الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 309 ] 14 - قالوا : حديث في التشبيه

        آخر وطأة وطئها الله تعالى بوج

        قالوا : رويتم أنه قال لأحد ابني ابنته : والله إنكم لتجبنون وتبخلون ، وإنكم من ريحان الله ، وإن آخر وطأة وطئها الله ب " وج " .

        قال أبو محمد : ونحن نقول : إن لهذا الحديث مخرجا حسنا قد ذهب إليه بعض أهل النظر وبعض أهل الحديث ، قالوا : إن آخر ما أوقع الله - عز وجل - بالمشركين بالطائف وكانت آخر غزاة غزاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ب " وج " ، و " وج " واد قبل الطائف ، وكان سفيان بن عيينة يذهب إلى هذا .

        قال : وهو مثل قوله في [ ص: 310 ] دعائه : اللهم اشدد وطأتك على مضر ، وابعث عليهم سنين كسني يوسف ، فتتابع القحط عليهم سبع سنين حتى أكلوا القد والعظام .

        وتقول في الكلام : اشتدت وطأة السلطان على رعيته ، وقد وطئهم وطئا ثقيلا ووطء المقيد قال الشاعر :


        ووطئتنا وطأ على حنق وطء المقيد ثابت الهرم



        والمقيد أثقل شيء وطئا ؛ لأنه يرسف في قيده فيضع رجليه معا ، والهرم نبت ضعيف ، فإذا وطئه كسره وفته ، وهذا المذهب بعيد من الاستكراه قريب من القلوب غير أني لا أقضي به على مراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأني قرأت في الإنجيل الصحيح أن المسيح - عليه السلام - قال للحواريين : " ألم تسمعوا أنه قيل للأولين لا تكذبوا إذا حلفتم بالله تعالى ، ولكن اصدقوا ، وأنا أقول لكم : لا تحلفوا بشيء ، لا بالسماء فإنها كرسي الله تعالى ، ولا بالأرض فإنها موطئ قدميه ، ولا بأورشليم بيت المقدس فإنها مدينة الملك الأكبر ، ولا تحلف برأسك فإنك لا تستطيع أن تزيد فيه شعرة سوداء ، ولا بيضاء ، ولكن ليكن قولكم نعم نعم ، ولا لا ، وما كان سوى ذلك فإنه من الشيطان " .

        قال أبو محمد : هذا مع حديث حدثنيه يزيد بن عمرو قال : حدثنا [ ص: 311 ] عبد الله بن الزبير المكي قال : حدثنا عبد الله بن الحارث ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن كعب قال : ( إن وجا مقدس منه عرج الرب إلى السماء يوم قضاء خلق الأرض ) .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية