الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الاجتهاد في الصلاة

                                                                                                          412 حدثنا قتيبة وبشر بن معاذ العقدي قالا حدثنا أبو عوانة عن زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفخت قدماه فقيل له أتتكلف هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفلا أكون عبدا شكورا قال وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة قال أبو عيسى حديث المغيرة بن شعبة حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في الاجتهاد في الصلاة ) قال في القاموس : الجهد الطاقة والمشقة ، واجهد جهدك ابلغ غايتك ، وجهد كمنع جد كاجتهد .

                                                                                                          ( حتى انتفخت قدماه ) وفي رواية للبخاري : حتى تورمت ، وفي رواية له : حتى تورم من الورم ، وللنسائي من حديث أبي هريرة : حتى تزلع قدماه بزاي وعين مهملة ، وقال البخاري في [ ص: 382 ] صحيحه : قالت عائشة : حتى تفطر قدماه ، والفطور الشقوق . قال الحافظ في الفتح : لا اختلاف بين هذه الروايات فإنه إذا حصل الانتفاخ أو الورم حصل الزلع والتشقق ، انتهى ( أتتكلف هذا ) أي فالزم نفسك بهذه الكلفة والمشقة ، وفي رواية الشيخين : لم تصنع هذا ( وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) قال ابن حجر المكي : قد ظن من سأل عن سبب تحمله المشقة في العبادة أن سببها إما خوف الذنب أو رجاء المغفرة ، فأفادهم أن لها سببا آخر أتم وأكمل وهو الشكر على التأهل لها مع المغفرة وإجزال النعمة ، انتهى " أفلا أكون عبدا شكورا " أي بنعمة الله علي بغفران ذنوبي وسائر ما أنعم الله علي . قال ابن حجر المكي في شرح الشمائل : أي أترك تلك الكلفة نظرا إلى المغفرة فلا أكون عبدا شكورا ، لا بل ألزمها وإن غفر لي لأكون عبدا شكورا ، وقال الطيبي : الفاء مسبب عن محذوف أي أأترك قيامي وتهجدي لما غفر لي فلا أكون عبدا شكورا ، يعني أن غفران الله إياي سبب لأن أقوم وأتهجد شكرا له فكيف أتركه .

                                                                                                          قول ابن بطال : في هذا الحديث أخذ الإنسان على نفسه بالشدة في العبادة وإن أضر ذلك ببدنه ; لأنه صلى الله عليه وسلم إذا فعل ذلك مع علمه بما سبق له فكيف بمن لم يعلم بذلك ، فضلا عمن لم يأمن من أنه استحق النار ، انتهى ، قال الحافظ : ومحل ذلك ما إذا لم يفض إلى الملال ؛ لأن حال النبي صلى الله عليه وسلم كانت أكمل الأحوال فكان لا يمل من عبادة ربه وإن أضر ذلك ببدنه ، بل صح أنه قال : وجعلت قرة عيني في الصلاة . فأما غيره صلى الله عليه وسلم فإذا خشي الملال لا ينبغي له أن يكره نفسه ، وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم : خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( في الباب عن أبي هريرة وعائشة ) أما حديث أبي هريرة فأخرجه النسائي . وأما حديث عائشة فأخرجه البخاري .

                                                                                                          قوله : ( حديث المغيرة بن شعبة حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجه .




                                                                                                          الخدمات العلمية