إذا كان في المجالات الدينية فلا بد من مراعاة حدود العقل مع الثوابت والمحكمات الشرعية، وإلا كان مظنة الانحراف وتسلط الأهواء والنزعات الشخصية، ومن هنا جاء دور العلماء في تأمين حركة الفكر وتسديدها، فالعلماء أمان الأرض وهداة الخلق إلى رب العالمين، مكلفون بمقتضى ما منحوا من العلم بحماية الدين من التحريف والتبديل، وبمقتضى كونهم ورثة الأنبياء، يقومون بواجب النصيحة للأمة، فيسددون ما انحرف من مسارها، ويجددون ما اندرس من أمر دينها، فكل ظاهرة انحراف أو غلو في الدين هم معنيون بالتصدي لها بالحجة والبيان، سواء كان انحرافا عن العقيدة أو عن الأخلاق أو عن الأحكام والتشريعات، فهم شركاء في إرساء الأمن والاستقرار في المجتمعات على أسس الإيمان والعمل الصالح. 

معنى الانحراف الفكري:
كلمة الانحراف تشير دلالاتها إلى معنى الخروج عن الوسطية الشرعية، وعن العرف المعتبر، واما الانحراف الفكري فهو كل خروج بالفكر عن جادة الوسط والاعتدال في أصول الاستدلال ومصادر التلقي، بما يؤثر على النظم الاجتماعية، والقيم السمحة، والمصالح المعتبرة، ويشكل خطرا على المجتمع المسلم في دينه أو أمنه أو أخلاقه، سواء كان الانحراف ينحو نحو الإفراط أو التفريط، فالاختلال في التفكير والتصورات، وفقدان التوازن المنهجي، هو الذي يقود إلى مزالق العنف والتعصب، ومهاوي التطرف والغلو، وتظهر آثاره على مستويات متعددة في الحياة العامة، لأن الانحراف الفكري حين يتعمق في النفس يصبح هو الموجه الرئيسي للتصرفات، وتبنى من خلاله العلاقات بالأطراف المخالفة.
 
بدايات الانحراف الفكري:
كان أول انحراف فكري في تاريخ الخلق ذلك التصرف الآثم من إبليس حين امتنع من امتثال الأمر بالسجود لآدم، وقد كان يقف وراء ذلك التصرف العملي انحراف فكري يتمثل في الكبر والاستعلاء، واعتقاد الأفضلية، والتعالي عن مرتبة العبودية.
وأخطر انحراف بشري وقع على هذه الأرض هو الشرك بالله تعالى، بعد أن تدرج الانحراف في ذلك شيئا فشيئا، بدءا من الاعجاب بالصالحين وتعظيمهم (ود، وسواع، ويغوث، ونسر)، وانتهاء بعبادتهم من دون الله، وهذا يدل على أن الانحرافات الكبيرة تبدأ بانحراف فكري يسير قد يكون ملتبسا ببعض الحق، فالذي يدرك مآلات ذلك هم العلماء الربانيون، فلا يتساهلون في وأد مبادئ الانحراف في بواكيره.
 
معالجة الانحراف الفكري في الهدي النبوي وسيرة الصحابة:
وإذا تأملنا الهدي النبوي في علاج الانحراف الفكري نجد أنه يتسم بالمعالجة المثمرة المبكرة، من خلال القضاء على أسبابه ودوافعه، وقطع الطريق على الفكرة الخاطئة في مهدها، ولذلك شواهد كثيرة، من خلالها يقتدي العلماء والمصلحون:

الأول: في حادثة النقاش في باب القدر بادر النبي صلى الله عليه وسلم إلى زجرهم، وتحذيرهم من مغبة ضرب القرآن بعضه ببعض باستدلالات خاطئة، كما في مسند الإمام أحمد عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن نفرا كانوا جلوسا بباب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم: ألم يقل الله كذا وكذا؟ وقال بعضهم: ألم يقل الله كذا وكذا؟ فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج كأنما فقئ في وجهه حب الرمان، فقال: «بهذا أمرتم؟ أو بهذا بعثتم؟ أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض؟ إنما ضلت الأمم قبلكم في مثل هذا، إنكم لستم مما هاهنا في شيء، انظروا الذي أمرتم به، فاعملوا به، والذي نهيتم عنه، فانتهوا».

الثاني: ومن شواهد ذلك عند الخلفاء الراشدين ما أورده الآجري في الشريعة عن سليمان بن يسار: أن رجلا من بني تميم يقال له: صبيغ بن عسل، قدم المدينة، وكانت عنده كتب، فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فبعث إليه وقد أعد له عراجين النخل، فلما دخل عليه جلس، فقال له عمر ابن الخطاب: من أنت؟ فقال: أنا عبد الله صبيغ فقال عمر: وأنا عبدالله عمر، ثم أهوى إليه فجعل يضربه بتلك العراجين، فما زال يضربه حتى شجه، فجعل الدم يسيل على وجهه، فقال: حسبك يا أمير المؤمنين، فقد والله ذهب الذي كنت أجد في رأسي قال الآجري: وإنما استحق الضرب، والتنكيل به لما تأدى إلى عمر ما كان يسأل عنه من متشابه القرآن من قبل أن يراه فعلم أنه مفتون، قد شغل نفسه بما لا يعود عليه نفعه.
وقد كانت تلك سمة الخوارج الذين خرجوا على خيار الصحابة وأئمتهم، حيث كانوا يسألون عن المتشابه من القرآن، وينزعون إلى التأويل المذموم والتنطع في أمور لم يؤمروا بها.
الثالث: وحين يتعلق الانحراف بتهديد نظام الأمة، وتبديل معالم الدين فقد كان للصحابة موقفا آخر في معالجة الانحراف الفكري، ولا سيما حين يخرج عن دائرة الفكر إلى العمل، فهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قتل بالكوفة في صحراء أحد عشر جماعة ادعوا أنه إلههم ، خدَّ لهم في الأرض أخدودا وحرقهم بالنار، وقال:
لما سمعت القول قولا منكرا     أججت ناري ودعوت قنبرا
الرابع: ومن شواهد معالجة الانحراف الفكري عند الصحابة بإقامة الحجة والبرهان، ومناقشة الأفكار والأطروحات التي تؤسس للغلو، كما فعل ابن عباس رضي الله عنهما في مناظرة الخوارج، وقد ساقها ابن عبد البرِّ في جامع بيان العلم وفضله، وممَّا جاء فيها: «قالوا: ما جاء بك يا ابن عبَّاسٍ؟ فقال: «جئتكم مِن عند أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وليس فيكم منهم أحدٌ، ومِن عند ابن عمِّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (يعني علي ابن ابي طالب)، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله، جئت لأبلغكم عنهم وأبلغهم عنكم؟» فقال بعضهم: لا تخاصموا قريشًا فإنَّ الله يقول: (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) [الزخرف: ٥٨] فقال بعضهم: بلى فلنكلِّمنه، قال: «فكلَّمني منهم رجلان أو ثلاثةٌ»، قال: قلت: «ماذا نقمتم عليه؟» قالوا: ثلاثًا، فقلت: «ما هنَّ؟» قالوا: حكَّم الرجالَ في أمر الله، وقال الله: (إِنِ الحُكْمُ إِلَّا للهِ) [الأنعام: ٥٧؛ يوسف: ٤٠، ٦٧]، قال: قلت: «هذه واحدةٌ، وماذا أيضًا؟» قال: فإنه قاتل ولم يَسْبِ ولم يغنم، فلئن كانوا مؤمنين ما حلَّ قتالُهم، ولئن كانوا كافرين لقد حلَّ قتالهم وسباؤهم، قال: قلت: «وماذا أيضًا؟» قالوا: ومحا نَفْسَه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أميرَ المؤمنين، فهو أمير الكافرين، قال: قلت: «أرأيتَكم إن أتيتكم من كتاب الله وسنَّة رسوله ما ينقض قولَكم هذا أترجعون؟» قالوا: وما لنا لا نرجع؟ قال: قلت: «أمَّا قولكم: حكَّم الرجالَ في أمر الله؛ فإنَّ الله تعالى قال في كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ) [المائدة: ٩٥]، (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا) [النساء: ٣٥]، فصيَّر الله ذلك إلى حُكم الرجال، فنشتدكم الله، أتعلمون حُكْمَ الرجال في دماء المسلمين وإصلاح ذات بينهم أفضلَ، أو في دم أرنبٍ ثمنِ ربع درهمٍ، وفي بُضْع امرأةٍ؟» قالوا: بلى هذا أفضل، قال: «أخرجتم من هذه؟» قالوا: نعم، قال: «فأمَّا قولكم: قاتل ولم يَسْبِ ولم يغنم؛ أفَتَسْبُون أمَّكم عائشة؟ فإن قلتم: نَسْبِيها فنستحلُّ منها ما نستحلُّ من غيرها، فقد كفرتم، وإن قلتم: ليست بأمِّنا، فقد كفرتم، فأنتم تتردَّدون بين ضلالتين، أخرجتم من هذه؟» قالوا: نعم، قال: «وأمَّا قولكم: محا نَفْسَه من إمرة المؤمنين؛ فأنا آتيكم بمن تَرْضَون، إنَّ نبيَّ الله يوم الحُدَيْبِيَةِ حين صالح أبا سفيان وسهيل بن عمرٍو قال رسول الله: «اكْتُبْ يَا عَلِيُّ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال أبو سفيان وسهيل بن عمرٍو: ما نعلم أنك رسول الله، ولو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُكَ، امْحُ يَا عَلِيُّ وَاكْتُبْ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَأَبُو سُفْيَانَ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو»، قال: فرجع منهم ألفان وبقي بقيَّتُهم فخرجوا فقتلوا أجمعين».

