الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 394 ] أبو كريب ( ع )

                                                                                      محمد بن العلاء بن كريب الحافظ الثقة الإمام ، شيخ المحدثين ، أبو كريب الهمداني الكوفي . ولد سنة إحدى وستين ومائة .

                                                                                      وحدث عن : أبي بكر بن عياش ، وهشيم ، ويحيى بن أبي زائدة ، وابن المبارك ، وعبد الرحيم بن سليمان ، وعمر بن عبيد ، وأبى خالد الأحمر ، وأبي معاوية ، وابن علية ، وسفيان بن عيينة ، وحفص بن غياث ، وابن إدريس ، وعبدة بن سليمان ، وعبيد الله الأشجعي ، وعبد الله بن الأجلح ، وحكام بن سلم ، وشعيب بن إسحاق ، وزيد بن الحباب ، ومحمد بن أبي عبيدة بن معن ، ويحيى بن يمان ، ومعتمر بن سليمان ، وخلق كثير . وينزل إلى طلق بن غنام ، وخالد بن مخلد القطواني . وصنف وجمع وارتحل .

                                                                                      وعنه : الجماعة الستة ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم . وابن أبي الدنيا ، وعثمان بن خرزاذ ، وموسى بن إسحاق ، وعبد الله بن أحمد ، وعبد الرحمن بن خراش ، وزكريا خياط السنة ، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي ، وقد أخرج النسائي أيضا عن هذين عنه ، ومطين ، وجعفر الفريابي ، وأبو يعلى ، وإبراهيم بن معقل ، وأحمد بن إسحاق بن بهلول ، وأحمد بن يحيى التستري ، وإسحاق بن إبراهيم البشتي ، وبدر بن [ ص: 395 ] الهيثم ، وجعفر بن أحمد بن سنان ، وحمدان بن عارم البخاري ، والحسن بن سفيان ، وأبو عروبة ، وعبد الله بن زيدان البجلي ، وابن ناجية ، والقاسم المطرز ، وابن خزيمة ، والسراج ، ومحمد بن هارون الروياني ، وعلي بن محمد بن هارون الحميري ، ومحمد بن القاسم بن زكريا المحاربي ، وأمم سواهم .

                                                                                      قال حجاج بن الشاعر : سمعت أحمد بن حنبل ، يقول : لو حدثت عمن أجاب في المحنة ، لحدثت عن اثنين : أبو معمر ، وأبو كريب ; أما أبو معمر ، فلم يزل بعدما أجاب يذم نفسه على إجابته وامتحانه ، ويحسن أمر من لم يجب . وأما أبو كريب ، فأجري عليه ديناران ، وهو محتاج ، فتركهما لما علم أنه أجري عليه لذلك .

                                                                                      قال الحسن بن سفيان : قال محمد بن عبد الله بن نمير : ما بالعراق أكثر حديثا من أبي كريب ، ولا أعرف بحديث بلدنا منه .

                                                                                      وثقه النسائي وغيره .

                                                                                      وقال أبو حاتم : صدوق .

                                                                                      وقال أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف : ما رأيت من المشايخ بعد إسحاق أحفظ من أبي كريب .

                                                                                      وقال موسى بن إسحاق : سمعت من أبي كريب مائة ألف حديث .

                                                                                      وقال إبراهيم بن أبي طالب : قال لي محمد بن يحيى الذهلي : من أحفظ من رأيت بالعراق ؟ قلت : لم أر بعد أحمد بن حنبل أحفظ من أبي كريب .

                                                                                      قال الحافظ أبو علي النيسابوري : سمعت ابن عقدة يقدم أبا كريب [ ص: 396 ] في الحفظ والكثرة على جميع مشايخهم ، ويقول : ظهر لأبي كريب بالكوفة ثلاث مائة ألف حديث .

                                                                                      وقال محمد بن حامد بن إدريس البخاري ، عن صالح بن محمد جزرة : غلبت اليبوسة مرة على رأس أبي كريب ، فجيء بالطبيب ، فقال : ينبغي أن يغلف رأسه بالفالوذج . قال : ففعلوا . قال : فتناوله من رأسه ، ووضعه في فيه ، وقال : بطني أحوج إليه من رأسي .

                                                                                      قلت : بلغ في رحلته إلى دمشق ، فعنه قال : أتيت يحيى بن حمزة ، فوجدت عليه سواد القضاء فلم أسمع منه ، وكنت سافرت أريد إفريقية .

                                                                                      قال مطين : أوصى أبو كريب بكتبه أن تدفن فدفنت .

                                                                                      قلت : فعل هذا بكتبه من الدفن والغسل والإحراق عدة من الحفاظ خوفا من أن يظفر بها محدث قليل الدين ، فيغير فيها ، ويزيد فيها ، فينسب ذلك إلى الحافظ ، أو أن أصوله كان فيها مقاطيع وواهيات ما حدث بها أبدا ، وإنما انتخب من أصوله ما رواه ، وما بقي ، فرغب عنه ، وما وجدوا لذلك سوى الإعدام . فلهذا ونحوه دفن ، رحمه الله ، كتبه .

                                                                                      قال البخاري وغيره : مات أبو كريب في يوم الثلاثاء لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين ومائتين .

                                                                                      وقال مطين : مات لثلاث بقين من جمادى الأولى ومن قال : مات سنة سبع ، فقد أخطأ . وعاش سبعا وثمانين سنة .

                                                                                      أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي ، أخبرنا الفتح بن عبد السلام ، أخبرنا هبة [ ص: 397 ] الله بن أبي شريك ، أخبرنا أبو الحسين بن النقور ، أخبرنا عيسى بن علي ، قال : قرئ على القاضي أبي القاسم بدر بن الهيثم ، وأنا أسمع ، قيل له : حدثكم محمد بن العلاء بن كريب ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن في الجنة سوقا ما فيها بيع ولا شراء ، إلا الصور من الرجال والنساء ، فإذا اشتهى رجل صورة ، دخل فيها . وإن فيها لمجمع الحور العين ، يرفعن أصواتا لم تسمع الخلائق مثلها : نحن الخالدات فلا نبيد ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، ونحن الناعمات فلا نبؤس ; فطوبى لمن كان لنا وكنا له .

                                                                                      قال لنا القاضي أبو القاسم : هذا الحديث رفعه أبو معاوية ، ووقفه ابن فضيل .

                                                                                      حدثنا القاضي أبو القاسم ، حدثنا علي بن المنذر ، حدثنا ابن فضيل ، حدثنا عبد الرحمن ، عن النعمان بن سعد ، عن علي ، قال : إن في الجنة لسوقا ما فيها بيع ولا شراء إلا الصور من الرجال والنساء . من اشتهى صورة ، دخل فيها . [ ص: 398 ] أخرجه الترمذي وحده عن الثقة ، عن أبي معاوية ، جعله حديثين .

                                                                                      قرأت على أحمد بن هبة الله بن أحمد ، عن عبد المعز بن محمد ، أخبرنا تميم الجرجاني ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن ، أخبرنا أبو عمر بن حمدان ، أخبرنا أبو يعلى ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره ، قال : بشرا ولا تنفرا ، ويسرا ولا تعسرا أخرجه مسلم عن أبي كريب . فوافقناه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية