الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( ولا يصح التيمم إلا بالنية لما ذكرناه في الوضوء ، وينوي بالتيمم استباحة الصلاة فإن نوى به رفع الحدث ففيه وجهان ( أحدهما ) لا يصح لأنه لا يرفع الحدث ( والثاني ) يصح لأن نية رفع الحدث تتضمن استباحة الصلاة ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) النية في التيمم واجبة عندنا بلا خلاف ، وكذلك في الوضوء والغسل ، وقد تقدم في باب نية الوضوء بيان مذاهب العلماء فيها بدلائلها وفروع كثيرة ، وأما صفة نية التيمم فإن نوى استباحة الصلاة أو استباحة ما لا يباح إلا بالطهارة صح تيممه بلا خلاف ، لأنه نوى مقتضاه . وإن نوى رفع الحدث بني على أن التيمم يرفع الحدث أم لا ؟ وفيه وجهان الصحيح منهما أنه لا يرفع الحدث ، وبه قطع جمهور الأصحاب ، والثاني وهو قول أبي العباس بن سريج : يرفع في حق فريضة واحدة ، ودليل المذهب حديث عمران بن حصين الذي قدمناه في تيمم الجنب وأمر النبي صلى الله عليه وسلم له بالاغتسال حين وجد الماء ، وحديث أبي ذر السابق أيضا : { الصعيد الطيب وضوء المسلم فإذا وجد الماء فليمسه بشرته } " وحديث عمرو بن العاص حين تيمم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " صليت بأصحابك وأنت جنب " وكلها أحاديث صحاح ظاهرة في أن الحدث ما ارتفع ، إذ لو ارتفع لم يحتج إلى الاغتسال . قال إمام الحرمين : هذا المنقول عن ابن سريج ضعيف معدود من الغلطات فإن ارتفاع الحدث لا يتبعض ، فإذا نوى المتيمم رفع الحدث - إن قلنا بقول ابن سريج - صح ، وإن قلنا بالمذهب فوجهان مشهوران ذكر [ ص: 255 ] المصنف دليلهما ، ( أصحهما ) باتفاق الأصحاب لا يصح تيممه ، وبه قطع القاضي أبو الطيب وجماعات .

                                      ( الثاني ) يصح ونقله ابن خيران قولا . وهو غريب ضعيف ، ولو تيمم الجنب بنية رفع الجنابة فكمحدث نوى رفع الحدث ، ولو نوى الطهارة عن الحدث لم يصح كما لو نوى رفع الحدث . ذكره القاضي أبو الطيب ومتابعوه ابن الصباغ والروياني والشيخ نصر ، والله أعلم .

                                      ( فرع ) ذكرنا أن التيمم لا يرفع الحدث عندنا ، وبه قال جماهير العلماء . وقال داود والكرخي الحنفي وبعض المالكية : يرفعه . دليلنا ما سبق .




                                      الخدمات العلمية