ملامح من دور العلماء في التصدي للانحرافات الفكرية:

سار العلماء على خطى الصحابة في حمل مسؤولية التصحيح والتقويم للانحرافات الفكرية، حيث يقومون هذه المهمة العظيمة، من خلال الوقاية من أسباب الغلو والانحراف الفكري قبل وقوعها، ومعالجة ما وقع من آثارها بالكلمة النافعة، والبيان الواضح، ومن خلال محاربة الجهل، والتعصب، والرد على التأويلات الفاسدة لمحكمات الشرع، ومن خلال الجهود التجديدية المستمرة التي تعيد صورة الإسلام كما كانت عليه في عهد الرسالة، ومن خلال توحيد مصادر التلقي، وضبط منهج الاستدلال.
فقد روى البيهقي عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدولُه، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين».
وأورد الفريابي في القدر عن عمرو بن مهاجر، قال: بلغ عمر بن عبد العزيز أن غيلان يقول في القدر، قال: فبعث إليه، فحجبه أياما، ثم أدخله عليه، فقال: يا غيلان، ما هذا الذي بلغني عنك؟، قال عمرو بن مهاجر: فأشرت إليه أن لا يقول شيئا، قال: فقال نعم يا أمير المؤمنين، إن الله يقول: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا}، قال: اقرأ من آخر السورة: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما}، ثم قال: ما تقول يا غيلان؟، قال: أقول: قد كنتُ أعمى فبصرتني، وأصم، فأسمعتني، وضالا فهديتني، فقال: اللهم إن كان عبدك غيلان صادقا، وإلا فاصلبه، فأمسك عن الكلام في القدر، فولاه عمر بن عبد العزيز دار الضرب بدمشق، فلما مات عمر بن عبد العزيز، وأفضت الخلافة إلى هشام، تكلم في القدر، فبعث إليه هشام، فقطع يده، فمر به رجل، والذباب على يده، فقال له: يا غيلان، هذا قضاء وقدر، قال: كذبت لعمر الله، ما هذا قضاء ولا قدر، فبعث إليه هشام، فصلبه.

ومن أهم ما يميز مناهج العلماء في محاربة الغلو هو بيان الحق وإيضاحه، فيبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا سواه، مما يجعل بيانهم مقبولا لدى عامة الأمة، فيمنعون بذلك أسباب الغلو، بخلاف ما يفعله بعض من ينتسبون للعلم من كتمان الحق، وعدم الوقوف مع القضايا العادلة للمسلمين، مما يفتح أبواب الاعتراض والسخط، وانعدام الثقة بالعلماء، فتبدأ بعد ذلك الأفكار المتطرفة والتصورات المغلوطة، وربما التعجل والغلو في التصرفات المارقة، ولا مبرر لهم في ذلك الغلو، بل الأمة مأمورة بالرجوع إلى أهل العلم المعروفين بالحق والعدل، ووجود علماء السوء الذين يبررون الظلم والفجور لا يجعل لأحد الحق في مصادرة رأي العلماء وأهل الرأي في الأمة.

إن إفساح المجال للعلماء الراسخين في العلم لتقديم رسالتهم لعموم المجتمع، وتبني مشاريعهم العلمية، والتربوية، يحصن المجتمع من موارد الغلو، ويبعده عن أن يقع تحت تأثير الخطاب المتطرف، لأن ترسيخ المفاهيم الإسلامية بصورتها الصحيحة وفق مراد الله ورسوله هو الأمان من كل انحراف في التصورات والمفاهيم، وكلما انتشر الجهل أو التجهيل تبع ذلك مالا يحصى من الشرور، وصار الفرد عرضة للاستقطاب من دعاة الشر سواء في مجال التطرف أو في مجال الانحلال والشهوات، وكل ذلك من مهددات السلم والاستقرار في المجتمع المسلم.

وقد كان العلماء الربانيون ولا يزالون يسخرون أوقاتهم وجهودهم في سبيل نشر العلم وتعليمه للناس تأليفا وتدريسا ومناظرة وتربية وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر؛ طلبا لرضوان الله، ولما يعلمون ما في ذلك من الأثر العظيم في تجديد معالم الإسلام في نفوس المسلمين، ومن خلال ذلك تستبين لهم السبل المتفرقة والأهواء والانحرافات المتنوعة، فمخادعة المسلم المتسلح بالعلم النافع أمر في غاية الصعوبة، بخلاف الغافل الجاهل بدينه فقد يلبس عليه في فهم بعض النصوص، ثم يدخل بعد ذلك في غياهب الجهل المركب المنتج لكل أفكار التطرف والغلو.

إن العلماء الربانيين بذلك يئدون الغلو قبل انتشاره، من خلال تشكيل العقل المسلم بصورة سليمة رافضة للغلو، فالبناء العلمي والتربوي الصحيح يحمي المسلم ابتداء من تقبل فكرة الغلو، بحيث يتصور المسلم دينه بشكل صحيح من خلال معرفته بطبيعته وتعاليمه ومقاصده وغاياته، وهذا الدور يقوم به العلماء الشرعيون بكل إخلاص واقتدار، بينما تنصب كثير من جهود المؤسسات الأخرى على معالجة نتائج الغلو والتطرف كالعنف والخلاف والعصبيات، وفرق بين المنهجين.

لقد وقف العلماء عبر التاريخ الإسلامي للتصدي للعقائد المنحرفة فحاربوها بكل الوسائل والأدوات العلمية، بدأ بالخوارج والقدرية ومقالات الباطنية، وشطحات الرافضة، وربما كلفهم ذلك قطع أرزاقهم، أو سجنهم، وقد يصل الأمر إلى قتلهم والتخلص منهم، لكن ذلك فرضهم الذي افترضه الله عليهم، ولكن الله جعل في مواقفهم الخير الكثير، حيث إنهم بصروا المسلمين بشناعة الغلو وبطلان مقالات أربابه، فلم تجد تلك الانحرافات الفكرية بيئة خصبة تستقر بها، بل تلاشت كثير من تلك الأفكار الباطلة، وبقي الإسلام عزيزا نقياّ بصدق هؤلاء العلماء ونصحهم وبيانهم، وهكذا في كل عصر ومصر كلما ظهر الانحراف بأي صورة كانت انبرى له المحتسبون من أهل العلم بالبيان والإنكار، حتى تقوم الحجة على أهله، ويتبين لسائر المسلمين وجه الحق في ذلك.
 

 

 

www.islamweb.net