الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 117 ] قوله : ( ذلك بأنه على كل شيء قدير ، وكل شيء إليه فقير ، وكل أمر عليه يسير ، لا يحتاج إلى شيء ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) .

ش : ذلك إشارة إلى ثبوت صفاته في الأزل قبل خلقه . والكلام على ( كل ) وشمولها وشمول كل [ في كل ] مقام بحسب ما يحتف به من القرائن ، يأتي في مسألة الكلام إن شاء الله تعالى .

وقد حرفت المعتزلة المعنى المفهوم من قوله تعالى : والله على كل شيء قدير ( البقرة : 284 ) ، فقالوا : إنه قادر على كل ما هو مقدور له ، وأما نفس أفعال العباد فلا يقدر عليها عندهم ، وتنازعوا : هل يقدر على مثلها أم لا ؟ ! ولو كان المعنى على ما قالوا لكان هذا بمنزلة أن يقال : هو عالم بكل ما يعلمه ، وخالق لكل ما يخلقه ، ونحو ذلك من العبارات التي لا فائدة فيها . فسلبوا صفة كمال قدرته على كل شيء .

وأما أهل السنة ، فعندهم أن الله على كل شيء قدير ، وكل ممكن فهو مندرج في هذا . وأما المحال لذاته ، مثل كون الشيء الواحد موجودا معدوما في حال واحدة ، فهذه لا حقيقة له ، ولا يتصور وجوده ، ولا يسمى شيئا ، باتفاق العقلاء . ومن هذا الباب : خلق مثل نفسه ، وإعدام نفسه وأمثال ذلك من المحال .

وهذا الأصل هو الإيمان بربوبيته العامة التامة ، فإنه لا يؤمن بأنه رب كل شيء إلا من آمن أنه قادر على تلك الأشياء ، ولا يؤمن بتمام ربوبيته وكمالها إلا من آمن بأنه على كل شيء قدير .

التالي السابق


الخدمات العلمية