الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب فيمن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                          3861 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود قال أنبأنا شعبة عن الأعمش قال سمعت ذكوان أبا صالح عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح ومعنى قوله نصيفه يعني نصف مده حدثنا الحسن بن علي الخلال وكان حافظا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدرى عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : " لا تسبوا أصحابي " الخطاب بذلك للصحابة لما ورد أن سبب الحديث أنه كان بين خالد بن الوليد ، وعبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد ، فالمراد بأصحابي : أصحاب مخصوصون [ ص: 246 ] وهم السابقون على المخاطبين في الإسلام ، وقيل : نزل الساب منهم لتعاطيه ما لا يليق به من السب منزلة غيرهم ، فخاطبه خطاب غير الصحابة ، قال القاري : ويمكن أن يكون الخطاب للأمة الأعم من الصحابة حيث علم بنور النبوة أن مثل هذا يقع في أهل البدعة فنهاهم بهذه السنة ( لو أن أحدكم ) فيه إشعار بأن المراد بقوله أولا : " أصحابي " أصحاب مخصوصون ، وإلا فالخطاب كان للصحابة ، وقد قال لو أن أحدكم أنفق ، وهذا كقوله تعالى : لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل الآية ، ومع ذلك فنهي بعض من أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- وخاطبه بذلك عن سب من سبقه يقتضي زجر من لم يدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يخاطبه عن سب من سبقه من باب الأولى وغفل من قال : إن الخطاب بذلك لغير الصحابة ، وإنما المراد من سيوجد من المسلمين المفروضين في العقل تنزيلا لمن سيوجد منزلة الموجود للقطع بوقوعه ، ووجه التعقب عليه وقوع التصريح في نفس الخبر بأن المخاطب بذلك : خالد بن الوليد ، وهو من الصحابة الموجودين إذ ذاك بالاتفاق كذا في الفتح " أنفق مثل أحد ذهبا " زاد البرقاني في المصافحة من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش : كل يوم ، قال : وهي زيادة حسنة " ما أدرك " ، وفي رواية البخاري ما بلغ " مد أحدهم ولا نصيفه " أي : المد من كل شيء ، والنصيف بوزن رغيف هو : النصف كما يقال عشر وعشير وثمن وثمين ، وقيل : النصيف مكيال دون المد ، والمد بضم الميم مكيال معروف ، وفي شرح مسلم للنووي معناه : لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مدا ولا نصف مد ، وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة وضيق الحال بخلاف غيرهم ، ولأن إنفاقهم كان في نصرته -صلى الله عليه وسلم- وحمايته وذلك معدوم بعده ، وكذا جهادهم وسائر طاعتهم ، وقد قال تعالى : لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة الآية ، وهذا كله مع ما كان فيهم في أنفسهم من الشفقة والنور ، والخشوع والتواضع ، والإيثار ، والجهاد في الله حق جهاده ، وفضيلة الصحبة -ولو لحظة- لا يوازيها عمل ولا ينال درجتها بشيء ، والفضائل لا تؤخذ بقياس ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه .




                                                                                                          الخدمات العلمية