الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مطلب : آداب الدعاء

: ومد إليه كف فقرك ضارعا بقلب منيب وادع تعط وتسعد ( مد ) أيها الداعي في دعائك ( إليه ) سبحانه وتعالى ( كف ) أي راحتك قال الأزهري : الكف الراحة مع الأصابع ، سميت بذلك ; لأنها تكف الأذى عن البدن ، والجمع كفوف وأكف ، وهي مؤنثة من الإنسان وغيره . وقيل مذكرة . يريد الناظم أنك إذا قمت في جوف الليل ، وقد تقدم أن وقت ذلك بعد النصف الأول من الليل ، فتوجه بكليتك إلى الله جل وعلا ومد إليه كف ( فقرك ) إليه اللازم لوجودك ، فلا يتصور انفكاكك عنه لحظة واحدة .

وإليه أشار شيخ الإسلام ابن تيمية برد الله مضجعه في قوله :

    الفقر لي وصف ذات لازم أبدا
كما الغنى أبدا وصف له ذاتي

حال كونك ( ضارعا ) أي متذللا مبالغا في السؤال والرغبة ، يقال ضرع يضرع بالكسر والفتح ، وتضرع إذا خضع وذل . قاله في النهاية . وقال الجوهري : وتضرع إلى الله أي ابتهل . في القاموس : ضرع إليه ويثلث ضرعا محركة وضراعة خضع وذل واستكان ، أو كفرح ومنع تذلل فهو ضارع ، وذلل لما روي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 510 ] قال { إن الله يستحي أن يبسط العبد يديه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبتين } رواه الخمسة إلا النسائي . وقال صلى الله عليه وسلم { إذا سألتم الله فأسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها } رواه أبو داود { وكان صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الدعاء } . وقوله ( بقلب منيب ) متعلق بضارع ، أي تائب راجع إلى الله عز وجل من الذنوب إلى الطاعات ، أو من الفرار منه إليه ، يقال ناب إلى الله تاب كأناب ( وادع ) الله سبحانه .

وبنبغي لك أن تتحرى المأثور عن منبع الهدى وينبوع النور مع مراعاة آداب الدعاء . فإن فعلت ذلك ( تعط ) ما سألته عن خيري الدنيا والآخرة ( وتسعد ) سعادة لا شقاوة بعدها بتضرعك لمولاك وقيامك بالأدعية المأثورة الفاخرة ، وتنج من أليم العذاب وألم الحجاب ، وتجاور ربا كريما إذا سئل أعطى وإذا دعي أجاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية