الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في قصد الخطبة

                                                                                                          507 حدثنا قتيبة وهناد قالا حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا قال وفي الباب عن عمار بن ياسر وابن أبي أوفى قال أبو عيسى حديث جابر بن سمرة حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في قصر الخطبة ) بكسر القاف وفتح الصاد ، قال في القاموس : القصر كعنب خلاف الطول .

                                                                                                          قوله : ( أخبرنا أبو الأحوص ) هو سلام بن سليم الكوفي قال ابن معين : ثقة متقن .

                                                                                                          قوله : ( فكانت صلاته قصدا ) أي متوسطة بين الإفراط والتفريط من التقصير والتطويل . فإن قلت : حديث جابر هذا ينافي حديث عمار مرفوعا : إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه ، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة ، رواه مسلم .

                                                                                                          قلت : قال القاري في المرقاة : لا تنافي بينهما ؛ فإن الأول دل على الاقتصاد فيهما ، والثاني على اختيار المزية في الثانية منهما ، انتهى .

                                                                                                          وقال النووي في شرح مسلم : لا مخالفة ؛ لأن المراد بحديث [ ص: 21 ] عمار أن الصلاة تكون طويلة بالنسبة إلى الخطبة لا تطويلا يشق على المأمومين ، وهي حينئذ قصد ؛ أي : معتدلة ، والخطبة قصد بالنسبة إلى وضعها ، انتهى .

                                                                                                          وقال العراقي في شرح الترمذي : أو حيث احتيج إلى التطويل لإدراك بعض من تخلف ، قال : وعلى تقدير تعذر الجمع بين الحديثين يكون الأخذ في حقنا بقوله لأنه أول لا بفعله لاحتمال التخصيص ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وخطبته قصدا ) .

                                                                                                          فإن قلت : هذا ينافي حديث أبي زيد قال : صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفجر ، وصعد المنبر ، فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ، ثم نزل فصلى ، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس فأخبرنا بما كان وبما هو كائن . رواه مسلم .

                                                                                                          قلت : لا تنافي بينهما لورود ما في حديث أبي زيد نادرا اقتضاه الوقت ، ولكونه بيانا للجواز ، وكأنه كان واعظا . والكلام في الخطب المتعارفة . قاله القاري .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عمار بن ياسر ) أخرجه مسلم وتقدم لفظه ( وابن أبي أوفى ) أخرجه النسائي بلفظ : " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطيل الصلاة ويقصر الخطبة " قال العراقي في شرح الترمذي : إسناده صحيح .

                                                                                                          قوله : ( حديث جابر بن سمرة حديث حسن صحيح ) أخرجه الجماعة إلا البخاري وأبا داود ، كذا في المنتقى .




                                                                                                          الخدمات العلمية