الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم

                                          [6915] أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة ، أنبأ محمد بن شعيب ، أخبرني عتبة بن أبي حكيم ، حدثني عمرو بن جارية ، عن أبي أمية الشعباني ، قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني ، فقلت: كيف تصنع بهذه الآية؟ قال: وأية آية؟ قال: قلت يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم فقال أبو ثعلبة: أما والله لقد سألت عنها خبيرا ، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بل مروا بالمعروف ، وتناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شحا مطاعا ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، ورأيت أيام الصبر ، صبر منهن على مثل قبض على الجمر ، للعامل فيهن كأجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله. [ ص: 1226 ]

                                          [6916] حدثنا أبي ، ثنا ابن أبي عمر العدني ، قال سفيان في قوله: عليكم أنفسكم قال: عليكم أهل دينكم

                                          [6917] أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، فيما كتب إلي، ثنا أحمد بن المفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي ، قوله: عليكم أنفسكم يقول أهل ملتكم مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر

                                          [6918] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو يحيى الرازي يعني: إسحاق بن سليمان ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن صفوان بن محرز ، قال: أتاه رجل من أصحاب الأهواء ، فذكر له بعض أمره ، فقال له صفوان : ألا أدلك على خاصة الله التي خص بها أولياءه يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم

                                          قوله تعالى: لا يضركم من ضل

                                          [6919] حدثنا عبيد الله بن سعيد بن إبراهيم الزهري ، ثنا عمي ، ثنا أبي ، عن الوليد بن كثير ، عن محمد بن مسلم بن شريك الثقفي ، أن إسماعيل ، مولى خراش حدثهم أن قيس بن أبي حازم حدثه أنه ، سمع أبا بكر الصديق ، وهو على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وإنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يكون المنكر بين ظهراني قوم لا يغيرون إثما أوشك أن يعمهم الله العذاب.

                                          [6920] حدثنا أبي ، ثنا مسلم بن إبراهيم ، ثنا مالك بن مغول ، ثنا علي بن مدرك ، عن أبي عامر ، أنه كان فيهم شيء فاحتبس على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أتاه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما حبسك؟. قال: يا رسول الله قرأت هذه الآية: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل من الكفار إذا اهتديتم

                                          [6921] حدثنا أبي ، أخبرني عبيد الله بن حمزة ، قال: سمعت أبي قال: ثنا أبو سنان ، في قوله: لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال: من الأمم إذا اهتديتم [ ص: 1227 ]

                                          الوجه الثاني

                                          [6922] حدثنا كثير بن شهاب القزويني المذحجي ، ثنا محمد بن سعيد بن سابق ، ثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، عن عبد الله بن مسعود ، في قوله: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال: كانوا عند عبد الله بن مسعود جلوسا فكان بين رجلين ما يكون بين الناس حتى قام كل واحد منهما إلى صاحبه، فقال رجل من جلساء عبد الله : ألا أقوم فآمرهما بالمعروف وأنهاهما عن المنكر ، فقال آخر إلى جنبه: عليك بنفسك فإن الله يقول: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال: فسمعها ابن مسعود فقال: مه لم يجئ تأويل هذه الآية بعد ، إن القرآن أنزل حيث أنزل ، ومنه آي قد مضى تأويلهن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنه آي يقع تأويلهن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنين ، ومنه آي يقع تأويلهن بعد اليوم ، ومنه آي يقع تأويلهن عند الحساب ، على ما ذكر من الحساب والجنة والنار ، فما دامت قلوبكم واحدة ، وأهواؤكم واحدة ، ولم تلبسوا شيعا ، ولم يذق بعضكم بأس بعض ، فمروا وانهوا فإذا اختلفت القلوب والأهواء ، وألبستم شيعا ، وذاق بعضكم بأس بعض فكل امرئ ونفسه فعند ذلك جاء تأويل هذه الآية

                                          [6923] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن شريح ، ثنا أبو أحمد الزبيري ، ثنا معقل بن عبيد الله ، عن حبيب بن حري ، عن مكحول : أن رجلا ، سأله عن قول الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم فقال: إن تأويل هذه الآية لم يجئ، إذا هاب الواعظ ، وأنكر الموعوظ ، فعليك بنفسك لا يضرك حينئذ من ضل إذا اهتديت

                                          الوجه الثالث

                                          [6924] حدثنا أبي ، ثنا هشام بن خالد الدمشقي ، ثنا الوليد ، ثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن كعب ، في قول الله عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال: إذا هدمت كنيسة مسجد دمشق فجعلوها مسجدا وظهر لبس العصب فحينئذ تأويل هذه الآية [ ص: 1228 ]

                                          الوجه الرابع

                                          [6925] حدثنا أبي ، ثنا محمد بن الوزير ، ثنا ابن شعيب ، حدثني عمر ، مولى غفرة قال: إنما نزلت هذه الآية: لأن الرجل كان يسلم ويكفر أبوه ، ويسلم الرجل ويكفر أخوه ، فلما دخل قلوبهم حلاوة الإيمان دعوا آباءهم وإخوانهم فقالوا: حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا ، فأنزل الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم

                                          قوله تعالى: إذا اهتديتم

                                          [6926] حدثنا أبي ، ثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن أبي العباس ، عن أبي البختري ، عن حذيفة ، في قوله: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم يقول: أطيعوا أمري واحفظوا وصيتي

                                          [6927] أخبرنا محمد بن سعد العوفي ، فيما كتب إلي ، حدثني أبي ، حدثني عمي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: لا يضركم من ضل إذا اهتديتم يقول: إذا ما أطاعني العبد فيما أمرته من الحلال والحرام فلا يضره من ضل بعده إذا عمل بما أمرته به

                                          [6928] قرأت على محمد بن الفضل ، ثنا محمد بن علي ، ثنا محمد بن مزاحم ، عن بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، قوله: لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال: لا يضركم ضلالة من ضل من مجوس أهل هجر وغيرهم من المشركين وأهل الكتاب من النصارى واليهود

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية