الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في تخفيف ركعتي الفجر وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ فيهما

                                                                                                          417 حدثنا محمود بن غيلان وأبو عمار قالا حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن أبي إسحق عن مجاهد عن ابن عمر قال رمقت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد قال وفي الباب عن ابن مسعود وأنس وأبي هريرة وابن عباس وحفصة وعائشة قال أبو عيسى حديث ابن عمر حديث حسن ولا نعرفه من حديث الثوري عن أبي إسحق إلا من حديث أبي أحمد والمعروف عند الناس حديث إسرائيل عن أبي إسحق وقد روى عن أبي أحمد عن إسرائيل هذا الحديث أيضا وأبو أحمد الزبيري ثقة حافظ قال سمعت بندارا يقول ما رأيت أحدا أحسن حفظا من أبي أحمد الزبيري وأبو أحمد اسمه محمد بن عبد الله بن الزبير الكوفي الأسدي

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( وأبو عمار ) اسمه حسين بن حريث الخزاعي مولاهم المروزي ثقة من العاشرة ، روى عن الجماعة سوى ابن ماجه وسوى أبي داود فكتابة ( أخبرنا أبو أحمد الزبيري ) بضم الزاي وفتح الموحدة اسمه محمد بن عبد الله بن الزبير ثقة ثبت إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري ( أخبرنا سفيان ) هو الثوري .

                                                                                                          قوله : ( رمقت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا ) أي نظرت إليه صلى الله عليه وسلم ( فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر بـ قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد ) فيه دلالة على استحباب قراءة سورتي الإخلاص في ركعتي الفجر .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن مسعود وأنس وأبي هريرة وابن عباس وحفصة وعائشة ) أما حديث ابن مسعود فأخرجه الترمذي في باب ما جاء في الركعتين بعد المغرب والقراءة فيهما . وأما حديث أنس فأخرجه البزار ورجال إسناده ثقات قاله الشوكاني . وأما حديث أبي هريرة فأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه . وأما حديث ابن عباس فأخرجه الجماعة بلفظ : فصلى [ ص: 390 ] ركعتين خفيفتين ، وله حديث آخر عند مسلم وأبي داود والنسائي ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا ، والتي في آل عمران : تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ، وفي رواية لمسلم : وفي الآخرة بآمنا بالله واشهد بأنا مسلمون .

                                                                                                          وأما حديث حفصة فأخرجه الجماعة إلا أبا داود بلفظ : ركعتين خفيفتين . وأما حديث عائشة فأخرجه الشيخان بلفظ : قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول هل قرأ فيهما بأم القرآن .

                                                                                                          وأحاديث الباب تدل على مشروعية التخفيف : وقد ذهب إلى ذلك الجمهور ، وخالف في ذلك الحنفية ، فذهبت إلى استحباب إطالة القراءة وهو مخالف لصرائح الأدلة ، وبحديث عائشة الذي أشار إليه الترمذي وذكرنا لفظه ، تمسك مالك وقال بالاقتصار على قراءة فاتحة الكتاب في هاتين الركعتين ، وليس فيه إلا أن عائشة رضي الله عنها شكت هل كان يقرأ بالفاتحة أم لا لشدة تخفيفه لهما ، وهذا لا يصلح التمسك به لرد الأحاديث الصريحة الصحيحة الواردة من طرق متعددة . وقد أخرج ابن ماجه عن عائشة نفسها أنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر فكان يقول نعم السورتان هما يقرأ بهما في ركعتي الفجر ، قل يا أيها الكافرون ، و قل هو الله أحد ، ولا ملازمة بين مطلق التخفيف والاقتصار على الفاتحة ؛ لأنه من الأمور النسبية .

                                                                                                          وقد اختلف في الحكمة في التخفيف لهما فقيل ليبادر إلى صلاة الفجر في أول الوقت ، وبه جزم القرطبي . وقيل ليستفتح صلاة النهار بركعتين خفيفتين كما يصنع في صلاة الليل ليدخل في الفرض أو ما يشابهه بنشاط واستعداد تام ، ذكره الحافظ في الفتح والعراقي في شرح الترمذي .

                                                                                                          قوله : ( حديث ابن عمر حديث حسن ) أخرجه الخمسة إلا النسائي كذا في المنتقى ، وقال [ ص: 391 ] الشوكاني في النيل : وأخرجه أيضا مسلم " وأبو أحمد الزبيري ثقة حافظ ، وكذا وثقه غير واحد من أئمة الحديث كابن معين والعجلي والنسائي وغيرهم : وقال حنبل بن إسحاق عن أحمد بن حنبل : كان كثير الخطأ في حديث سفيان كذا في تهذيب التهذيب ( واسمه محمد بن عبد الله بن الزبيري ) كذا في النسخ الموجودة ولا شك في أنه غلط والصحيح محمد بن عبد الله بن الزبيري أو محمد بن عبد الله الزبيري . قال الحافظ في التقريب : محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمرو بن درهم الأسدي أبو أحمد الزبيري الكوفي ثقة ثبت إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري ، انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية