الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله تعالى: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم آية 89

                                          [6701] حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني، ثنا عبدة بن سليمان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن عائشة، في قول الله: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم قالت: هو قول الرجل: لا والله، وبلى والله.

                                          [6702] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح كاتب الليث ، حدثني ابن لهيعة ، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير ، قال: كانت عائشة تقول: إنما اللغو في المزاحة والهزل وهو قول الرجل: لا والله، وبلى والله، فذلك لا كفارة فيه، إنما الكفارة فيما عقد عليه قلبه مثل أن يفعله ثم لا يفعله.

                                          [6703] وروي عن ابن عمر ، وابن عباس في أحد أقواله والشعبي ، وعكرمة في أحد قوليه وعطاء ، والقاسم بن محمد ، ومجاهد في أحد قوليه وعروة بن الزبير ، وابن صالح، والضحاك في أحد قوليه وأبي قلابة، والزهري نحو ذلك.

                                          والوجه الثاني: وهو أحد قولي عائشة.

                                          [6704] قرئ على يونس بن عبد الأعلى ، ثنا ابن وهب ، أخبرني الثقة، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة، أنها كانت تأول هذه الآية، يعني قوله: [ ص: 1190 ] لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم وتقول: هو الشيء يحلف عليه أحدكم لا يريد منه إلا الصدق، فيكون على غير ما حلف عليه وروي عن أبي هريرة ، وابن عباس في أحد قوليه وسليمان بن يسار ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وإبراهيم النخعي في أحد قوليه والحسن ، وزرارة بن أوفى، وأبي مالك ، وعطاء الخراساني ، وبكر بن عبد الله ، وأحد قولي عكرمة ، وحبيب بن أبي ثابت ، والسدي ، ومكحول ، وطاوس، وقتادة ، ومقاتل بن حيان ، والربيع بن أنس ، وربيعة ، ويحيى بن سعيد نحو ذلك.

                                          وقد روي عن عائشة القولان جميعا في حديث واحد.

                                          [6705] حدثنا به عصام بن رواد ، ثنا آدم، ثنا شيبان ، عن جابر، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عائشة، قالت: هو قوله: لا والله وبلى والله، وهو يرى أنه صادق فلا يكون كذلك.

                                          والوجه الثالث:

                                          [6706] حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثني عقبة بن خالد ، عن عقبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم قال: هو الرجل يحلف على المعصية يعني: ألا يصلي ولا يصنع الخير.

                                          والوجه الرابع:

                                          [6707] حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، ثنا عبد الرزاق ، قال هشيم : أخبرني المغيرة ، عن إبراهيم ، قال: هو الرجل يحلف على شيء ثم ينسى.

                                          والوجه الخامس:

                                          [6708] أخبرنا أبي قال: بلغني عن يحيى، عن ابن عجلان، وعمرو بن الحارث، عن زيد بن أسلم ، لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم قال: هو قول الرجل أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا، أخرجني الله من مالي إن لم آتك هذا، فهو هذا.

                                          والوجه السادس:

                                          [6709] أخبرني أبي، ثنا أبو الجماهر ، ثنا سعيد بن بشير ، حدثني أبو مبشر، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: لغو اليمين أن تحرم ما أحل الله لك، فذلك ما ليس عليك فيه كفارة وروي عن سعيد بن جبير نحوه.

                                          [ ص: 1191 ] والوجه السابع:

                                          [6710] حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني، ثنا مسدد ، ثنا خالد بن عبد الله الواسطي، ثنا عطاء بن السائب ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال: لغو اليمين أن تحلف، وأنت غضبان.

                                          قوله تعالى: ولكن يؤاخذكم

                                          [6711] حدثنا علي بن الحسن ، حدثنا مسدد ، ثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، في قوله: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم قلت: هو قول الرجل: لا والله وبلى والله؟ قال: لا، ولكنه تحريمك ما أحل الله لك، فذلك الذي لا يؤاخذك الله بتركه، وكفر عن يمينك.

                                          قوله تعالى: بما عقدتم الأيمان

                                          [6712] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا وكيع، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان قال: ما تعمدتم وروي عن عطاء نحو ذلك.

                                          [6713] وحدثنا العباس بن الوليد ، أخبرني ابن شعيب يعني محمد بن شعيب بن شابور ، أخبرني عثمان بن عطاء ، عن أبيه عطاء بن أبي مسلم ، أنه قال: أما ما عقدتم الأيمان، فيقال: ما عزمتم على وفائه قال أبو محمد : يعني ألا تحنثوا.

                                          قوله تعالى: فكفارته

                                          [6714] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله: فكفارته يعني: اليمين العمد الكذب، إطعام عشرة مساكين.

                                          قوله تعالى: إطعام عشرة مساكين

                                          [6715] حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، ثنا وكيع، عن ابن أبي ليلى ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن علي، قال: في كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين صاع من حنطة وروي عن عمرو ، وعائشة، ومنصور بن عمران ، ومجاهد ، وإبراهيم النخعي ، والشعبي ، وسعيد بن جبير ، والحكم، وأبي مالك ، والضحاك ، ومقاتل بن حيان ، ومكحول ، وأبي قلابة نحو ذلك.

                                          [ ص: 1192 ] الوجه الثاني:

                                          [6716] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا ابن إدريس ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال: فدا من بر يعني: لكل مسكين وريعه إدامه وروي عن ابن عمر ، وزيد بن ثابت ، وسليمان بن يسار ، وأبي سلمة ، وسعيد بن المسيب ، والقاسم ، وسالم ، ومجاهد ، وعطاء ، وعكرمة ، والزهري ، والحسن ، وجابر بن زيد ، ومحمد بن سيرين نحو ذلك.

                                          قوله تعالى: من أوسط

                                          [6717] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله: من أوسط يعني: من أعدل وروي عن ابن عباس ، وعكرمة نحو ذلك.

                                          والوجه الثاني:

                                          أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة، أخبرني ابن شعيب ، أخبرني عثمان بن عطاء ، عن أبيه عطاء ، قوله: من أوسط قال: من أمثل.

                                          قوله تعالى: من أوسط ما تطعمون أهليكم

                                          [6718] حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن حجاج، عن حصين الحارثي، عن الشعبي ، عن الحارث، عن علي، قوله: من أوسط ما تطعمون أهليكم قال: تغديهم وتعشيهم.

                                          والوجه الثاني:

                                          [6719] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو خالد الأحمر ، عن حجاج، عن أبي إسحاق ، عن الحارث، عن علي، قال: تمر، وزيت، ولبن، وخبز، وسمن.

                                          [6720] حدثنا عبد الرحمن بن خلف الحمصي، ثنا محمد بن شعيب بن شابور ، ثنا شيبان بن عبد الرحمن التميمي ، عن ليث بن أبي سليم، عن عاصم الأحول ، عن رجل، يقال له عبد الرحمن ، عن ابن عمر ، أنه قال: من أوسط ما تطعمون أهليكم قال: الخبز واللحم، والخبز والسمن، والخبز واللبن والزيت، والخبز والخل.

                                          [ ص: 1193 ] [6721] حدثنا علي بن حرب الموصلي ، ثنا أبو معاوية ، عن عاصم ، عن ابن سيرين ، عن ابن عمر ، في قوله: من أوسط ما تطعمون أهليكم قال: الخبز والسمن، والخبز والزيت والتمر، ومن أفضل ما تطعمهم الخبز واللحم وروي عن مكحول نحو ذلك.

                                          [6722] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، ثنا سفيان بن عيينة ، عن سليمان بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، قال ابن عباس : كان الرجل يقوت بعض أهله دون بعضهم قوتا فيه سعة، فقال الله تعالى: من أوسط ما تطعمون أهليكم الخبز والزيت.

                                          الوجه الثالث:

                                          [6723] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا حفص بن غياث ، عن سليمان بن المغيرة ، قال: سألت سعيد بن جبير من أوسط ما تطعمون أهليكم قال: كان أهل المدينة يقولون: الصغير على قدره، والكبير على قدره، ويأمرون بالوسط.

                                          والوجه الرابع:

                                          [6724] حدثنا أبو سعيد الأشج ، عن وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر ، عن ابن عباس ، من أوسط ما تطعمون أهليكم قال: من عسرهم ويسرهم.

                                          قوله تعالى: أو كسوتهم

                                          [6725] حدثنا أبو سعيد الأشج ، وعمار بن خالد الواسطي، قال: ثنا القاسم بن مالك، عن محمد بن الزبير، عن أبيه، قال: سألت عمران بن حصين عن قوله: أو كسوتهم قال: لو أن وفدا قدموا على أميركم فكساهم قلنسوة قلنسوة قلتم قد كسوا.

                                          والوجه الثاني:

                                          [6726] حدثنا أبي ، ثنا الحسن بن الربيع ، ومروان بن جعفر بن سعد بن سمرة، قال: ثنا عمر ، عن برد، عن نافع ، عن ابن عمر ، في الكسوة ثوب أو إزار.

                                          [6727] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : أو كسوتهم والكسوة عباءة لكل مسكين أو شملة وروي عن سعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم ، وجابر بن زيد ، وطاوس، والحسن في إحدى [ ص: 1194 ] الروايات وعطاء ، وعكرمة ، ومجاهد ، والسدي ، ومكحول ، وأبي جعفر ، ومقاتل بن حيان ، والحكم، وعبدة بن أبي لبابة قالوا: ثوب.

                                          والوجه الثالث:

                                          [6728] حدثنا الأحمسي ، ثنا وكيع، عن يزيد بن إبراهيم ، عن ابن سيرين ، أن أبا موسى، كتب ثوبين من معقد البحرين وروي عن سعيد بن المسيب ، في أحد قوليه، والحسن في أحد قوليه نحو ذلك. قالا: ثوبين.

                                          قوله تعالى: أو تحرير رقبة

                                          [6729] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله: أو تحرير رقبة يعني: ما كان صغيرا أو كبيرا من أهل الكتاب فهو جائز.

                                          قوله تعالى: "أو .... أو ...."

                                          [6730] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا حفص بن غياث ، عن ليث ، عن مجاهد، عن ابن عباس ، قال: ما كان في القرآن أو أو فهو فيه بالخيار.

                                          [6731] حدثنا أسيد بن عاصم ، ثنا الحسين بن حفص ، ثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد، عن ابن عباس ، قال: كل شيء في القرآن أو أو فهو مخير، فإن كان فمن لم يجد فهو الأول.

                                          وروي عن عكرمة ، ومجاهد ، وعطاء ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، ومقاتل بن حيان نحو ذلك.

                                          قوله تعالى: فمن لم يجد

                                          [6732] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله: فمن لم يجد يعني: من لم يجد شيئا من هذه الثلاثة.

                                          قوله تعالى: فصيام ثلاثة أيام

                                          [6733] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا حفص بن غياث ، عن حجاج، عن [ ص: 1195 ] أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، أنه كان يقرأ كل شيء في القرآن متتابعات.

                                          [6734] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا وكيع، عن سفيان ، عن يعلى بن عطاء ، عمن سمع أبا هريرة ، يقول: إنما الصوم على من لم يجد.

                                          [6735] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله فصيام ثلاثة أيام يعني فليصم ثلاثة أيام في قراءة ابن مسعود متتابعات وروي عن أبي بن كعب ، والنخعي نحو ذلك.

                                          والوجه الثاني:

                                          [6736] حدثنا أبي ، ثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، ثنا هشيم ، عن حجاج، قال: سألت عطاء بن أبي رباح عن تفريق قضاء الثلاثة أيام في كفارة اليمين، فلم ير به بأسا.

                                          قوله تعالى: ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم

                                          [6737] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء ، عن سعيد ، قوله: ذلك يعني: الذي ذكر من الكفارة. وبه عن سعيد ، قوله: ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم يعني: اليمين العمد إذا حلفتم.

                                          قوله تعالى: واحفظوا أيمانكم

                                          [6738] وبه عن سعيد بن جبير ، قوله: واحفظوا أيمانكم يعني: لا تتعمدوا الأيمان الكاذبة.

                                          قوله تعالى: كذلك

                                          [6739] وبه عن سعيد ، قوله: كذلك يعني: هكذا يبين الله لكم.

                                          قوله تعالى: يبين الله لكم الآية

                                          [6740] وبه عن سعيد ، قوله: يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون يعني ما ذكر من الكفارة لعلكم تشكرون. وبه عن سعيد ، قوله: لعلكم يعني: لكي.

                                          [ ص: 1196 ] قوله تعالى: تشكرون

                                          [6741] حدثنا محمد بن العباس، مولى بني هاشم ، ثنا محمد بن عمرو ، ثنا سلمة ، قال: قال محمد بن إسحاق : لعلكم تشكرون أي: فاتقون فإنه شكر نعمتي.

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية