الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء أن الأذنين من الرأس

                                                                                                          41 حدثنا قتيبة قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ويل للأعقاب من النار قال وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وعائشة وجابر بن عبد الله بن الحارث هو ابن جزء الزبيدي ومعيقيب وخالد بن الوليد وشرحبيل ابن حسنة وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار قال وفقه هذا الحديث أنه لا يجوز المسح على القدمين إذا لم يكن عليهما خفان أو جوربان [ ص: 126 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 126 ] قوله : ( ثنا عبد العزيز بن محمد ) ابن عبيد الدراوردي أبو محمد الجهني مولاهم المدني صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ ، قال النسائي حديثه عن عبيد الله العمري منكر من الثامنة .

                                                                                                          قوله : ( ويل للأعقاب من النار ) الويل الحزن والهلاك والمشقة من العذاب كذا في المجمع ، قال الحافظ في الفتح : اختلف في معناه على أقوال أظهرها ما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي سعيد مرفوعا : ويل واد في جهنم ، قال الحافظ : وجاز الابتداء بالنكرة لأنه دعاء . انتهى ، والأعقاب جمع عقب بفتح عين وكسر قاف وبفتح عين وكسرها مع سكون قاف : مؤخر القدم ، قال البغوي معناه ويل لأصحاب الأعقاب المقصرين في غسلها ، وقيل : أراد أن العقب مختص بالعقاب ، ورواه غيره مطولا ، فروى عبد الله بن عمرو قال : " تخلف النبي صلى الله عليه وسلم عنا في سفرة فأدركنا -وقد أرهقنا- العصر فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا ، فنادى بأعلى صوته : ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا " أخرجه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري ، والحديث دليل على وجوب غسل الرجلين ، وأن المسح لا يجزئ ، قال ابن خزيمة : لو كان الماسح مؤديا للفرض لما توعد بالنار ، وأشار بذلك إلى ما كان من الخلاف من الشيعة أن الواجب المسح أخذا بظاهر قراءة " وأرجلكم " بالخفض ، وقد تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة وضوئه أنه غسل رجليه وهو المبين لأمر الله ، وقال في حديث عمرو بن عنبسة الذي رواه ابن خزيمة وغيره مطولا في فضل الوضوء : ثم يغسل قدميه كما أمره الله ، ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك إلا عن علي وابن عباس وأنس ، وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك ، قال عبد الرحمن بن أبي ليلى : أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل القدمين ، رواه سعيد بن منصور ، وادعى الطحاوي وابن حزم أن المسح منسوخ والله أعلم ، كذا في فتح الباري .

                                                                                                          [ ص: 127 ] قوله : ( وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وعائشة وجابر وعبد الله بن الحارث ومعيقيب وخالد بن الوليد وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان ) أما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، وأما حديث عائشة فأخرجه مسلم ، وأما حديث جابر بن عبد الله فأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه بلفظ : ويل للعراقيب من النار ، وأخرجه ابن ماجه وأخرجه الطحاوي أيضا كذا في عمدة القاري ص 656 ج 1 ، وأما حديث عبد الله بن الحارث فسيجيء تخريجه ، وأما حديث معيقيب فأخرجه أحمد والطبراني في الكبير بمثل حديث الباب ، قال الهيثمي : وفيه أيوب بن عتبة والأكثر على تضعيفه ، وأما حديث خالد بن الوليد وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان فأخرجه ابن ماجه بلفظ : أتموا الوضوء ويل للأعقاب من النار .

                                                                                                          قلت : وفي الباب أيضا عن عبد الله بن عمر أخرجه ابن أبي شيبة وعن أبي أمامة أخرجه أيضا ابن أبي شيبة ، وقد روي من حديث أبي أمامة ومن حديث أخيه ومن حديثهما معا ومن حديث أحدهما على الشك قاله ابن سيد الناس ، وعن عمر بن الخطاب أخرجه مسلم ، وعن خالد بن معدان أخرجه أحمد كذا في النيل ، وفي الباب أحاديث أخرى ذكرها العيني في عمدة القاري ص 656 ج 1 بألفاظها من شاء الوقوف عليها فليرجع إليه .

                                                                                                          قوله : ( حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه ( وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار ) قال المنذري في الترغيب : هذا الحديث الذي أشار إليه الترمذي رواه الطبراني في الكبير وابن خزيمة في صحيحه من حديث عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي مرفوعا ورواه أحمد موقوفا عليه . انتهى ( وفقه هذا الحديث أنه لا يجوز المسح على القدمين إذا لم يكن عليهما خفان أو جوربان ) [ ص: 128 ] إذ لو جاز المسح على القدمين لم يدع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الماسح على القدمين بالويل من النار ، وقوله " جوربان " تثنية جورب ويجيء تفسيره وحكم المسح عليهما .




                                                                                                          الخدمات العلمية