الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما يقول إذا سمع الرعد

                                                                                                          3450 حدثنا قتيبة حدثنا عبد الواحد بن زياد عن حجاج بن أرطاة عن أبي مطر عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق قال اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا عبد الواحد بن زياد ) العبدي البصري ( عن أبي مطر ) قال في التقريب : أبو مطر شيخ الحجاج بن أرطاة ، مجهول من السادسة ، وفي تهذيب التهذيب في ترجمته ذكره ابن حبان في الثقات . قوله : ( كان إذا سمع صوت الرعد ) بإضافة العام إلى الخاص للبيان ، فالرعد هو الصوت الذي يسمع من السحاب . كذا قال ابن الملك ، والصحيح أن الرعد ملك موكل بالسحاب ، وقد نقل الشافعي عن الثقة عن مجاهد أن الرعد ملك والبرق أجنحته يسوق السحاب بها ثم قال : وما أشبه ما قاله بظاهر القرآن . قال بعضهم : وعليه فيكون المسموع صوته أو صوت سوقه على اختلاف فيه ، ونقل البغوي عن أكثر المفسرين أن الرعد ملك يسوق السحاب والمسموع تسبيحه ( والصواعق ) قال القاري بالنصب فيكون التقدير وأحس الصواعق من باب : علفتها تبنا وماء باردا ، أو أطلق السمع وأريد به الحس من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل ، وفي نسخة يعني من المشكاة بالجر عطفا على الوعد وهو إنما يصح على بعض الأقوال في تفسير الصاعقة . قال بعضهم : قيل هي نار تسقط من السماء في رعد شديد فعلى هذا لا يصح عطفه على شيء مما قبله ، وقيل الصاعقة صيحة العذاب أيضا وتطلق على صوت شديد غاية الشدة يسمع من الرعد وعلى هذا يصح عطفه على صوت الرعد أي صوت السحاب ، فالمراد بالرعد السحاب بالقرينة إضافة الصوت إليه أو الرعد صوت السحاب ففيه تجريد وقال الطيبي : هي قعقعة رعد ينقض معها قطعة من نار يقال : صعقته الصاعقة إذا أهلكته فصعق أي مات إما لشدة الصوت وإما بالإحراق انتهى ( لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك ) قال القاري : الغضب استعارة المشبه به الحالة التي تعرض للملك عند انفعاله وغليان دمه ثم الانتقام من المغضوب عليه وأكبر ما ينتقم به القتل فلذلك ذكره ورشح الاستعارة به عرفا وأما الإهلاك والعذاب فجاريان على الحقيقة في حق الله تعالى انتهى .

                                                                                                          [ ص: 291 ] قلت : لا حاجة إلى تأويل الغضب بما ذكره القاري بل هو محمول على ظاهره كما تقدم مرارا في شرح أحاديث الصفات ( وعافنا ) أي أمتنا بالعافية ( قبل ذلك ) أي قبل نزول عذابك . قوله : ( هذا حديث غريب ) وأخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والنسائي في اليوم والليلة والحاكم في مستدركه .




                                                                                                          الخدمات العلمية