الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 282 ] فخر الملك

                                                                                      الوزير الكبير ، أبو غالب ، محمد بن علي بن خلف بن الصيرفي . وباسمه صنف كتاب " الفخري " في الجبر والمقابلة .

                                                                                      كان صدرا معظما ، جوادا ممدحا من رجال الدهر ، كان أبوه صيرفيا بديوان واسط ، وكان أبو غالب من صباه يتعانى المكارم والأفضال ، ويلقبونه بالوزير الصغير ، ثم ولي بعض الأعمال ، وتنقلت به الأحوال إلى أن ولي ديوان واسط ، ثم وزر ، وناب للسلطان بهاء الدولة بفارس ، وافتتح قلاعا ، ثم ولي العراق بعد عميد الجيوش فعدل قليلا ، وأعاد اللطم يوم عاشوراء ، وثارت الفتن لذلك ، ومدحته الشعراء ودام ست سنين ، ثم أمسك بالأهواز ، وقتل في ربيع الأول سنة سبع وأربعمائة ، وأخذوا له جوهرا ونفائس ، وألف ألف دينار وغير ذلك ، وطمر في ثيابه . [ ص: 283 ]

                                                                                      وكان شهما كافيا ، خبيرا بالتصرف ، سديد التوقيع ، طلق المحيا ، يكاتب ملوك النواحي ، ويهاديهم ، وفيه عدل في الجملة ، عمرت العراق في أيامه ، وكان من محاسن الدهر ، أنشأ بيمارستانا عظيما ببغداد ، وكانت ، جوائزه متواترة على العلماء والصلحاء ، وعاش ثلاثا وخمسين سنة .

                                                                                      رفعت إليه سعاية برجل ، فوقع فيها : السعاية قبيحة ، ولو كانت صحيحة ، ومعاذ الله أن نقبل من مهتوك في مستور ، ولولا أنك في خفارة شيبك ، لعاملناك بما يشبه مقالك ، ويردع أمثالك ، فاكتم هذا العيب ، واتق من يعلم الغيب . فأخذها فقهاء المكاتب ، وعلموها الصغار .

                                                                                      وقد أنشأ ببغداد دارا عظيمة وكان يضرب المثل بكثرة جوائزه وعطاياه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية