الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 127 ] ( كتاب القراض )

1303 - ( 1 ) حديث : عروة البارقي في شراء الشاتين ، تقدم في أوائل البيع

1304 - ( 2 ) - حديث : " أن عمر أعطى مال يتيم مضاربة " . البيهقي بسنده إلى الشافعي في كتاب اختلاف أنه بلغه عن حميد بن عبد الله بن عبيد الأنصاري ، عن أبيه ، عن جده به .

( تنبيه ) :

قال ابن داود شارح المختصر : الرجل الذي أعطاه عمر المال هو عبيد الأنصاري قلت : وعبيد هو راوي الخبر ، ولم أر في طريق الشافعي التصريح بأنه هو الذي أعطاه عمر ، ولكنه عند ابن أبي شيبة عن وكيع وابن أبي زائدة ، عن عبد الله بن حميد بن عبيد ، عن أبيه ، عن جده : أن عمر دفع إليه مال يتيم مضاربة .

1305 - ( 3 ) حديث : أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب لقيا أبا موسى الأشعري بالبصرة مصرفهما من غزوة نهاوند ، فتسلفا منه مالا ، وابتاعا به متاعا ، وقدما به المدينة فباعاه وربحا فيه ، فأراد عمر أخذ رأس المال والربح كله ، فقالا له : لو تلف كان ضمانه علينا فكيف لا يكون ربحه لنا ؟ فقال رجل لأمير المؤمنين : لو جعلته قراضا ، فقال : قد جعلته وأخذ منهما نصف الربح . مالك في الموطأ ، والشافعي عنه ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه به أتم من هذا السياق ، وإسناده صحيح ، ورواه الدارقطني من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم ، عن أبيه . قوله : الرجل الذي قال لعمر ذلك ، قيل : إنه عبد الرحمن بن عوف ، هذا حكاه ابن داود شارح المختصر ، وتبعه القاضي حسين ، والإمام الغزالي ، وابن الصلاح ، قال ابن داود : وكان المال مائة ألف درهم . [ ص: 128 ]

( تنبيه ) :

قال الطحاوي : يحتمل أن يكون عمر شاطرهما فيه ، كما كان يشاطر عماله أموالهم ، وقال البيهقي : تأول المزني هذه القصة بأنه سألهما لبره الواجب عليهما أن يجعلا كله للمسلمين ، فلم يجيباه ، فلما طلب النصف أجاباه عن طيب أنفسهما .

1306 - ( 4 ) - حديث : العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه : " أن عثمان أعطاه مالا مقارضة . مالك ، عن العلاء ، عم أبيه ، عن جده : أنه عمل في مال لعثمان على أن الربح بينهما . ورواه البيهقي من طريق ابن وهب ، عن مالك ، وليس فيه : عن جده ، إنما فيه : أخبرني العلاء ، عن أبيه ; قال : جئت عثمان فذكر قصة فيها معنى ذلك .

قوله : روى علي ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وجابر ، وحكيم بن حزام تجويز المضاربة .

أما علي : فروى عبد الرزاق عن قيس بن الربيع ، عن أبي حصين ، عن الشعبي عنه : في المضاربة الوضيعة على المال ، والربح على ما اصطلحوا عليه .

وأما ابن مسعود : فذكره الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين عن أبي حنيفة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عنه : أنه أعطى زيد بن خلدة مالا مقارضة . وأخرجه البيهقي في المعرفة .

وأما ابن عباس : فلم أره عنه ; نعم رواه البيهقي عن أبيه العباس بسند ضعفه ، وأخرج الطبراني في الأوسط من طريق حبيب بن يسار ، عن ابن عباس قال : كان العباس إذا دفع مالا مضاربة . . . فذكر القصة ، وفيه : { أنه رفع الشرط إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجازه }. وقال : لا يروى إلا بهذا الإسناد تفرد به محمد بن عقبة ، عن يونس بن أرقم ، عن الجارود عنه .

[ ص: 129 ] وأما جابر : فرواه البيهقي بلفظ أنه سئل عن ذلك ، فقال : لا بأس بذلك . وفي إسناده ابن لهيعة .

وأما حكيم بن حزام : فرواه البيهقي بسند قوي أنه كان يدفع المال مضاربة إلى أجل ، ويشترط عليه ألا يمر به بطن واد ولا يبتاع به حيوانا ، ولا يحمله في بحر ، فإن فعل شيئا من ذلك فقد ضمن ذلك المال .

( فائدة ) :

قال ابن حزم في مراتب الإجماع : كل أبواب الفقه فلها أصل من الكتاب أو السنة حاشا القراض فما وجدنا له أصلا فيهما ألبتة ، ولكنه إجماع صحيح مجرد ، والذي نقطع به أنه كان في عصره صلى الله عليه وسلم ، فعلم به وأقره ، ولولا ذلك لما جاز .

قوله : السنة الظاهرة وردت في المساقاة ، سيأتي بعد هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية