الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر آية 90

                                          [6742] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا ابن أبي غنية ، ثنا أبو حيان التيمي ، عن الشعبي ، عن ابن عمر ، عن عمر ، قال: نزل تحريم الخمر وهي تصنع من خمس: من الشعير والحنطة، ومن العنب، والتمر، والعسل، والخمر ما خامر العقل.

                                          [6743] وحدثنا أبي، ثنا مسلم بن إبراهيم بن هشام الدستوائي ، ثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب ، قال: إنما سميت الخمر لأنها صفا صفوها، وسفل كدرها.

                                          [6744] حدثنا أبي ، ثنا عبد الله بن رجا، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن هلال بن أبي هلال ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو ، قال: إن هذه الآية التي في القرآن: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون قال: هي في التوراة: إن الله أنزل الحق ليذهب به ويبطل به اللعب والمزامير والزفن والكنانات يعني البراية، والزمارات يعني به الدف والقنابير والشعر والخمر لمن طعمها، أقسم الله بيمينه وعزه من شربها بعد ما حرمت لأعطشنه يوم القيامة، ومن تركها بعد ما حرمتها لأسقينه إياها في جنة الفردوس.

                                          قوله تعالى: والميسر

                                          من فسره على أنه النرد:

                                          [6745] حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، ثنا هشام بن عمار ، ثنا صدقة ، ثنا عثمان بن أبي العاتكة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا هذه الكعاب المرسومة التي يزجر بها زجرا، فإنها من الميسر.

                                          [6746] حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، ثنا سفيان ، عن عبد الملك بن عمير، وإبراهيم بن مسلم الهجري، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال: إياكم وهذه الكعاب الموسومات، فإنها ميسر العجم وروي عن علي، وابن عمر ، وعائشة نحو ذلك.

                                          [ ص: 1197 ] من فسره على أنه القمار:

                                          [6747] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا شجاع بن الوليد أبو بدر ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال: الميسر هو القمار.

                                          [6748] حدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب، أنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قوله: والميسر قال: القمار، كانوا يتقامرون في الجاهلية إلى مجيء الإسلام فنهاهم الله عن هذه الأخلاق القبيحة.

                                          [6749] حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، ثنا وكيع، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد، وعطاء ، وطاوس، قال سفيان أو اثنين منهم قالوا: كل شيء من القمار فهو في الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز " وروي عن راشد بن سعد، وضمرة بن حبيب مثله، وقالا: حتى الكعاب، والجوز، والبيض التي يلعب بها الصبيان.

                                          من جعل الميسر كلما ألهى عن ذكر الله:

                                          [6750] حدثنا بحر بن نصر المصري، ثنا ابن وهب ، قال يحيى بن عبد الله بن سالم : حدثني عبيد الله بن عمر ، قال: سئل القاسم بن محمد عن النرد، أهي في الميسر؟ فقال: كل ما ألهى عن ذكر الله، وعن الصلاة فهو الميسر.

                                          من جعل اللعب بالشطرنج من الميسر:

                                          [6751] حدثنا أبي ، ثنا ابن مرحوم، ثنا حاتم، ثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب ، أنه كان يقول: الشطرنج من الميسر.

                                          من جعل الضرب بالقدح من الميسر:

                                          [6752] حدثنا محمد بن عزيز الأيلي ، ثنا سلامة ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن الأعرج ، قال: الميسر الضرب بالقدح على الأموال والثمار.

                                          من جعل بيع اللحم بالحيوان من الميسر:

                                          [6753] حدثنا أبي ، ثنا القعنبي عبد الله بن مسلمة، قال: قرأت على مالك، عن [ ص: 1198 ] داود بن الحصين، أنه سمع سعيد بن المسيب ، يقول: كان ميسر أهل الجاهلية بيع اللحم بالشاة والشاتين.

                                          قوله تعالى: والأنصاب

                                          [6754] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، ثنا حجاج بن محمد ، أنا ابن جريج ، وعمر بن عطاء ، عن عطاء ، عن عبد الله بن عباس ، قال: الأنصاب حجارة كانوا يذبحون لها وروي عن مجاهد، وعطاء ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، والربيع بن أنس ، ومقاتل بن حيان نحو ذلك.

                                          قوله تعالى: والأزلام

                                          [6755] وبه عن ابن عباس ، قوله: والأزلام قال: والأزلام قداح كانوا يقتسمون بها الأمور وروي عن الحسن ، ومجاهد ، وعطاء ، وإبراهيم ، ومقاتل بن حيان نحو ذلك.

                                          الوجه الثاني:

                                          [6756] حدثنا أحمد بن سنان ، ثنا أبو أحمد ، ثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير ، في قوله: والأزلام قال: كانت لها حصيات إذا أراد أحدهم أن يغزو أو يجلس استقسم بها وروي عن الثوري نحو ذلك.

                                          [6757] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله: والأزلام يعني القدحين اللذين كانا يستقسم بهما أهل الجاهلية في أمورهم أحدهما مكتوب عليه أمرني ربي، والآخر نهاني ربي، فإذا أرادوا أمرا يربون بها، فإذا خرج الذي عليه مكتوب أمرني ربي ركبوا الأمر الذي هموا به، فإن خرج الذي مكتوب عليه نهاني ربي تركوا الأمر الذي أرادوا يركبونه فهذه الأزلام.

                                          قوله تعالى: رجس

                                          [6758] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله: رجس يقول: سخط.

                                          [ ص: 1199 ] والوجه الثاني:

                                          [6759] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله: رجس من عمل الشيطان يعني: إنما يعني ما ذكر من الخمر، والميسر، والأنصاب، والأزلام.

                                          والوجه الثالث:

                                          [6760] أخبرنا أبو يزيد القراطيسي ، فيما كتب إلي، ثنا أصبغ بن الفرج ، قال: سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، يقول في قوله: رجس من عمل الشيطان قال: الرجس: الشر من عمل الشيطان.

                                          قوله تعالى: من عمل الشيطان

                                          [6761] حدثنا أبو داود ، ثنا يحيى بن عبد الله ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله: من عمل الشيطان يعني: من تزيين الشيطان.

                                          قوله تعالى: فاجتنبوه

                                          [6762] حدثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا محمد بن أبي حسين، عن المصري ابن طعرة، قارئ مصر قال: سمعت ابن عمر ، يقول: نزلت في الخمر ثلاث آيات، فأول شيء نزل: يسألونك عن الخمر والميسر الآية، فقيل: حرمت الخمر، فقالوا: يا رسول الله دعنا ننتفع بها كما قال الله تعالى، قال: فسكت عنهم.

                                          ثم نزلت هذه الآية لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فقيل: حرمت الخمر؟ فقالوا: يا رسول الله: إنا لا نشربها قرب الصلاة فسكت عنهم، ثم نزلت هذه الآية يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمت الخمر.


                                          [6763] وحدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله ، ثنا ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، في قوله: رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه فهذا تحريمهن كما قال الله: فاجتنبوا الرجس من الأوثان يعني: عبادة الأصنام، فحرم الخمر كما حرم عبادة الأصنام.

                                          [ ص: 1200 ] قوله تعالى: لعلكم

                                          [6764] وبه عن سعيد بن جبير ، قول الله: لعلكم تفلحون يعني: لكي تفلحوا

                                          قوله تعالى: تفلحون

                                          [6765] حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، ثنا ابن وهب ، أنبأ أبو حجر المديني ، عن محمد بن كعب القرظي ، لعلكم تفلحون يقول: لعلكم غدا إذا لقيتموني

                                          [6766] حدثنا محمد بن العباس ، مولى بني هاشم ، ثنا محمد بن عمرو زنيج ، ثنا سلمة ، قال: قال محمد بن إسحاق لعلكم تفلحون أي لعلكم أن تنجوا مما حذركم الله به من عذابه ، وتدركون ما وعدكم فيه من ثوابه

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية