الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
[ ص: 472 ] ولما كان لا يستغني كل إنسان عن مخالطة أبناء الزمان ، إذ الإنسان مدني بالطبع ومفتقر لأبناء جنسه بالوضع ، بين لك الناظم من تخالط مع استعمال الحمية عن التخليط ، واستصحاب اليقظة من التخبيط ، والتحرز من التفريط .

فقال : مطلب : في مخالطة أهل التقى والتعبد وفيه بيان معنى التوفيق : وخالط إذا خالطت كل موفق من العلما أهل التقى والتعبد ( وخالط ) أيها الأخ المسترشد والمستغيث المستنجد ( إذا خالطت ) أحدا من أبناء زمانك ، وعاشرت شخصا من إخوانك وأخدانك ، ولم تقدر على استدامة العزلة ، أو احتجت لإصلاح بعض أمور دينك على يد إمام راسخ رحله ( كل ) مفعول خالط ( موفق ) لطرق الخيرات ، مهتد لسبل السعادات ، مسدد في الحركات والسكنات ، غير مخذول ولا مفرط ، ولا جهول ولا مخلط ، والتوفيق مصدر وفق يوفق .

قال الإمام المحقق ابن القيم في شرح منازل السائرين : التوفيق إرادة الله من نفسه أن يفعل بعبده ما يصلح به العبد بأن يجعله قادرا على فعل ما يرضيه مريدا له محبا له مؤثرا له على غيره ، ويبغض إليه ما يسخطه ويكرهه ، وهذا مجرد فعله تعالى والعبد محله .

قال وفسرت القدرية التوفيق بأنه خلق الطاعة ، والخذلان خلق المعصية ، انتهى .

وقالت المعتزلة : التوفيق خلق لطيف يعلم الرب تعالى أن العبد يؤمن عنده ، والخذلان محمول على امتناع اللطف . حكاه أبو المعالي في الإرشاد . وقال القاضي علاء الدين المرداوي في شرح التحرير : وفق أي سهل طريق الخير والطاعة ، والموفق اسم فاعل هو صفة من صفات الله تعالى ، سمي به ; لأنه يوفق العباد أي يرشدهم ويهديهم إلى طاعته ، مأخوذ من الوفق والموافقة وهي التحام بين الشيئين .

وقال البغوي : التوفيق من الله خلق قدرة الطاعة وتسهيل سبيل الخير ، وعكسه الخذلان .

التالي السابق


الخدمات العلمية