الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي: هذا باب في بيان قول الله عز وجل مخاطبا للمسلمين بقوله: وكلوا واشربوا بعد أن كانوا ممنوعين منهما بعد النوم، وبين فيه غاية وقت الأكل بقوله: حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود والمراد بالخيط الأبيض: أول ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق كالخيط الممدود، والخيط الأسود ما يمتد معه من غبش الليل شبها بخيطين أبيض وأسود، وقوله: من الفجر بيان للخيط الأبيض، واكتفى به عن بيان الخيط الأسود؛ لأن بيان أحدهما بيان للثاني، قال الزمخشري: ويجوز أن تكون "من" للتبعيض؛ لأنه بعض الفجر، وقال: وقوله: من الفجر أخرجه من باب الاستعارة، كما أن قولك: "رأيت أسدا" مجاز، فإذا زدت: "من فلان" رجع تشبيها. انتهى.

                                                                                                                                                                                  ولما نزل قوله: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود أولا ولم ينزل " من الفجر " كان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، فلا يزال يأكل ويشرب ويأتي أهله حتى يظهر له الخيطان، ثم لما نزل قوله: من الفجر علموا أن المراد من الخيطين الليل والنهار، فالأسود سواد الليل، والأبيض بياض الفجر، كما يأتي الآن بيانه في حديث الباب. قوله: ثم أتموا الصيام إلى الليل أي: من بعد انشقاق الفجر الصادق، كفوا عن الأكل والشرب والجماع إلى أن يأتي الليل، وهو غروب الشمس، قالوا: فيه دليل على جواز النية بالنهار في صوم رمضان، وعلى جواز تأخير الغسل إلى الفجر، وعلى نفي صوم الوصال.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية