الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 12 ] قال أبو عمر : هذه أسماء اصطلاحية ، وألقاب اتفق الجميع عليها ، وأنا ذاكر في هذا الباب معانيها إن شاء الله .

اعلم وفقك الله أني تأملت أقاويل أئمة أهل الحديث ، ونظرت في كتب من اشترط الصحيح في النقل منهم ، ومن لم يشترطه ; فوجدتهم أجمعوا على قبول الإسناد المعنعن ، لا خلاف بينهم في ذلك إذا جمع شروطا ثلاثة ، وهي :

عدالة المحدثين في أحوالهم .

ولقاء بعضهم بعضا مجالسة ومشاهدة .

وأن يكونوا برآء من التدليس .

والإسناد المعنعن : فلان عن فلان عن فلان عن فلان .

وقد حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن حدثنا إبراهيم بن بكر حدثنا محمد بن الحسين بن أحمد الأزدي الحافظ الموصلي [ ص: 13 ] قال : حدثنا ابن زاكيا ، قال : حدثنا أبو معمر عن وكيع ، قال : قال شعبة : فلان عن فلان ليس بحديث ، قال وكيع : وقال سفيان : هو حديث .

قال أبو عمر : ثم إن شعبة انصرف عن هذا إلى قول سفيان .

وقد أعلمتك أن المتأخرين من أئمة الحديث ، والمشترطين في تصنيفهم الصحيح ، قد أجمعوا على ما ذكرت لك ، وهو قول مالك ، وعامة أهل العلم ، والحمد لله ، إلا أن يكون الرجل معروفا بالتدليس ; فلا يقبل حديثه حتى يقول : حدثنا ، أو سمعت ، فهذا ما لا أعلم فيه أيضا خلافا .

ومن الدليل على أن " عن " محمولة عند أهل العلم بالحديث على الاتصال حتى يتبين الانقطاع فيها ما حكاه أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل : أنه سئل عن حديث المغيرة بن شعبة : أن النبي عليه السلام مسح أعلى الخف وأسفله ; فقال : هذا الحديث ذكرته لعبد الرحمن بن مهدي [ ص: 14 ] فقال : عن ابن المبارك أنه قال عن ثور : حدثت عن رجاء بن حيوة ، عن كاتب المغيرة ، وليس فيه المغيرة .

قال أحمد : وأما الوليد فزاد فيه : عن المغيرة ، وجعله ثور عن رجاء ، ولم يسمعه ثور من رجاء ; لأن ابن المبارك قال فيه : عن ثور حدثت عن رجاء .

قال أبو عمر : ألا ترى أن أحمد بن حنبل رحمه الله عاب على الوليد بن مسلم قوله " عن " في منقطع ليدخله في الاتصال ؟ .

فهذا بيان أن " عن " ظاهرها الاتصال حتى يثبت فيها غير ذلك ، ومثل هذا عن العلماء كثير .

وسنذكر هذا الحديث بطرقه عند ذكر حديث المغيرة بن شعبة في باب : ابن شهاب عن عباد بن زياد ، إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية