الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          [ ص: 370 ] 75 - فصل

                          في الأمكنة التي يمنع أهل الذمة من دخولها والإقامة بها .

                          قال الله تعالى : ياأيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم .

                          وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بينما نحن في المسجد خرج علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " انطلقوا إلى يهود ، فخرجنا معه حتى جئنا بيت المدراس فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فناداهم فقال : يا معشر اليهود ، أسلموا تسلموا ، فقالوا : قد بلغت يا أبا القاسم " .

                          فقال : ذلك أريد ، فقال : أسلموا تسلموا ، فقالوا : قد بلغت يا أبا القاسم .

                          فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ذلك أريد " ، ثم قالها الثالثة فقال : " اعلموا أنما الأرض لله ورسوله ، وإني أريد أن أجليكم من هذه الأرض ، فمن وجد منكم بماله شيئا فليبعه ، وإلا فاعلموا أنما الأرض لله ورسوله
                          " . متفق عليه ، ولفظه للبخاري .

                          [ ص: 371 ] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يوم الخميس ، وما يوم الخميس ! قال : اشتد برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعه ، فقال : " ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده أبدا " فتنازعوا - ولا ينبغي عند نبي تنازع - فقالوا : ما له ؟ أهجر ؟ استفهموه .

                          فقال : " ذروني ، الذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه " فأمرهم بثلاث فقال : " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو مما كنت أجيزهم " ، والثالثة إما سكت عنها ، وإما قالها فنسيتها
                          متفق عليه ولفظه للبخاري .

                          [ ص: 372 ] وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أن يهود بني النضير وقريظة حاربوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني النضير وأقر قريظة بعد ذلك ، فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا فأمنهم ، وأجلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهود المدينة كلهم ؛ بني قينقاع وهم قوم عبد الله بن سلام ، ويهود بني حارثة ، وكل يهودي كان بالمدينة متفق عليه واللفظ لمسلم .

                          وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما " رواه مسلم .

                          وعن عائشة رضي الله عنها قالت : آخر ما عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يترك بجزيرة العرب دينان " رواه أحمد .

                          [ ص: 373 ] [ ص: 374 ] وفي " مسنده " أيضا عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا علي ، إن أنت وليت الأمر بعدي فأخرج أهل نجران من جزيرة العرب " .

                          [ ص: 375 ] وفي " المسند " أيضا عن أبي عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه قال : آخر ما تكلم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب " .

                          [ ص: 376 ] [ ص: 377 ] قال بكر بن محمد عن أبيه : سألت أبا عبد الله عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب " ، قال : إنما الجزيرة موضع العرب ، وأما موضع يكون فيه أهل السواد والفرس فليس هو جزيرة العرب . موضع العرب : الذي يكونون فيه .

                          وقال المروذي : سئل أبو عبد الله عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب " قال : هم الذين قاتلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ليست لهم ذمة ، ليس هم مثل اليهود والنصارى : أي يخرجون من مكة والمدينة دون الشام يريد أن اليهود والنصارى يخرجون من مكة والمدينة .

                          قال إسحاق بن منصور : قال أحمد : ليس لليهود والنصارى أن يدخلوا الحرم .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية