الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 574 ] 40- باب: ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة الجاثية

قوله تعالى: قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله جمهور المفسرين على أنها منسوخة ، لأنها تضمنت الأمر بالإعراض عن المشركين ، واختلفوا في ناسخها على أربعة أقوال: أحدها: آية السيف .

" أخبرنا عبد الوهاب الحافظ ، قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون ، وأبو طاهر الباقلاوي ، قالا: أبنا ابن شاذان ، قال: أبنا أحمد بن كامل ، قال: أبنا محمد بن سعد ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثني عمي ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس " قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ، قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يعرض عن المشركين إذا آذوه ، وكانوا يستهزئون به ويكذبونه ، فأمره الله أن يقاتل المشركين كافة ، فكان هذا من المنسوخ " .

روى الضحاك ، عن ابن عباس ، قال: نسخت بآية السيف أخبرنا المبارك بن علي ، قال: أبنا أحمد بن الحسين ، قال: أبنا البرمكي ، قال: أبنا محمد بن إسماعيل ، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود ، قال: [ ص: 575 ] بنا يعقوب بن سفيان ، قال: أبنا أبو صالح ، قال: حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما " قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ونحو هذا من القرآن مما أمر الله فيه بالعفو عن المشركين ، فإنه نسخ ذلك بقوله: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وقوله: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال: أبنا عمر بن عبيد الله ، قال: أبنا ابن بشران ، قال: أبنا إسحاق بن أحمد ، قال: أبنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، قال: أبنا عبد الرزاق ، قال: أبنا معمر ، عن قتادة " قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ، قال: نسختها فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم .

والقول الثاني: أن ناسخها قوله في الأنفال: فإما تثقفنهم في الحرب وقوله في براءة وقاتلوا المشركين كافة رواه سعيد ، عن قتادة .

" أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال: أبنا عمر بن عبيد الله ، قال: أبنا ابن بشران ، قال: أبنا إسحاق بن أحمد ، قال: أبنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني [ ص: 576 ] أبي ، قال: أبنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم .

والثالث: قوله: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر .

" أخبرنا ابن ناصر ، قال: أبنا ابن أيوب ، قال: أبنا ابن شاذان ، قال: أبنا أبو بكر النجاد ، قال: أبنا أبو داود ، قال: أبنا أحمد بن محمد ، قال: أبنا ابن رجاء ، عن همام ، عن قتادة " قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ثم نسخ ، فقال: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله الآية .

والرابع: قوله: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ، قاله أبو صالح .

ويمكن ، أن يقال: أنها محكمة لأنها نزلت على سبب ، وهو أنهم نزلوا في غزاة بني المصطلق على بير ، فأرسل عبد الله بن أبي غلامه ليستقي الماء ، فأبطأ عليه فلما أتى ، قال: ما حبسك ؟ ، قال: غلام عمر ما ترك أحدا يستقي حتى ملأ قرب النبي ، وقرب أبي بكر ، وملأ لمولاه ، فقال عبد الله : ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل: سمن كلبك يأكلك ، فبلغ قوله عمر [ ص: 577 ] فاشتمل بسيفه يريد التوجه إليه فنزلت هذه الآية ، رواه عطاء ، عن ابن عباس .

التالي السابق


الخدمات العلمية