الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 345 ] 28 - قالوا : حديث يكذبه النظر

        الحياء شعبة من الإيمان

        قالوا : رويتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : الحياء شعبة من الإيمان قالوا : والإيمان اكتساب ، والحياء غريزة مركبة في المرء ، فكيف تكون الغريزة اكتسابا ؟

        قال أبو محمد : ونحن نقول : إن المستحيي ينقطع بالحياء عن المعاصي كما ينقطع بالإيمان عنها ، فكأنه شعبة منه ، والعرب تقيم الشيء مقام الشيء إذا كان مثله أو شبيها به ، أو كان سببا له ، ألا تراهم سموا الركوع والسجود صلاة ، وأصل الصلاة الدعاء ؟ وسموا الدعاء صلاة كما قال الله تعالى : وصل عليهم أي : ادع لهم . وقال تعالى : لولا دعاؤكم أي : لولا صلاتكم ، وقال ابن عمر : إنه كان إذا دعي - عليه السلام - إلى وليمة ، فإن كان مفطرا أكل ، وإن كان صائما صلى أي : دعا .

        وأصل الصلاة الدعاء ، قال الله تعالى : وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ، أي : ادع لهم .

        [ ص: 346 ] وقال الله - عز وجل - : إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ، أي : ادعوا له . وما جاء في هذا كثير .

        فلما كان الدعاء يكون في الصلاة سميت الصلاة به ، وكذلك الزكاة وهي تطهير المال ونماؤه ، فلما كان النماء يقع بإخراج الصدقة عن المال سمي زكاة ومثل هذا كثير .

        حدثني أبو الخطاب قال : نا المعتمر بن سليمان قال : سمعت الليث بن أبي سليم يحدث عن واصل بن حيان ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود قال : كان آخر ما حفظ من كلام النبوة : إذا لم تستح فاصنع ما شئت ، يراد به أنه من لم يستح وكان فاسقا ركب كل فاحشة وقارف كل قبيح ؛ لأنه لا يحجزه عن ذلك دين ولا حياء ، أفما ترى أن الحياء قد صار والإيمان يعملان عملا واحدا فكأنهما شيء واحد ؟

        التالي السابق


        الخدمات العلمية