الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            أبواب صلاة التطوع

                                                                                                                                            باب سنن الصلاة الراتبة المؤكدة

                                                                                                                                            892 - ( عن عبد الله بن عمر قال : { حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر ، وركعتين بعد الظهر ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد العشاء ، وركعتين قبل الغداة ، كانت ساعة لا أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها فحدثتني حفصة أنه كان إذا طلع الفجر وأذن المؤذن صلى ركعتين . } متفق عليه ) .

                                                                                                                                            893 - ( وعن عبد الله بن شقيق قال : { سألت عائشة عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : كان يصلي قبل الظهر ركعتين ، وبعدها ركعتين ، وبعد المغرب ركعتين ، وبعد العشاء ركعتين ، وقبل الفجر ثنتين . } رواه الترمذي وصححه ، وأخرجه أحمد ومسلم وأبو داود بمعناه لكن ذكروا فيه قبل الظهر أربعا )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله : ( حفظت ) في لفظ البخاري " صليت مع النبي صلى " . قوله : ( ركعتين ) في رواية للبخاري " سجدتين " مكان ركعتين في جميع أطراف الحديث ، والمراد بهما الركعتان . وقد ساقه البخاري في باب الركعتين قبل الظهر بنحو اللفظ الذي ذكره المصنف [ ص: 21 ] هنا ، قوله : ( ركعتين قبل الظهر ) في الحديث الآخر " أربع قبل الظهر " .

                                                                                                                                            قال الداودي : وقع في حديث ابن عمر أن قبل صلاة الظهر ركعتين ، وفي حديث عائشة أربعا ، وهو محمول على أن كل واحد منهما وصف ما رأى قال ، ويحتمل أن ينسى ابن عمر ركعتين من الأربع . قال الحافظ : وهذا الاحتمال بعيد ، والأولى أن يحمل على حالين ، فكان تارة يصلي ثنتين وتارة يصلي أربعا

                                                                                                                                            وقيل : هو محمول على أنه كان في المسجد يقتصر على ركعتين وفي بيته يصلي أربعا ، ويحتمل أنه كان يصلي إذا كان في بيته الركعتين ثم يخرج إلى المسجد فيصلي ركعتين ، فرأى ابن عمر ما في المسجد دون ما في بيته ، واطلعت عائشة على الأمرين . ويقوي الأول ما رواه أحمد وأبو داود من حديث عائشة { أنه كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعا ثم يخرج } . قال أبو جعفر الطبري : الأربع كانت في كثير من أحواله والركعتان في قليلها

                                                                                                                                            قوله : ( وركعتين بعد المغرب ) زاد البخاري في بيته وفي لفظ له " فأما المغرب والعشاء ففي بيته " وقد استدل بذلك على أن فعل النوافل الليلية في البيوت أفضل من المسجد بخلاف رواتب النهار وحكي ذلك عن مالك والثوري . قال الحافظ : وفي الاستدلال به لذلك نظر ، والظاهر أن ذلك لم يقع عن عمد وإنما كان صلى الله عليه وسلم يتشاغل بالناس في النهار غالبا وبالليل يكون في بيته غالبا ، وروي عن ابن أبي ليلى أنها لا تجزئ صلاة سنة المغرب في المسجد .

                                                                                                                                            واستدل بحديث محمود بن لبيد مرفوعا : أن الركعتين بعد المغرب من صلاة البيوت ، وحكي ذلك لأحمد فاستحسنه قوله : ( وركعتين بعد العشاء ) زاد البخاري في بيته وقد تقدم الكلام في ذلك ، قوله : ( وركعتين قبل الغداة . . . إلخ ) فيه أنه إنما أخذ عن حفصة وقت إيقاع الركعتين لا أصل المشروعية ، كذا قال الحافظ

                                                                                                                                            والحديثان يدلان على مشروعية ما اشتملا عليه من النوافل وأنها مؤقتة واستحباب المواظبة عليها وإلى ذلك ذهب الجمهور . وقد روي عن مالك ما يخالف ذلك . وذهب الجمهور أيضا إلى أنه لا وجوب لشيء من رواتب الفرائض ، وروي عن الحسن البصري القول بوجوب ركعتي الفجر .

                                                                                                                                            894 - ( وعن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة سجدة سوى المكتوبة ، بني له بيت في الجنة } رواه الجماعة إلا البخاري ، ولفظ الترمذي : { من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة : أربعا قبل الظهر ، وركعتين بعدها ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد [ ص: 22 ] العشاء ، وركعتين قبل صلاة الفجر } ، وللنسائي حديث أم حبيبة كالترمذي ، لكن قال : " وركعتين قبل العصر " ، ولم يذكر ركعتين بعد العشاء ) الحديث قال الترمذي بعد أن ساقه بهذا التفسير : حسن صحيح ، وفد فسره أيضا ابن حبان ، وقد ساقه بهذا التفسير الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث عائشة

                                                                                                                                            وفي الباب عن أبي هريرة عند النسائي وابن ماجه بلفظ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتا في الجنة : ركعتين قبل الفجر وركعتين قبل الظهر وركعتين بعد الظهر وركعتين أظنه قال : قبل العصر ، وركعتين بعد المغرب أظنه قال : وركعتين بعد العشاء الآخرة } وفي إسناده محمد بن سليمان الأصبهاني وهو ضعيف . وعن أبي موسى عند أحمد والبزار والطبراني في الأوسط بنحو حديث أم حبيبة بدون التفسير ، وأحاديث الباب تدل على تأكيد صلاة هذه الاثنتي عشرة ركعة وهي من السنن التابعة للفرائض

                                                                                                                                            وقد اختلف في حديث أم حبيبة كما ذكر المصنف ، فالترمذي أثبت ركعتين بعد العشاء . ولم يثبت ركعتين قبل العصر . والنسائي عكس ذلك ، وحديث عائشة فيه إثبات الركعتين بعد العشاء دون الركعتين قبل العصر .

                                                                                                                                            وحديث أبي هريرة فيه إثبات ركعتين قبل العصر وركعتين بعد العشاء ، ولكنه لم يثبت قبل الظهر إلا ركعتين والمتعين ، المصير إلى مشروعية جميع ما اشتملت عليه هذه الأحاديث ، وهو وإن كان أربع عشرة ركعة والأحاديث مصرحة بأن الثواب يحصل باثنتي عشرة ركعة ، لكنه لا يعلم الإتيان بالعدد الذي نص عليه صلى الله عليه وسلم في الأوقات التي جاء التفسير بها إلا بفعل أربع عشرة ركعة لما ذكرنا من الاختلاف




                                                                                                                                            الخدمات العلمية