الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ توريث الحملاء ]

واختلفوا في توريث الحملاء ، والحملاء هم الذين يتحملون بأولادهم من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام ، ( أعني : أنهم يولدون في بلاد الشرك ثم يخرجون إلى بلاد الإسلام وهم يدعون تلك الولادة الموجبة للنسب ) ، وذلك على ثلاثة أقوال :

1 - قول : إنهم يتوارثون بما يدعون من النسب ، وهو قول جماعة من التابعين وإليه ذهب إسحاق .

2 - وقول : إنهم لا يتوارثون إلا ببينة تشهد على أنسابهم ، وبه قال شريح ، والحسن وجماعة .

3 - وقول : إنهم لا يتوارثون أصلا .

وروي عن عمر الثلاثة الأقوال ، إلا أن الأشهر عنه أنه كان لا يورث إلا من ولد في بلاد العرب وهو قول عثمان ، وعمر بن عبد العزيز .

وأما مالك ، وأصحابه فاختلف في ذلك قولهم ، فمنهم من رأى أن لا يورثوا إلا ببينة ، وهو قول ابن [ ص: 683 ] القاسم ، ومنهم من رأى أن لا يورثوا أصلا ولا بالبينة العادلة ، وممن قال بهذا القول من أصحاب مالك عبد الملك بن الماجشون .

وروى ابن القاسم عن مالك في أهل حصن نزلوا على حكم الإسلام ، فشهد بعضهم لبعض أنهم يتوارثون ، وهذا يتخرج منه أنهم يتوارثون بلا بينة ; لأن مالكا لا يجوز شهادة الكفار بعضهم على بعض ، قال : فأما إن سبوا فلا يقبل قولهم في ذلك وبنحو هذا التفصيل قال الكوفيون والشافعي ، وأحمد ، وأبو ثور ، وذلك أنهم قالوا : إن خرجوا إلى بلاد الإسلام وليس لأحد عليهم يد قبلت دعواهم في أنسابهم ، وأما إن أدركهم السبي والرق فلا يقبل قولهم إلا ببينة . ففي المسألة أربعة أقوال : اثنان طرفان ، واثنان مفرقان .

وجمهور العلماء من فقهاء الأمصار ومن الصحابة علي وزيد ، وعمر أن من لا يرث لا يحجب مثل الكافر والمملوك والقاتل عمدا ، وكان ابن مسعود يحجب بهؤلاء الثلاثة دون أن يورثهم ( أعني : بأهل الكتاب وبالعبيد وبالقاتلين عمدا ) ، وبه قال داود ، وأبو ثور .

وعمدة الجمهور أن الحجب في معنى الإرث وأنهما متلازمان . وحجة الطائفة الثانية أن الحجب لا يرتفع إلا بالموت .

التالي السابق


الخدمات العلمية